مقالات نورا عبد الفتاح

الجانب المريح

الأم والأب يعتبروا هما الجانب المريح فى كل العلاقات عند أغلب الناس، على اعتبار انك حاسس انهم عارفين عنك كل حاجة وعارفين كل عيوبك ومتقبلينك وبيقفوا جنبك فى كل مشاكلك وأزماتك حتى لو ميقدروش، وهما الشخصين الوحيدين فى الكون اللى بيتمنوا إنك تكون أحسن منهم ومستريح أكتر منهم ومعاك فلوس أكتر منهم ومحبوب أكتر منهم وسعيد

أكتر منهم، ومافيش حد بيعمل أو هيعمل كدا غيرهم.

الأب والأم فرصة من عند ربنا أو وسيلة مساعدة فى العالم الغير مريح اللى احنا عايشين فيه ده، ربنا بيديها لنا علشان تساعدنا ونستعملها طول الوقت علشان نعرف نعيش!

من مصلحتنا إننا نستخدمها ومن مصلحتهم هما كمان إننا نديهم قيمتهم ونحسسهم إننا محتاجين لهم وإن وجودهم مهم بالنسبة لنا.

لكن فيه آباء وأمهات مبيلعبوش اللعبة كدا خالص، بيبعدوا بشكل ما عن أولادهم وبيبقوا مدينهم دايما إحساس إن متسندش علينا ومتعتمدش علينا ومتطلبش حاجة مننا مادام كبرت خلاص، بالعكس ده احنا اللى المفروض نسند عليك ونعتمد عليك ونطلب منك وانت واجبك تنفذ علشان تبرنا وإلا هتكون عاق.

أنا مهما حاولت أصور بالكلام شعور الشخص اللى بيحاول يسند على أمه وأبوه ودايما مش بيلاقيهم سند، مش هاقدر أديله حقه فى الوصف!

ومهما صورت بالكلام اللى الأم والأب بيفرقوه فى مشاعر الشخص لو بس سمعوه مش حتى حاولوا يحلوا مشاكله، بردو الوصف مش هياخد حقه.

أول مرة جالى كورونا جالى فى شهر مارس 2020 يعنى فى الأول خالص قبل ما ينتشر ويبقى عادى والناس تتأقلم مع الموضوع وتستوعب وجود شخص عنده كورونا حواليهم، الوقت ده أغلب الناس اللى حواليا اتجننوا وخافوا مننا جدا أنا وجوزى وولادى وفضلوا فترة طويلة جدا مش عايزين يشوفونا.

فى الفترة دى مع إن اللى عنده كورونا فيها كان مثير للقلق والناس كلها عايزاه يتحط فى مستشفى علشان ميعديهمش، (وهما مش عارفين إن اللى عملوا الفيروس كدا كداهينشروه بأى طريقة حتى لو كل اللى جالهم كورونا اتحطوا فى مستشفيات )، ومع إن الشوارع كلها كانت فاضية والمستشفيات وعيادات الدكاترة كانت فاضية ومحدش بيخرج أصلا، واحنا كمان سبنا بيتنا وروحنا مكان تانى فى مدينة شبه خالية من السكان، بس كانوا متخيلين إن اللى عنده كورونا هيعديهم بردو.
والحقيقة أنا بعدى عن الناس بالنسبة لى ميزة كبيرة ومتعة بلا حدود، بس مشكلتى كانت فى أولادى وجوزى لأنهم مش كدا خالص، فهما اللى كانوا متضايقين.

ورغم إن كبار السن كانوا موضع قلق كبير إنهم يتصابوا، لكن أبويا وأمى مدخلوش فى الدايرة اللى كل الناس دخلوا فيها ومخافوش منى بالعكس، أبويا كان كل يوم يقوللى أنا هاجى وهاقعد جنب الباب أو هاجى وبصي لى من الشباك بس أشوف شكلك عامل ازاى، أو هاجى أديكى الأدوية اللى انتى عايزاها من بعيد، وأنا اللى كنت باقوله لاء، محدش هيقابله.

وأقصى تنازل عمله إنه اتفق مع جوزى إننا كل ما نعمل أى أشعة أو تحاليل أو تبقى معانا أى روشتة من أى دكتور جوزى يروح يحطها له فى الأسانسير ويبعته للدور المطلوب وأبويا ياخدها من الأسانسير، وهو يسأل دكاترة عنده علشان يتأكد إننا ماشيين صح.

وأمى مكانتش تقدر تجيلى لأن المشوار كبير عليها لكن مكانش عندها أى مشكلة إنها تشوفنى أول ما الدكتور قالى فكى العزل وروحت لهم البيت بعد 23 يوم بس وكررت الزيارة بعد كدا بالمعدل العادى بتاعنا وفضلنا فترة طويلة مبنروحش لأى حد غيرهم لأن أصلا محدش عايز يشوفنا غيرهم.

ومع إنى كنت على علم تام إن من حقهم يخافوا على نفسهم ولو كانوا رفضونى مكانش ليا حق أزعل منهم، بس إصرارهم ده فرق معايا جدا وحسسنى إن فيه حد بيحبنى لدرجة إنه فيه احتمال إنه يتعدى ولا قدر الله يموت بسبب العدوى دى، ورغم كدا مكمل.

هما طول الوقت بيقفوا جنبى فى كل حاجة، بس الموضوع ده كان اختبار ليهم ونجحوا فيه بجدارة ولأول مرة أشوفهم وهما شخصين بس كفتهم كانت أتقل من الكفة اللى فيها بقية كل الناس اللى كنت أعرفها.

كل ما ييبجى فى بالى إيه اللى كان ممكن يحصل لو كانوا عملوا زى ما كل الناس عملوا وبقوا هما كمان رافضينى تماما كدا ؟
بس وقفتهم هما الاتنين معايا أغنتنى عن بقية الناس كلها.

إوعوا تكونوا من الناس اللى بتقف ضد أولادهم لما يحتاجوا لهم وياخدوا منهم الحق فى إنهم يضعفوا ويطلبوا منهم المساعدة خصوصا المساعدة النفسية.
الأبوة والبنوة حاجة ممتعة جدا للناس اللى بتحس وبتفهم، إنك تستريح مع ابنك وابنك يستريح معاك دى حاجة مهمة ومريحة، مش ضغط ومش وجع دماغ.
والخروج والفسح والتلاشى فى الشغل مش أهم من الإحساس ده !

لكن الحياة فعلا مش سهلة وأى أبناء فى الدنيا محتاجين لآبائهم مهما كبروا، وفى العموم محدش هيسند حد ولا هيحب حد ولا هيسمع حد ولا هيخاف على حد أكتر من أبوه وأمه، وإذا الأب والأم ملعبوش اللعبة دى مع الشخص، مرة يكسبوا ومرة يخسروا، محدش هيلعبها معاه، وهيطلع شخص ناقصه حاجات كتير بيدور عليها طول الوقت عند ناس تانية بس عمره ما هيلاقيها وهيعيش حياته كلها شخص غلبان ووحيد مهما كان عامل علاقات فى كل مكان !

علاقة الأب والأم والإبن مهما خدت منك هتديلك أكتر ومهما الواحد خسر فيها مجهود أو وقت أو فلوس أو طاقة، هيكسب حاجات كتير متتقدرش !
خليكوا الجانب المريح لأولادكم، كفاية عليهم الدنيا !

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى
error: يمنع النسخ من هذا الموقع