إنهم يسجلونك على هواتفهم (البومة)
صديقى الغير عزيز؛ الذى يبحث بحثٱ عن كل ما من شأنه زرع القلق والخوف فى نفسه وفى نفوس الآخرين، ينقب تنقيبٱ عن أكثر الأخبار العالمية رعبٱ وإثارة للشجون، وكأنك تحقق سبقٱ، لا أدرى تسبق به من، هل أمثالك من عاشقى الكآبة ؟
ربما.
الكآبة من التشاؤم والتطير وديننا ينهانا عنهما إن لم تكن تعلم، أى أنك تخالف تعاليم دينك باتباع هذا المنهج الذى لا أفهم أى منفعة منه.
فما الذى يعجبك فى جو الرعب والخوف والتوتر والقلق والترقب والشقاء ؟؟؟؟
لماذا تصرّ على الدخول فى دائرة معاناة وإدخال الجميع معك، وأنت لا تعرف هدفٱ لذلك ؟
تطل علينا كل يوم لتخبرنا أن قوة فتك فيروس كورونا تزداد وتزيد أعداد الوفايات، هل أنت عالم فيروسات ؟؟؟
هل قمت بإحصاءات يومية بأعداد الوفايات بسبب الفيروس حول العالم، وتجدها تزداد دون تراجع، أم هل قابلت الفيروس وجهٱ لوجه وأخبرك بنفسه أنه لا يزال بنفس القدرة أو أقوى كما تزعم ؟؟؟
تطل علينا لتخبرنا كل يوم أن العلاجات كلها مختفية من الأسواق العالمية تمامٱ، فهل مررت على كل صيدليات العالم وشركات تصنيع الدواء ووجدتها خاوية ؟؟؟
تطل علينا بوجهك الكئيب لتخبرنا أن كل المستشفيات فى بلادنا تمتلئ عن آخرها بمرضى ووفايات بسبب فيروس كورونا، فهل زرت كل مستشفيات بلدك بكل مدنها وقراها، فوجدتها ممتلئة بمرضى كورونا على وجه التحديد دون أى أمراض أخرى ؟؟؟
تطل علينا بكل سعادة بشكل دائم ومنتظم؛ لتخبرنا أن هناك فيروس جديد ظهر فى الصين، أو سنغافورة أو جزيرة الديناصورات، وأنت لم تتابع الخبر ولم تتأكد، ولكنك سارعت بنشره إحتياطيٱ مخافة أن يكون غير صحيح، وتفوّت على نفسك فرصة نشر خبر تقبض به قلوب الجميع.
ما اللطيف فى نشر خبر من أصابته العدوى، فنقلها لأبيه وأمه وأولاده وزوجته ونقل إلى المستشفى ومات ؟؟؟
إن كنت لا تعلم أن هذه مأساة؛ فلنخبرك نحن، أنها مأساة مؤسفة ومحزنة، تجعل من يسمعها يحاول تناسيها حتى يستطيع الاستمرار فى يومه، لا أن يتشدق بها وكأنها حكايات قبل النوم.
كما أن سعادتك الغامرة بنشر مثل هذه المآسى تنم عن شئ واحد وهو أنك سعيد بها، ولديك من الطاقة ما يساعدك على نشرها بهذا الشكل ومتابعة نتائج نشرها بعد ذلك.
فأنت لست حزينٱ عليهم كما تدعى، بل تستخدم قصصهم للتلهى والتسلية.
وفر مجهودك !
تهاجم كل من يحاول نشر أمل فى إقتراب إنتهاء الأزمة، وكأن إنتهائها شئ يؤرقك، فلن تجد ما ترعب به الناس وتقضى فيه وقتك الفارغ، ولكن إطمئن ستجد، فالمآسى كثيرة، وأمثالك يجيدون البحث عنها والحصول عليها وإستغلالها والإستمتاع بها وجنى نتائجها.
إن لم تكن تعلم أن هذا العمل قبيحٱ، فلتعلم أنه قبيحٱ، وإن كنت تتصور أن هناك أى منفعة من أى نوع تعود على أى إنسان من نشر المخاوف والذعر، فاعلم أن لا منفعة تقع على أى طرف نتيجة تصورك هذا.
راجع نفسك وإسألها عن سر بهجتها بإيذاء الغير، ربما تجد الإجابة، وإن لم تجد جوابٱ، فلتكف وتحتفظ بحيرتك بعدم وجود جواب إلى الأبد، ( المهم تنقطنا بسكاتك ).َ
إن كنت كئيبٱ ويطربك الحزن، إجعله يطربك بعيدٱ عنا، وإن كنت تستمتع بأخبار الفزع والتوتر، إستمتع بها فى قلب الصحراء، وإن كنت يستهويك إجترار الأحزان والتوجس وإنتظار نهاية العالم، إجترها فى قاع المحيط وانتظر نهاية العالم فى قارب غارق.
واعلم أنك منبوذ ومرفوض من قبل الجميع، وأنا أضمن لك أن الجميع يكرهون الاقتراب منك والجلوس معك والحديث إليك، كما أضمن لك أن أغلبهم يسجلونك على هواتفهم باسم ( البومة )، وإن كانت البومة بريئة من شَرّك.