دين إسلامى

ما معنى سبحان الله ؟

ذكر النبيّ صلّى الله عليه وسلّم أنّ من فضل الله على أهل الجنّة حين يدخلون الجنّة أنّهم يُلهمون التسبيح والحمد كما يُلهمون النفس؛ فطعام وشراب وحديث أهل الجنّة يختلط بتسبيحهم لله سبحانه حتّى في جنّاته.

ولأهميّة التسبيح وفضله فقد ذكره الله تعالى في القرآن الكريم نحو تسعين مرّةً، وكانت سبعٌ من السور الكريمات مفتتحةً بالتسبيح، فسمّيت السور المسبّحات، قال الله تعالى في مطلع سورة الحديد: (سَبَّحَ للهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ).

وفي سورة الجمعة قال الله سبحانه: (يُسَبِّحُ للهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ).

قال الله تعالى: (سُبْحَانَ اللهِ عَمَّا يَصِفُونَ).ويستدلّ بكثرة الآيات التي تذكر التسبيح وتنوّعها في القرآن الكريم؛ أنّه يجب على المؤمن أن يلازمه فلا ينشغل عنه، ويجعله دأباً له كما كان دأباً لخَلق الله تعالى وعباده الصالحين عنده.

قال تعالى: (وَمَنْ عِنْدَهُ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلَا يَسْتَحْسِرُونَ* يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَفْتُرُونَ).


وفي الرجوع إلى المواضع التي ذكر الله تعالى فيها التسبيح، يُشاهد أنّه سبحانه ذكر التسبيح في إقرار خَلقه وقدرته، وأنّه لا خالق لكلّ هذا الكون والمخلوقات سواه.

لذلك وجب على المخلوقات تسبيحه وحمده والثناء عليه، قال الله تعالى: (سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنبِتُ الْأَرْضُ وَمِنْ أَنفُسِهِمْ وَمِمَّا لَا يَعْلَمُونَ). وفي مشهدٍ آخر جعل الله التسبيح لأجل إثبات حكمته، والتأكيد أنّه لم يخلق شيئاً عبثاً سبحانه، قال الله تعالى: (رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ).

وأورد الله تعالى التسبيح في ذكر قدرته ونفي عجزه، وأنّ قدرته فاقت أيّ قدرةٍ سواها، قال الله تعالى: (وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ).


ويتقارب معنى التسبيح في اللغة مع معناه في الاصطلاح الشرعيّ، وبيان ذلك:

التسبيح لغةً: التسبيح مصدرٌ من الفعل سبّح، والمراد به التنزيه والتقديس، والترفيع عن النقص والعيوب، ويُقال في حقّ الله سبحانه بمعنى التنزيه عن كلّ عيبٍ ونقصٍ.


التسبيح اصطلاحاً: هو قول لفظ سبحان الله أو أيّ لفظٍ آخر يدلّل على نفس المعنى، ويراد بالتسبيح؛ تنزيه الله عن كلّ عيبٍ، ومن ذلك العجز أو الحاجة إلى الولد والشريكة، أو أيّ لفظٍ افتراه المشركون على الله سبحانه، وتأكيد صفات كماله وعظمته ووحدانيّته سبحانه.

تعدّدت صور التسبيح وصيغه التي وردت عن النبيّ عليه السّلام في الأحاديث الشريفة، فيما جاء عنه عليه الصّلاة والسّلام من بيانٍ للأوراد والأذكار.

منها ما اقترن بالحمد، ومنها ما اقترن بالاستغفار وغير ذلك.

ومن صور التسبيح الواردة عن النبيّ عليه السّلام:

اقتران التسبيح بحمد الله سبحانه، وقد ورد على عدّة صورٍ، منها قول النبيّ عليه السّلام: (كلِمتان خفيفتان على اللِّسانِ، ثَقيلتان في الميزانِ، حبيبتان إلى الرَّحمنِ: سبحان اللهِ العظيمِ، سبحان اللهِ وبحمدِه).

وكذلك قوله عليه السّلام: (من قال: سبحان اللهِ وبحمدِه، في يومٍ مائةَ مرَّةٍ، حُطَّت خطاياه وإن كانت مثلَ زبدِ البحرِ).

اقتران التسبيح بالحمد وتكراره، وفي ذلك فضلٌ عظيم، كما ورد في الحديث عن النبيّ عليه السّلام إذ صلّى الفجر وقام إلى بعض عمله، وزوجته جويرية رضي الله عنها جلست تذكر الله حتى طلعت الشمس، فلمّا رآها النبيّ في مجلسها قال لها: (لقد قلتُ بعدكِ أربعَ كلماتٍ، ثلاثَ مراتٍ، لو وُزِنَتْ بما قلتِ منذُ اليومَ لوزَنَتهنَّ:

سبحان اللهِ وبحمدِه، عددَ خلقِه ورضَا نفسِه وزِنَةِ عرشِه ومِدادَ كلماتِه).

اقتران التسبيح بالحمد والتهليل والتكبير، وقد فصّل النبيّ عليه السلام أوقاتاً لتلك الأذكار بعضها بعد الصلاة المكتوبة، وبعضها قبل النوم وغير ذلك.

اقتران التسبيح بأذكارٍ أخرى، ومن ذلك قول النبيّ عليه السّلام: (أحبُّ الكلامِ إلى اللهِ: سُبحانَ اللهُ لا شَريك لهُ، لهُ الملكُ ولهُ الحمدُ، وهوَ علَى كلِّ شيءٍ قديرٌ، لا حولَ ولا قوَّةَ إلَّا باللهِ، سُبحانَ اللهِ وبحمدِهِ).

جعْل التسبيح كفارةً عند القيام من المجالس، كما ورد في الحديث الشريف: (سبحانَك اللَّهمَّ وبحمدِك أشهدُ أن لا إله إلَّا أنت أستغفرُك وأتوبُ إليك عملتُ سوءًا وظلمتُ نفسي فاغفرْ لي إنَّه لا يغفرُ الذُّنوبَ إلَّا أنت).

أثر التسبيح وثمرته ظهرت أهميّة التسبيح من خلال كثرة ذكره في القرآن الكريم، وكثرة الأحاديث الواردة عن النبيّ عليه السّلام فيه، ويظهر أثر التسبيح إذا التزمه المسلم في حياته جليّاً.

ومن فضائل التسبيح العائدة على صاحبه ما يأتي:

التسبيح طاردٌ لوهن النفس الناتج عن الهموم والغموم، وهو سببٌ لرفع الهمّة والعزيمة عند المرء، ولذلك كانت وصيّة الله تعالى لنبيّه أن يكثر من التسبيح إن تداعى عليه تكذيب المشركين وكفرهم، واعتراهم الهمّ والوهن لذلك، قال الله تعالى: (فَاصبِر عَلى ما يَقولونَ وَسَبِّح بِحَمدِ رَبِّكَ قَبلَ طُلوعِ الشَّمسِ وَقَبلَ غُروبِها وَمِن آناءِ اللَّيلِ فَسَبِّح وَأَطرافَ النَّهارِ لَعَلَّكَ تَرضى).

التسبيح سببٌ لاستجلاب النصر واستحقاق معونة الله تعالى، إذا اقترن بالاستغفار، قال الله تعالى: (فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ).

التسبيح مقترنٌ بالتوكّل على الله، وسببٌ لطمأنينة المسلم إلى قدرة الله وتأييده ونصرته، قال الله تعالى: (وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ).[

التسبيح مقترنٌ بنيل معيّة الله وعزّته، قال الله تعالى: (وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ* وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ النُّجُومِ).

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى
error: يمنع النسخ من هذا الموقع