الفلسفةدين إسلامىعلم نفس

ما هى الطمأنينة ؟

قد يشرق المسلم أو يغرب في هذه الحياة بحثا عن راحة البال وسكون النفس وطمأنينة القلب, وقد يغفل أحيانا عن مصدر الطمأنينة المتمثل بدوام ذكر الله بكافة أنواع الذكر والطاعات, إلا أنه سرعان ما يدرك أن قلبه قد أصبح مضطربا وغير مطمئن, وأن القلق يجتاح كيانه وروحه قبل قلبه وعقله, فيرجع سريعا إلى منبع الطمأنية ومصدر راحة البال.



إن لحظات من خلوة المسلم بنفسه في زحمة الحياة التي قد تبعده عن مصدر الطمأنينة ومفتاح السعادة كفيلة بأن ترده من جديد إلى رحاب الطمأنينة والركون إلى جنب الله, وكفيلة بتبديد ظلمات القلق والهلع الذي قد ينتابه جراء البعد عن الله, والركون إلى الدنيا وزخرفها .


قد ينخدع المسلم أحيانا بزخرف الحياة المادية التي يحياها الناس في الدول الغربية, فيظن أن الطمأنينة تكمن في المال الوفير الذي يؤمن له متطلبات الحياة ومستلزماتها, ولكنه حين يغوص في أعماق حقيقة قلوب ونفوس هذه المجتمعات غير المؤمنة بالله تعالى, يدرك حجم الشقاء النفسي الذي يحيونه, ومقدار القلق الذي ينتاب قلوبهم ويجتاح نفوسهم.



إن نظرة سريعة لآفات القلق التي تفتك بالمجتمعات غير المؤمنة كفيلة للدلالة على عظمة هذا الدين, وبالإشارة إلى النعمة الكبرى والجائزة العظمى التي امتن الله تعالى بها على المسلمين, حيث أذن لهم بذكره, ودلهم على مصدر الطمأنينة والراحة والسعادة في الدنيا والفوز والنعيم في الآخرة.



ما دامت الطمأنينة هي هدف يسعى كل إنسان في هذه الحياة للوصول إليها, وما دام الله تعالى قد أرشدنا كمسلمين إلى مصدر هذه الطمأنينة ومنبعها الذي لا ينضب, فهل يعقل بعد كل ذلك أن يتغافل المسلم عن ذلك المصدر ويحيا حياة مليئة بالقلق وبعيدة عن الطمأنينة ؟!!

الطمأنينة هي الثقة وعدم القلق وزيادة سكون القلب، وذلك بحصول العلم اليقيني الناشئ عن الرؤية القلبية لتصديق الأمور.

فسيدنا إبراهيم عليه السلام مؤمنٌ بالله، ولا يريد أن يرى ليؤمن، بل ليزداد يقيناً ويسكن فكره وخاطره بذلك اليقين.

فلا يحتاج إلى معاودة الإستدلال ودفع الشُّبَهة عن القلب، في قوله تعالى {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَىٰ ۖ قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن ۖ قَالَ بَلَىٰ وَلَٰكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي…} سورة البقرة- أية رقم (260). 

وطمأنينة النفس راحتها وسكونها وثباتها، والطمأنينة أعم من السعادة لأن السعادة ترتبط بالمسرات أما الطمأنينة ترتبط بالقناعات والسلوكيات، ولأن السعادة مؤقتة أما الطمأنينة دائمة.

الطمأنينة هي الحياة الحقيقة السعيدة التي ينُشِدُها كلُ الناس ولكن لا يهتدون إليها.

والسعادة غاية كل إنسان في هذه الحياة والطمأنينة هي العامل الأهم في تحصيل تلك السعادة والركن الأبرز من أركان الحياة الهانئة الرغيدة المطمئنة. 

الطمأنينة تأتي بعد الأمن لأنه في وجود الحرب أو الخوف لا يمكن الوصول للطمأنينة ويتضح ذلك في قوله تعالى {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةُ…} سورة النحل- أية رقم (112)

أي أنها لم تكن آمنة فقط بل كانت في درجة أعلى من الأمن وهي الطمأنينة. 

فكما علمنا بالأعلى أن “الطمأنينة” هي حالة شعورية تحتاج إلى مسببات لحدوثها مثل أي فعل شعوري داخلي، ومن مسببات هذا الشعور عدة أمور منها روحية وقلبية ومنها حسية وجسدية.


مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى
error: يمنع النسخ من هذا الموقع