لماذا يختلف الناس فى درجة الذكاء
يُعّرف الذكاء بالقدرة على التعلم والتخطيط، والتفكير الناقد والمنطقي وحل المشكلات وإدراك أو استنتاج المعلومات والاحتفاظ بها كمعرفة ليتم تطبيقها على السلوكيات التكيفية داخل بيئة أو سياق ما، وغالبًا ما تتم دراسة الذكاء على البشر، ولكن لوحظ أنّ الحيوانات والنباتات تتمتع بنسبة معينة من الذكاء، ومن ناحية أخرى يسمى الذكاء في الآلات بالذكاء الاصطناعي، والذي يتم تنفيذه بشكل شائع في أنظمة الكمبيوتر باستخدام برامج مختصة، وما زالت الأبحاث والدراسات مستمرة في الوقت الحالي للتعرف أكثر على عقل الإنسان.
أما عن أسباب تفاوت الذكاء من شخص لآخر :
معامل الذكاء IQ :
معامل الذكاء هو مصطلح أطلقه العالم والباحث بعلم النفس وليام ستيرن، ومعامل الذكاء أو درجة الذكاء هي النسبة الناتجة عن قسمة درجة العمر العقلي للإنسان، والتي تم الحصول عليها عن طريق إجراء اختبارات قياسية معدة لتقييم الذكاء البشري، على العمر الحقيقي له.
بعد تطوير اختبارات معامل الذكاء، تم تحديد الدرجة المتوسطة الوسيطة لعينة المعيار على أنها IQ 100 ويتم تحديد درجات كل انحراف معياري لأعلى أو لأسفل على أنه 15 نقطة ذكاء أكثر أو أقل، وبموجب هذا التعريف، فإنّ أغلبية البشر تتراوح درجات معدل الذكاء لديهم بين 85 و115، وحوالي 2. 5 بالمائة منهم أعلى من 130، و 2. 5 بالمائة دون 70، يلاحظ من الدراسات والاختبارات أن هناك تباين في درجات الذكاء بين البشر وسعى العلماء والباحثون لمعرفة أسباب تفاوت الذكاء من شخص لآخر.
أسباب تفاوت الذكاء من شخص لآخر :
درجات الذكاء الناتجة عن اختبارات الذكاء لا تتعدى كونها تقديرات للذكاء، فالذكاء ليس كالمسافة أو الكتلة؛ بحيث لا يمكن حساب قدر ملموس ودقيق من الذكاء بالنظر إلى الطبيعة المجردة لمفهوم الذكاء.
حيث أثبت أن درجات معامل الذكاء مرتبطة بعوامل مثل الأمراض والوفيات، والحالة الاجتماعية للوالدين، وإلى حد كبير، حاصل ذكاء الوالدين البيولوجي، وفيما يأتي تفصيل لأسباب تفاوت الذكاء من شخص لآخر.
شكل الدماغ :
الدماغ يتكون من مناطق مختصة بوظائف محددة وعلى الرغم أنّ الذكاء العام يشملها جميعًا، إلا أنّ هناك فروقات في الذكاء لكل منطقة، ولذلك يمكن لدماغ الشخص أن يحتوي على مناطق أكبر من مناطق أخرى مما يؤثر على نسبة الذكاء في ممارسات ومهارات معينة.
وتختلف هذه المناطق من شخص لآخر وبالتالي يعد الاختلاف في شكل الدماغ أحد أسباب تفاوت الذكاء من شخص لآخر، فربما تجد شخص أكثر ذكاء من شخص آخر في مهارات معينة ولكنه أقل ذكاء منه في مهارات أخرى.
فعلى سبيل المثال :
يمكن أن يبرع أحدهم بالخطابة ولكن قدراته الحسابية متواضعة، وتجد آخر لديه قدرات حسابية عالية ولكن قدرته على الخطابة تكاد تكون معدومة.
الوراثة :
العامل الوراثي من أهم أسباب تفاوت الذكاء من شخص لآخر، فللوالدين دور كبير في ذكاء الأبناء، ومن هنا ظهر مفهوم تحسين النسل والانتقائية، بحيث يتم اختيار الآباء بمعدلات ذكاء مناسبة ليكون الناتج أبناء بمعدلات ذكاء مرتفعة، وفي أثناء الحروب العالمية وبعدها تبنت العديد من الدول هذه الافكار وسعت لتحقيقها منها بريطانيا وألمانيا بهدف إنتاج جيل يتمتع بقدر عالٍ من الصحة والقدرات الجسدية والعقلية، وبالرغم من أنّه وبعد قرن تقريبًا من الدراسات والأبحاث التي أثبتت وراثة معدل الذكاء، لا يزال هناك جدل حول أهمية تقديرات الوراثة وآليات التوارث فيما يتعلق بالذكاء.
ظروف الحمل والولادة :
من الأمور التي تعد من أسباب تفاوت الذكاء من شخص لآخر صحة الأم أثناء الحمل وظروف الولادة ونوعية الأكل أثناء الحمل وشرب الدخان والمشروبات الكحولية وتعاطي المخدرات، ولا يزال تأثير بعض الأطعمة والأدوية على ذكاء الجنين غير معروف إلى الآن، بالإضافة إلى عمر الجنين وقت الولادة ووصول الأكسجين وغيرها من الأمور التي قد يمر بها الجنين أثناء الولادة.
