الأسرةالتربيةمقالات نورا عبد الفتاح

ليه أسيبك هادى لما ممكن أوتّر لك أعصابك ؟

أصبحت فكرة شائعة جدٱ، لا نسميها قاعدة ولكنها شائعة بشكل فج جدٱ وواسع، أن يقصد بعضنا ممارسة الضغط النفسى والعصبى على آخرين، لنيل غرض أو تحقيق مصلحة أو حتى للتسلية.

فعندما يحتاج أحدهم مصلحة من آخر ربما يمارس عليه ضغطٱ ما من نوع ما، حتى يستسلم وينفذ له ما يريد، أو إذا لم يعجب أحدهم رأى آخر، تجد الأول يمارس الصغط النفسى على الآخر حتى يتراجع عن رأيه المختلف ويتبعه كالماشية.

أحيانٱ مجرد شعور بعض المنهكون بأن هناك ثمة إنسان على الأرض، هادئ الطبع، يسبب لهم إزعاجٱ ويرون أنه من واجبهم أن يخلعوا عنه هدوئه ويلبسوه التوتر والقلق الذى لا يفارقهم.

الضغط النفسى والعصبى أسوء ما قد يهديه إنسان لإنسان، أسوء عقاب يمكن أن يمارسه شخص على غيره، أسوء رد فعل يمكن أن يقوم به شخص لأخذ حقه أو حتى للافتراء المحض.

يؤسفنى بشدة كم البرامج التافهة الشريرة التى تغذى الجوانب العدوانية داخلنا، والتى لا تهدف إلا إلى دفع الضيوف إلى الجنون أو الإنهيار النفسى، فليس فيها من الضحك شيئٱ ولا من خفة الدم مقدار ذرة، ما هى إلا ممارسات مختلة غير سوية من القائمين عليها والمخططين لها لإفساد الضمير العام وتعويد الناس على الإستمتاع بمشاهدة معاناة الغير والتنمر عليهم.

هل يصبحون سعداء بإيذاء الناس؟
هل يضحكون على شخص يتألم أو ينهار ؟

إنهم إذٱ لمرضى، يحتاجون مساعدة !
مساعدة لإستعادة البصيرة التى تميز بين السعادة بالطرق المشروعة والتلذذ بإيذاء الغير وممارسة الضغوط العصبية والذهنية دون أى شعور بالذنب.

والمحزن فى الأمر هو كم المشاهدات التى تحظى بها مثل هذه النوعية من البرامج، فالأمر إذٱ ليس شرٱ منفردٱ من القائمين على هذه المواد الإعلامية وإنما يقابله شرٱ مستطيرٱ من المشاهدين، إنهم يلهثون وراء هذه النوعيات من البرامج الهادمة للعقول والمجتمعات، بكل حرص وكثيرٱ ما تجد من يشجب ويعترض ثم تجده يتابعها بكل شغف وكل الحلقات، يشاهدها فى العرض الأول وفى الإعادة وعلى شبكات الإنترنت وكأنه يحفظها عن ظهر قلب، حتى يستطيع أن يمارسها بإحترافية مع كل من يتعامل معهم فى البيت والشارع والعمل والمواصلات العامة.

إنه يغرسها فى عقله غرسٱ حتى تصبح جزءٱ من شخصيته وبعد أن تتمكن منه ويصبح شرٱ يمشى على رجلين، يقول لك ” الحاجات دى مبتأثرش فيا، أنا عارف نفسى كويس، أنا باتسلى بس”.

الشر وتعمد إيذاء الغير إزداد بشكل كبير يدعو إلى الدهشة ويستدعى البحث وراء أسبابه وبداياته، فالأمر يسير وكأن هناك خطة لتدمير البشرية ذاتيٱ بكم الشر الكامن فيها، فشرها يكفى لتدميرها.

دائمٱ ما كنت أعاتب نفسى على توقع الشر من الناس وإتهامهم بأنهم أغلب الوقت ما يغلب شرهم خيرهم، ولكن عندما أرى هذا التشجيع والتصفيق والترحيب والمتابعة لمثل هذه البرامج ومحاولتهم ممارسة التضييق والإزعاج على الآخرين والشعور بالنشوى لذلك، أجد نفسى محقة فى نظرتى القاتمة لهم، وفى القاعدة التى أعممها على الجميع إلا من رحم الله.

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى
error: يمنع النسخ من هذا الموقع