الروح وعلومهاتنمية بشرية

هل طاقة الحقد قوية ؟

الحياة لا تخلو من المُتناقضات التي أصبح الإنسان يجد نفسه فيها و لها فصول عديدة الحقد و الكراهية صفتان موجودتان بداخل الإنسان ضعيف الإيمان ليقوم بإيذاء كل من حوله بتصرفات يندى لها الجبين و قبل كل ذلك يلون كل ما بداخله إلى سواد و الأدهى في ذلك يجد دائماً المُبررات لتصرفاته التي يقوم بها تجاه غيره.

عندما يُصادف الإنسان مثل هذا النوع يصعب عليه التعامل معه فيلجأ إلى الصمت و الترفع عنه لينتظر منه صحوة ضمير ليعود إلى صوابه و رشده و يُغير ما بداخله و يحول ذلك السواد و الكراهية إلى صفاء و نقاء بعيداً عن إيذائهم و يتعلم حُب الخير لغيره كما يُحبه لنفسه و أن يسمو بذاته و أخلاقه إلى درجات عليا و ينزع كل ما بداخله من سواد و أحقاد لأنه بهذه الطريقة سيؤذي حتى نفسه.

لكن هيهات عندما يتعفن ما بداخل الإنسان و يتحول إلى سواد و يموت ضميره ليصبح لا يسمع إلا لذاته و نفسه و يرى نفسه أنه أقرب إلى الكمال و الكمال إلا لله سبحانه و تعالى.

و يلجأ إلى إستعمال أساليب مُتنوعة و عديدة ضد كل من أخطأ في حقه بقصد أو بدون قصد ليؤذيه و ما إن يراه قد تأذى من تصرفاته يطلق العنان لأفراحه و يرقص على ألامه.

ماهذا الذي وصل إليه الإنسان و الحياة التي أصبحت مليئة بالمُتناقضات و أصبح الحقد و الكراهية سلاحان في يد الإنسان يستعملهما ضد كل من يسيء له أو يُخطأ.

لتكون ردة الفعل قاسية ويجد الإنسان نفسه قد خسر من جراء هذا التصرف أكثر مما كسبه فما الفائدة من حياة الإنسان و هو كل ما بداخله مُتعفن وقلبه خالٍ من الصفاء ليسأل الإنسان نفسه أين الصفح و العفو عند المقدرة و الترفع عن الأذى !!

إلى متى و نحن نرى مثل هذه المشاهد التي يندى لها الجبين وسيأتي يوم و يعض أصابعه ندماً على كل ما إقترفه في حق نفسه قبل غيره و قد تأتي الصحوة مُتأخرة بعد فوات الأوان.

الحقد في الإنسان كالوحش، هذا ما يؤكده  أحمد عباس حسن الذهبي من بغداد حيث يقول:

أي حياة يعيشها من أشقى فؤاده بالشقاء والضغينة لا تكن عبدا لأحقادك وقد جعلك الله حرا خلق الله الإنسان في أحسن تقويم، وشق سمعه وبصره وصوره فأحسن تصويره.

ووضح له طريق الحق وطريق الضلال، ابن آدم مخلوق عجيب متقلب الأمزجة والأهواء يسير حين يسيره هواه من أخبث الأمراض الروحية والنفسية التي تتولد في أعماق الإنسان الحقد فالإنسان الحقود معتقل من الداخل، سجين قفصه الصدري لا يستطع أن يمد يده إلى أحد لان يديه مغلولتان وشرايينه مسدودة وقلبه يطفح بالغل، وعادة يتمنى الحقود هلاك من يحقد عليه، وعادة ما يصيب أصحاب النفوس الضعيفة والعقليات المقيتة يمارسونها في السر والعلانية ضد من كتب له النجاح والتألق في حياته المهنية أوغيرها من المناصب التي يمكن أن تجلب لصاحبها الحقد والحسد من لدن أشخاص لم يجدوا في حياتهم اليومية إلا البحث عن إيذاء ومحاربة من كان التفوق والتألق حليفا له باستعمالهم شتى الطرق المقيتة والأساليب الدنيئة، فهناك أشخاص أنانيون مغرقون في اللؤم والدناءة لا يعرفون معروفا أبدا ولايفقهون إلا الكره اللامبرر والحقد الدفين المبنيين أحيانا على تعصب قبلي متخلف أو تنافس غير شريف في نفس العمل أو حتى الحياة اليومية فيخالجهم شعور دائم بمركب نقص.


 ظاهرة الحقد منتشرة بكل المجتمعات، لكن عندما تصبح الظاهرة مرضية وتشكل خطرا متزايدا على الأشخاص وحتى على المجتمع برمته، لا يسعنا هنا إلا أن نتناولها بشكل صريح وجريء للوقوف على مسبباتها وتداعياتها وانعكاساتها السلبية على الفرد والمجتمع.

قد لا يتعجب البعض من هذه الأشكال، فهذا هو ديدن ابن آدم ذلك المخلوق المسكين العجيب المتقلب الأمزجة والأهواء يسير حين يسيره هواه، يحقد بدون سبب، ويعادي بدون سبب، ويكره بدون سبب، والحاقد قد يفجر مخزونه من الكراهية عليك في كل لحظة، ولن يجد متنفسا لتفجير هذه الطاقة السلبية إلا السب والشتم والتطاول عليك وممارسة النميمة فيك في كل مجلس وفي كل مكان وزمان، بل ويطلق الإشاعات والأكاذيب ويروجها محاولة منه للنيل منك.

ومنهم من يقابل المعروف والخدمات التي أسديت له بالكره والحقد عليك ويعتبرك أسوأ مخلوق على وجه الأرض ويصب عليك جام حقده الأسود ومخزون حسده المرضي.

هذا هو إذٱ الحاقد الذي امتلأ قلبه حقدا وحسدا. والحل الأمثل لهذه السلوكيات المرضية هي التجاهل التام بتركه لحقده الذي سيأكله.

لا يعرفون إلا لغة الهدم والتخريب .. فعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال : قيل يا رسول الله أي الناس أفضل ؟ قال : ” كل مخموم القلب، صدوق اللسان ” قالوا : صدوق اللسان نعرفه، فما مخموم القلب ؟ قال : ” هو التقي النقي، لا إثم فيه ولا بغي ولا غل ولا حسد”

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى
error: يمنع النسخ من هذا الموقع