البيئة :
تلعب العوامل البيئية دورًا في تحديد معدل الذكاء وهي سبب من أسباب تفاوت الذكاء من شخص لآخر، فأفراد الأسرة الواحدة لديهم جوانب من البيئات المشتركة، على سبيل المثال الحب والاهتمام والمشاركة، وتنمية مهارات التفكير والقدرات العقلية والعيش في بيئة مستقرة آمنة بعيدة عن القسوة والعنف والجهل، وهذه البيئة العائلية المشتركة تمثل، 25–35 بالمائة من التباين في معدل الذكاء في الطفولة.
أما في أواخر فترة المراهقة، فتكون نسبة التباين منخفضةً جدًا، ويظهر تأثير العادات المكتسبة والبيئة الخارجية المحيطة والممارسات الفردية من شرب الكحول أو الأصدقاء أو لعب الرياضة، كعوامل تأثير أقوى تؤثر في نسبة تباين الذكاء بين الأفراد، وقد أشار كتاب علم النفس لعام 2011، الذي أعده البروفيسور دانييل شاكتر، عالم النفس بجامعة هارفارد، إلى أنّ ذكاء البشر الموروث يمكن أن ينخفض بينما يرتفع الذكاء المكتسب.
التعليم :
للعملية التعليمة البسيطة ولكن المكثفة والتي تستمر على المدى الطويل تأثير أكبر وفعال أكثر من البرامج التعليمية القوية التي تستمر لفترة قصيرة وتفتقر للمتابعة على المدى البعيد، فقد أظهرت الدراسات الحديثة أنّ التدريب على استخدام الذاكرة العاملة قد يزيد معدل الذكاء ولذلك يعد التعليم من أسباب تفاوت الذكاء من شخص لآخر.
ويذكر تقرير الجمعية الأمريكية لعلم النفس أنّ الأطفال الذين حصلوا على درجات عالية في اختبارات الذكاء يميلون إلى تعلم المزيد عن ما يتم تدريسه في المدرسة عن أقرانهم الأقل درجة.
كما يعتمد تحقيق درجات جيدة على العديد من العوامل بخلاف معدل الذكاء، مثل المثابرة، والاهتمام بالمدرسة، والاستعداد للدراسة.
عوامل أخرى :
هناك عوامل أخرى لأسباب تفاوت درجات الذكاء من شخص لآخر مثل، ممارسة التمارين الرياضية والتمرينات العقلية وسماع الموسيقى والممارسات والعادات اليومية والهوايات ونوعية الطعام، بالإضافة إلى العوامل النفسية والصعوبات، وكذلك الطفرات الجينية، إذ يمكن للطفرات لعب دورًا مهمًّا في جعل شخص ما ذكيّا جدًّا أو العكس، وتعد هذه الاسباب جزءًا فقط من الأسباب التي ما زالت تحت الدراسة والبحث لتفسير أسباب تفاوت درجات الذكاء من شخص لآخر.
وتُستخدم درجات الذكاء في عملية تقييم المستويات التعليمية وتقييم الإعاقة الذهنية وتقييم المتقدمين للوظيفة، حتى عندما يُحسّن الطلاب علاماتهم في الاختبارات القياسية، فإنهم لا يُحسّنون دائمًا قدراتهم المعرفية، مثل الذاكرة والانتباه والسرعة، وبعض الأبحاث تعد اختبارات الذكاء وسيلة للتنبؤ بالأداء الوظيفي والدخل.
كما أنّ معامل الذكاء يستخدم لمعرفة توزيعات الذكاء النفسي في السكان والعلاقات بينه وبين أي تغييرات أخرى بالإضافة إلى دراسة أسباب تفاوت الذكاء من شخص لآخر.
لاحظ العلماء والباحثين ارتفاع درجات اختبارات الذكاء للكثير من الناس يحدث بمعدل متوسط يصل إلى ثلاث نقاط حاصل ذكاء كل عقد منذ أوائل القرن العشرين، أي أنّ ذكاء البشر يزداد أكثر عبر الزمن، وهي ظاهرة تسمى تأثير فلين، ويمكن للبحث في هذه الظاهرة وأسبابها وتأثيراتها أن يُفيد في الدراسات والأبحاث الحالية حول الذكاء البشري.
اختلاف الذكاء بين المرأة والرجل :
وجدت دراسة حديثة أنّه عندما يتعلق الأمر بالذكاء ومعرفة أسباب تفاوت الذكاء من شخص لآخر، فإنّ النساء يتفوقن على الرجال في بعض المهارات، بينما يتفوق الرجال عليهن في مهارات أخرى.
ومن ناحية تشريحية فهناك اختلافات بين أدمغة الرجال والنساء، فعلى وجه الخصوص، النساء في المتوسط، أفضل من الرجال في ما يسمى بالذاكرة العرضية، والتي تنطوي على استدعاء ووصف التجارب والحقائق، في حين تفوق الرجال على النساء في القدرات العددية إلى حد ما، وهذه النتائج تم استخلاصها من دراسة على رجال ونساء من 13 دولة مختلفة من دول أوروبا.
على الرغم من أنّ الجميع قد شهدوا تحسينات في معامل الذكاء على مر الزمن، إلا أنّه قد وجد الباحثون أن المكاسب التي تحققت للنساء تزامنت مع تأمين ظروف معيشية أفضل لهن، من صحة وتعليم وعدالة اجتماعية وغيرها الكثير.