ما هو الصبر ؟
عرّف أهل العلم الصبر في اللغة على أنّه الحبس، وأمّا في الاصطلاح فأشار ابن تيمية رحمه الله إلى أنّ الصبر هو الذي لا يُرافقه شكوى الإنسان ولا جزعه.
وقال ابن مسعود إنّ الصبر نصف الإيمان، كما أنّ سعادة الإنسان مرتبطة بشكلٍ كبيرٍ بتحقيق معنى الصبر، فلا سعادة دون صبر؛ وذلك لأنّ الحياة دار ابتلاءاتٍ، وكذلك لأنّ المشاقّ والمتاعب التي تواجه الإنسان فيها كثيرة.
وممّا لا شكّ فيه أنّ الصبر من أعظم الأخلاق، وأرفعها مكانةً، فهو أساس الأخلاق وخير عطاءٍ من الله عزّ وجلّ، وممّا يدلّ على ذلك قول الرسول صلّى الله عليه وسلّم: (ما أعطي عبد عطاء خيراً وأوسع من الصبر)
فلولا الصبر لضاق الإنسان في الكروب والخطوب، ولصعبت عليه دنياه، وبالصبر يُحقّق الإنسان الدرجات العُلى في الدنيا وفي الجنة، فبالصبر يصل إلى الإنسان إلى مبتغاه، ويجدر بالذكر أنّ الله -عزّ وجلّ- جمّل أنبيائه عليهم السلام بخُلق الصبر.
وعرف بعض العلماء الصبر أنه هو التحمل وكبت الشكوى في انتظار إنجاز أو مكافأة، وسميت باسمه عصارة شديدة المرارة لنوع من الشجر، وهو صفة محمودة حثت عليها كل الأديان، فقد ورد في سورة البقرة “وبشر الصابرين” (155)، وفي سورة آل عمران “والله يحب الصابرين” (146)، وقيلت فيه حكم وأشعار لا تعد ولا تحصى.
والصبر مقسم على كل المخلوقات بحكمة بالغة، لكن في كلها تقريبا، والإناث أكثر صبرا من الذكور.
قال لنا العلماء أن للصبر مراكز في مقدمة المخ (الناصية)، تعاكسها منطقتان تشعلان الثورة والغضب هما اللوزتان في قاع المخ (غير لوزتي البلعوم بالطبع)، حتى وصف علماء المخ من يدخل في نوبة غضب ب “رهين اللوزتين”.. وفي الصبر جزء وراثي وجزء يتحقق بالتدريب ورياضة النفس والوازع الديني، وهو أكثر ثباتا واستقرارا عند الحيوان والطير.
أما الإنسان فكان أكثر صبرا في الماضي، لكن مع تسارع نمط الحياة وتنامي التقنيات أخذ صبره يقل.
والصبر عند الغضب في المشاحنات والمشادات اليومية مطلوبٱ فالمعاملات والاحتكاكات اليومية بين الناس تحتاج إلى صبر، وشاءت إرادة الله أن يكون للغضب مركزين في المخ هما اللوزتين كما ذكرنا، وكثيرا ما تندفعان أسرع من مراكز التروي والقرار في ناصية المخ، والفرق بين عملهما عشرون دقيقة تقريبا، بمعنى أن الانتقال من التهور إلى العقل يتطلب فترة وجيزة لاتنفع فيها المناقشة، والمشكلة تكمن في كيفية إحباط هاتين اللوزتين ومنعهما من إشعال الموقف حتى يتدخل العقل وبمقارنة الجنسين، لاحظ العلماء أن مناطق الغضب عند الرجل أكبر من مناطق التروي، بعكس المرأة التي تتمتع بمناطق تروي أكبر ومناطق غضب أصغر..
باختصار وإيجاز؛ الصبر في اللغة هو الحبس.