حكم الشماتة فى الإسلام
لا شك أن الشامت من كبار الجهّال لجهلهِ حقيقة البلاء وجهلهِ حقيقة الدنيا، يعيش بطول الأمل كأن الدنيا تدوم لأحد، ولا يعلم أن الأيام دول وكل يوم ملك الملوك هو في شأن، من شأنه أن يحيي ويميت، ويعز ويذل، يرزق قوماً ويمنع عن آخرين، يستجيب دعاء، يهدي ضالاً، يرحم ميتًا، يفك أسيرًا يرفع أقوامًا ويضع آخرين، يَبتلي مذنب ويعفو عن ما يشاء، يعطي سائلاً، ويفرج مكروبًا.
سبحانه قلوب العباد بين أصبعين من أصابعه يقلبهم كيفما يشاء، له الحكمة في كل شيء وهو يعلم وهم لا يعلمون، هو يعلم ما يصلح عباده من بلاء وعافية من غناء وفقر، من مرض وعافية، من سفر وترحال من سجنٍ وحرية، يدبر الأمر وليس كمثلهِ شيء وهو السميع البصير..
فقد يشمت الأخ بأخيه وهو لا يعلم أن من عيّر أخاه بذنب لم يمت حتى يعمله، “لا تظهر الشماتة بأخيك فيرحمه الله ويبتليك”.
ولك أن تتخيل أن الشماتة من صفات أعداء الله وأعداء المسلمين قال الله تعالى:{إِن تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِن تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا وَإِن تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ}..[آل عمران:120].
فلا تفرح بسيئة أخيك، وعليك أن تقول عندما ترى غيرك مبتلى “الحمد لله الذي عافاني مما ابتلى به كثيراً ممن خلق، وفضلني تفضيلاً”، فلا يصيبك مثلما أصابه، وحاول أن تضع نفسك مكان المبتلى وتشعر بحاله وتحمد الله على ما أنت فيه..
بل من الواجب عليك كمسلم أن تقف بجوار أخيك في محنته، ويجب عليك إذا رأيت ذنب من أخيك أن تستره وتتوقف عن الكلام ولا تحدث به غيرك، فاليوم أنت شاهد وغداً لا تعلم من الممكن أن تكون مكانه، فاتقِ الله فيما تعلم عن إخوانك ولا تشمت بهم فالله هو المحيط وهو العليم، بل إن الشماتة بالتعيير بالذنب أشد من مرتكب الذنب نفسه..
يقول ابن القيِّم: “إنَّ تعييرك لأخيك بذنبه أعظم إثمًا مِن ذنبه، وأشدُّ مِن معصيته؛ لما فيه مِن صولة الطَّاعة، وتزكية النَّفس وشكرها”، واعلم أن الشماتة تؤدي إلى العداوة والكره والحقد بين الناس، وتزيد من قسوة قلوب الناس بعضهم البعض، فشتان بين من يقف بجوارك في مصيبتك وبين من يقف فرحًا مسروًرا من وقوعك في المصيبة، فالقلوب السليمة لا تنسى الفضل من أهل الفضل ولا تنسى من أساء وفرح فيها عند وقوع المقدور، فاحذر من أن تربي عداوات أنت في غنى عنها، والتمس العذر لأخيك المسلم، فكلنا ذو خطأ ومجبلون على المعصية.