أنصاف أشخاص
أهلا بك عزيزى المشاهد فى حلقة جديدة من برنامج ” شخصيات عجيبة وغريبة كرهتنا فى حياتنا “، فهيا نسرد معا بعض تفاصيل وسمات هذه الشخصيات الغريبة التى ملأت كوكب الأرض وخرجت إلى طبقات الغلاف الجوى الخارجية الواصلة للفضاء وملأت باقى المجرات.
عزيزى المشاهد؛ شخصية اليوم شخصية ليس لها وصف علمى على ما أعتقد نظرا لغرابتها والحمد لله لقلتها، فلم يتوصل العلم حسب ظنى إلى تعريف جامع مانع أو وصف علمى ثابت لها.
ولكن يسعدنى أن نذكر معٱ بعض السلوكيات الصادرة عن هؤلاء التى قد تمكننا من أن نجتر الأحزان سويٱ ونتذكر المآسى والمواقف السخيفة التى سببتها لنا هذه المخلوقات الفريدة والمريبة.
إنهم يعتبرون أنفسهم دائما جزء غير مكتمل، فكرة غير مكتملة، قرار غير مكتمل، إنجاز غير مكتمل، موقف غير مكتمل، لا يكتملون إلا بوجود بقاياهم !
وما هى بقاياهم ؟
إنها البقايا التى تكملهم؛ صديق أو زميل عمل، أخ أو أب أو جار، أحد الأقارب أو الأم، بائع المحل فى العقار المجاور أو عامل النظافة فى مطعم، ذبابة على زجاج سيارة أحدهم أو حبة رمل فى حذائه.
والاختيار لا يقع دائما على نفس الشخص، ولا على نفس الذبابة فمن ذا الذى سيتفرغ لاتباع مريض منهم ؟
فلكل موقف شخص ( أو اللى يلاقوه فاضى ) , المهم أن يكون هناك من هو بجوارهم ويلاصقهم فى كل صغيرة قبل الكبيرة.
يلتصقون بأى مخلوق حتى ولو على غير وفاق معهم، المهم أن يشاركهم الحدث الآنى وليذهب فيما بعد إلى كهف فى الصحراء إلى الأبد.
يستمدون طاقتهم كلها حتى ولو لأداء أقل الأعمال من دعم مساند لهم، حتى ولو كان الشخص الداعم غير متفق على الهدف، فهناك من بجانبهم أثناء أداء مصلحة أو شراء شئ أو اتخاذ قرار أو الذهاب للسفر أو حتى التنزه أو مشاهدة فيلم، فإنهم يظنون أنهم لو فعلوا فعلٱ بمفردهم فربما ( تهاجمهم الوحوش أو تختطفهم البومات أو تخدشهم القطط).
من غرائب هؤلاء أنهم أحيانا ما يختارون الشخص الذى يستعينون به ليس الأقرب لهم، بل يتخطون القريب إلى البعيد، فيشاركون خصوصياتهم مع زميل العمل وليس مع الأخ، مع جار لهم وليس مع الزوج أو الزوجة، مع إبن العم وليس مع الإبن أو الإبنة، فيطلعون الأباعد على أمور لم يطلع عليها الأقربون، فيصبح الصديق أعلم من الزوج أو الزوجة، والجار أعلم من الأخ وهكذا.
أضف إلى ذلك أنهم لا يحفظون سرا قط؛فأسرارهم مع كل هؤلاء على مر المواقف فكلما استعانوا بشخص أطلعوه على سر اليوم فتصبح أسرارهم كلها موزعة على حصى الأرض ونجوم السماء.
أفواههم لا تنغلق وكذلك هواتفهم من فرط القصص والحوارات والثرثرة ثم الثرثرة ثم الثرثرة.
لا يفتأ الحدث أن يقع إلا وتجدهم يتأكدون أنهم شاركوه مع درجات السلم واطباق المطبخ، والجدير بالذكر أن ما أقوله هذا يجرى على الرجال بنفس المعدل الذى يجرى به على النساء.
أليسوا غريبين وعجيبين ومثيرين للدهشة بل وللشفقة ايضا ؟
حيث أنهم أضعف من مواجهة حياة بمفردهم، أوهن من القيام بعمل بشجاعة وتفرد، فلو توافرت لهم القوة والجرأة والثقة بأفعالهم ولو بأقل مقادير منها، لما ركنوا إلى هذا وهذه ولقاموا بمهماهم داعين الله أن ينجزوها بعيدا عن إزعاج الغير لا أن يلهثون خلف هذا الإزعاج.
هل لهم من علاج ؟
الله أعلم.
ولكن على حد علمى، مادام العلم لم يصفهم ولم يتوصل إليهم بعد، فأنى له أن يصل للترياق ؟
أقترح على علماء النفس أن يطلقون عليهم تعريفا واحدا من ثلاث:
“أجزاء لها بقايا”, أو “مجرد أجزاء “، أو ” متى تكتفون بأنفسكم يا ولاد الذين ؟”
وليختر العلماء المسمى الأقرب من وجهة نظر العلم وليحاولوا مساعدتهم لربما أمكنهم اخراجهم من هذه الدائرة اللعينة التى أغلقوها بقوة، ولن تنفتح إلا بإدراكهم لحجم ازمتهم ثم رفضها ثم محاولة الخروج منها والبدء فى الاستقلال عن القطيع وعن الناس أجمع.
والآن نصل إلى ختام حلقة اليوم من” شخصيات غريبة كرهتنا فى حياتنا ” وإلى اللقاء فى حلقات قادمة مع شخصيات أغرب وأعجب، وحتى نلقاكم نتمنى لكم قضاء أسعد الأوقات مع شخصيات مكتملة بذاتها لا تبحث لنفسها عن ظل فى كل مكان.