الخسارة مكسب وليست خسارة
نعيش نتعلم كل يوم ومن كل موقف، والشخص الماهر لا يدع شيئا يمر من أمامه إلا ويتعلم منه، سواء حدث له أو حدث لغيره ، لا يكف عن التأمل والتحليل لكل موقف وعبارة ونظرة.
نتفق جميعا على أن المكسب مكسب، من يعطينى شيئا ؛ أموالا أو وظيفة أو منحة أو هدية ، فكلها مكاسب أكيدة وواضحة وتأتى بالنفع على من أخذها، ولكن ما قد نختلف عليه؛ هو أن الخسارة مكسب أكبر، وكلما ازداد حجم الخسارة ، كلما كان المكسب أكبر .
فإن كنت أعيش حياة عادية روتينية حريصة على أكلاشيهات التفكير التى يتبعها اغلب الناس، وأفكر فى نفسي وحياتى وحالى وعملى ولا ألتفت الى أحد، فسأصبح أنانية ، متمركزة حول ذاتى ، إنسانه عادية ومتوفر منى نسخ كثيرة ، لا أشعر إلا بمن يعيش حياة عادية مثلى .
فالاحساس الصادق؛ يأتى من معايشة التجارب المشابهه بمعنى أننى سأتفهم موقف المحتاج إن عايشت الاحتياج، وموقف الفقير إن عايشت الفقر ، وموقف المقهور إن عايشت القهر .
وإن لم أعش تجربة حب فاشلة تكسر قلبي وتضعفنى، فكيف سأشعر بالمنكسرة قلوبهم، وإن لم يضايقنى جارى أو يخدعنى صديقي أو يخوننى زميلى أو يسرقنى لصٱ، فكيف سأشعر بالمخدوعين والمنهوبين ؟
هذه الخسارة تعلمنا كيف نشعر بالغير ونقدر معاناتهم ومصائبهم وتكسبنا خبرة لنعطيهم النصيحة المناسبة بالشكل اللائق، وبتكرار الخسائر يزداد إحساسنا بالغير وتزداد خبراتنا وينشأ داخلنا بالتدريج سعة الصدر وفيض من المشاعر؛ يساعدنا على التسامح مع من يسيئون إلينا، وعلى الحنان تجاه من حولنا، وعلى إعطاء حب لكل من نتعامل معهم بنفس راضية تماما.
فالخسارة ليست دائمٱ خسارة، إنما تكون أحيانٱ مكسب كبير، مكسب معنوى نفسى إنسانى، يتميز ويختلف عما إعتدنا عليه من المكاسب المادية التقليدية التى تجعل منا نسخ تقليدية يتوفر منها المزيد والمزيد.