دين إسلامى

ما يصل للمتوفى بعد وفاته

إنّ من إجماع العلماء على أنّ الدّعاء يصل إلى الميّت في قبره، وأنّه ينتفع بالصّدقة كذلك، وذلك لحديث:” إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث. ومنها : وولد صالح يدعو له “. وقد اختلف العلماء فيما سوى ذلك من الأعمال، أنّها تصل إلى الميّت أم لا، فمنهم من قال بأنّه لا يصله شيء منها، ومنهم من قال بأنّها تصله جميعها، ومنهم من فرّق بينها بشيء يصل وشيء لا يصل، وقد فصّل العيني القول في ذلك وانتصر للقائلين بوصوله فقال:” قلت اختلف النّاس في هذه المسألة، فذهب أبو حنيفة وأحمد رضي الله تعالى عنهما إلى وصول ثواب قراءة القرآن إلى الميّت.

وقال النّووي المشهور من مذهب الشافعي وجماعة أنّ قراءة القرآن لا تصل إلى الميّت، ولكن أجمع العلماء على أنّ الدّعاء ينفعهم ويصلهم ثوابه لقوله تعالى:” وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ “، الحشر/10، وغير ذلك من الآيات.

وبالأحاديث المشهورة منها قوله صلّى الله عليه وسلّم:” اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد “. ومنها قوله صلى الله عليه وسلم:” اللهم اغفر لحيّنا وميّتنا “. وغير ذلك. فإن قلت هل يبلغ ثواب الصّوم أو الصّدقة أو العتق؟ قلت روى أبو بكر النجار في كتاب ( السّنن ) من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، أنّه سأل النّبي – صلّى الله عليه وسلّم – فقال: يا رسول الله: إنّ العاص بن وائل كان نذر في الجاهلية أن ينحر مائة بدنة، وإنّ هشام بن العاص نحر حصّته خمسين أفيجزئ عنه؟ فقال النّبي صلّى الله عليه وسلّم: إنّ أباك لو كان أقرّ بالتوحيد فصمت عنه أو تصدّقت عنه أو أعتقت عنه بلغه ذلك.

فإن قلت قال الله تعالى:” وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى “، النجم/39، وهو يدلّ على عدم وصول ثواب القرآن للميت؟

اختلف العلماء في هذه الآية على ثمانية أقوال أحدها أنّها منسوخة بقوله تعالى:” والَّذِينَ آَمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ “، الطور/21.

أدخل الآباء الجنّة بصلاح الأبناء، قاله ابن عباس رضي الله عنهما، ومنها أن ليس للإنسان إلا ما سعى من طريق العدل، فأمّا من باب الفضل فجائز أن يزيد الله تعالى ما شاء قاله الحسين بن فضل، ومنها أنّه ليس له إلا سعيه غير أنّ الأسباب مختلفة، فتارةً يكون سعيه في تحصيل الشيء بنفسه، وتارةً يكون سعيه في تحصيل سببه مثل سعيه في تحصيل قراءة ولد يترحّم عليه وصديق يستغفر له، وتارةً يسعى في خدمة الدين والعبادة فيكتسب محبّة أهل الدّين، فيكون ذلك سبباً حصل بسعيه، حكاه أبو الفرج عن شيخه ابن الزغواني. وغير ذلك من الأقوال في تلك الآية “.

وقد أجمع العلماء على أنّ الميّت ينتفع بالصّدقات، سواءً أكانت صدقةً جاريةً، مثل بناء مسجد أو سقاية ماء، أو كانت صدقةً غير جارية، مثل إعطاء فقير بعض النّقود بنيّة أن يحصل الميّت على الثّواب.

. وقال النّووي رحمه الله في شرح حديث:” إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاثة: إلا من صدقة جارية “، وفيه أنّ الدّعاء يصل ثوابه إلى الميّت، وكذا الصّدقة، وهما مجمع عليهما.


• الاستغفار: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنَّ اللهَ لَيرفَعُ الدَّرجةَ للعبدِ الصَّالحِ في الجنَّةِ، فيقولُ: يا ربِّ، أنَّى لي هذه؟ فيقولُ: باستغفارِ ولدِكَ لكَ».
• قراءة القرآن الكريم للمتوفي يكتب للميت حسنات، و يخفف عنه قدر المستطاع ويرحمه الله سبحانه وتعالى في قبره.
• الصدقة: ومن الأدلة على ذلك: رُوي عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنه أنه قال: أنَّ سَعْدَ بنَ عُبَادَةَ رَضِيَ اللَّهُ عنْه تُوُفِّيَتْ أُمُّهُ وَهو غَائِبٌ عَنْهَا، فَقالَ: يا رَسولَ اللَّهِ إنَّ أُمِّي تُوُفِّيَتْ وَأَنَا غَائِبٌ عَنْهَا، أَيَنْفَعُهَا شيءٌ إنْ تَصَدَّقْتُ به عَنْهَا؟ قالَ: نَعَمْ، قالَ: فإنِّي أُشْهِدُكَ أنَّ حَائِطِيَ المِخْرَافَ صَدَقَةٌ عَلَيْهَا، ورُوي عن أبي هريرة -رضي الله عنه أنه قال: أنَّ رَجُلًا قالَ للنبيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: إنَّ أَبِي مَاتَ وَتَرَكَ مَالًا، وَلَمْ يُوصِ، فَهلْ يُكَفِّرُ عنْه أَنْ أَتَصَدَّقَ عنْه؟ قالَ: نَعَمْ، و رُوي عن سعد بن عبادة رضي الله عنه: أنَّ أُمَّهُ ماتت، فقال: يا رسولَ اللهِ! إنَّ أمي ماتت، أفأتصدقُ عنها؟ قال: نعم، قال: فأيُّ الصدقةِ أفضلُ؟ قال: سقْيُ الماءِ فتلك سقايةُ سعدٍ بالمدينةِ.

• الحج والعمرة: وذلك بعد أن يكون الحي قد حج واعتمر عن نفسه.
• قضاء الصوم كذلك هو من الأعمال التي تصل إلى الميت والدليل على ذلك ما رُوي عن بريدة بن الحصيب الأسلمي -رضي الله عنه- أنه قال: «أتت النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم امرأةٌ فقالت: يا رسولَ اللهِ إنِّي كنتُ تصدَّقتُ على أمِّي بصدقةٍ فماتت ورجعت الصَّدقةُ إليَّ، قال: فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: وجب أجرُك ورجعت إليك صدقتُك، فقالت: يا رسولَ اللهِ إنَّ أمِّي ماتت ولم تحُجَّ أفأحجُّ عنها؟ قال: نعم حُجِّي عنها، قالت: إنَّ أمِّي ماتت وعليها صومُ شهرٍ أفأصومُ عنها؟ قال: نعم فصُومي عنها.


• قضاء النذر والدين: فقد رُوي عن عبد الله بن عباس -رضي الله عنه أنه قال: «أنَّ امْرَأَةً جاءَتْ إلى النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فقالَتْ: إنَّ أُمِّي نَذَرَتْ أنْ تَحُجَّ فَماتَتْ قَبْلَ أنْ تَحُجَّ، أفَأَحُجَّ عَنْها؟ قالَ: نَعَمْ، حُجِّي عَنْها، أرَأَيْتِ لو كانَ علَى أُمِّكِ دَيْنٌ أكُنْتِ قاضِيَتَهُ؟، قالَتْ: نَعَمْ، فقالَ: اقْضُوا اللَّهَ الذي له، فإنَّ اللَّهَ أحَقُّ بالوَفاءِ»

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى
error: يمنع النسخ من هذا الموقع