معارف عامة

الأناقة عند الفراعنة

تعتبر الحضارة المصرية أقدم الحضارات التي لا بد من تناولها عند بدء التحدث عن تاريخ الأزياء وتطورها.

فالواقع أن مقابر قدماء المصريين وما امتلأت به من كنوز وتحف تدل دلالة واضحة على أن هؤلاء القوم قد بلغوا من الترف والتأنق في الزي مبلغًا كبيرًا حتى إنهم لم يتخذوا من الزي مجرد غطاء الجسد، بل كانوا يقومون بعملية حضارية مركبة يقدرون فيها تأثير المناخ واللون ونوع النسيج.


لقد برع المصري القديم في صنع وتصميم ملابسه وأزيائه والتي تميزت بالبساطة والسحر والأناقة في وقت واحد، وقد ظهرت لنا طرز وأنواع مختلفة من هذه الملابس سواء لمختلف الطبقات الاجتماعية على جدران المقابر والمعابد أو ما تبقى منها حتى الآن.

وكانت تبرز الأنوثة وتؤكد على جمال وجاذبية المرأة. ولهذا السبب يعود إليها المصممون مرة بعد مرة ليستلهموا منها ويستوحون الكثير من الخطوط والتفاصيل والزخارف بتفاصيل من هذه الفترة لابتكار ملابس قيمة وراقية تتباهى بها الملكات والفنانات والمشاهير حول العالم.

ونحن الآن نعتبر الولع بالزينة والتأنق من خصائص النساء لا الرجال، بيد أن رأي المصريين في الدولة القديمة كان يختلف عن هذا تمام الاختلاف.

فإلي جانب ملابس الرجال المتنوعة الأشكال، كانت تبدو ملابس النساء بسيطة مماثلة. إذ أنه منذ أقدم الأزمنة حتى الأسرة الثامنة عشر، كانت النساء تلبسن ابتداءً من الابنة الملكية إلى الفلاحة ثوبًا واحدًا متشابهًا يتألف من رداء بسيط خال من الثنايا، وكان ضيق بحيث يصف أجزاء الجسم بوضوح.

وكان الثوب وحمالاته دائمًا من لون واحد هو في الغالب الأبيض بيد أنه كان أحيانًا أحمر أو أصفر أو أخضر اللون.


وكانت ملابس النساء مزخرفة برسومات نادرة، وكانت تحتوى على خطوط أفقية أو رأسية أو تحتوى على زخارف ريشية، وكانت تزين بزهيرات.

وخلال الأسرة الثامنة عشر، تبدل زي الرجال وتبدل كذلك زي النساء، وأصبح من قطعتين؛ الأولى قميص ضيق يغطي الكتف الأيسر، دون الكتف الأيمن، أما الرداء الثاني الخارجي فكان متألقًا ويربط من على الصدر. وكلاهما من الكتان.

وتطور الرداء في عصر الأسرة التاسعة عشر وعصر الأسرة العشرين وأصبح ينسدل فوق الذراع الأيسر، دون الذارع الأيمن. وفي نهاية الأسرة العشرين أضيف قميص سميك إلى الثوب الداخلي الذي كان نصف شفاف إضافةً إلى الرداء الخارجي المفتوح.

ووجد زي آخر مختلف عن هذا الطراز المألوف، ويتكون من ثوب طويل بأكمام ومعطف قصير مزخرف بهداب فوق الأكتاف، ومن الأمام ينسدل رداء يشبه النقبة (الجونلة) ويمتد من الرقبة إلى القدمين.

وتميزت ملابس النساء بالزركشة والكشكشة والكسرات والثنيات بسبب استعمال الأقمشة الشفافة، كما استمر ارتداء النقبة وكانوا يلبسون الشعر المستعار والحلي المزينة بالفضة والأحجار الكريمة.


والحقيقة أن المرأة في مصر القديمة فقيرةً كانت أم غنية اهتمت بأناقة ملابسها. فجاءت ملابس الفقيرة بسيطةً لكن مقبولة، بعكس النساء من أفراد الأسرة المالكة والنبلاء والعظماء والكهان، واللائي كن يرتدين الملابس الشفافة الخفيفة المطرَّزة أو المزركشة المحلاة بالألوان الزاهية. وكانت ملابس المرأة تخضع لحكم ظروف زمانها، وتقاليد عصرها، إضافة إلى الوضع الاجتماعي، والدورالوظيفي.



ويضم المتحف المصري بوسط القاهرة، عدداً من أدوات التجميل في مصر القديمة، من بينها أواني حفظ العطور، ومساحيق التجميل وأدواتها المصنوعة من الخشب والأحجار، وأواني الكحل وطلاء الأظافر والأمشاط الخشبية والمرايا والتى تعود لنحو 7 آلاف سنة.




وتعد صناعة الملابس أقدم الصناعات التي مارسها المصري القديم، وتفوقت المرأة المصرية في مراحل التصنيع بداية من جمع الكتان الأكثر استخداماً في الغزل خلال الدولتين القديمة والوسطى، وجمعه وتركه في الشمس حتى يجف وتنظيفه وتمشيطه واستخراج الألياف الطويلة الجيدة منه بالمغزل لإعداد الخيوط.

وبرز الكتان الأبيض كرداء تقليدي لدى الرجال، وتطورت ملابس المرأة إلى فستان ذي حمالتين لونه أبيض فوقه شال.

وكانت الألوان المستخدمة في الأزياء هي التي تفرق بين الطبقات، كان الخدم يرتدون ملابس ملونة ومشجرة، بينما كانت الطبقة العامة ترتدي لوناً موحداً، وتميزت طبقة الأغنياء بارتداء ملابس بيضاء مطرزة من الخرز أو الجلد المطرز.

ومع ظهور الدولة الحديثة، ظهرت الملابس الطويلة ذات الأكمام القصيرة مزخرفة بالزهور المستوحاة من البيئة، إضافة للرداء الريشي ذي الثنيات المصمم للوضع على الكتفين أو كتف واحد للرجال والسيدات.

وعن طبيعة الأحذية التي ارتداها المصريون القدماء، يذكر كتاب “100 حقيقة مثيرة في حياة الفراعنة” لعالم الآثار المصري زاهي حواس، أن أغلب المصريين لم يرتدوا في أقدامهم أي أحذية، وكانت طبقة الكهنة وكبار الموظفين والملوك يرتدون نعالاً صنعت من سيقان البردي في البداية ثم تطور صناعتها من الجلود فيما بعد.

وأصبح الحذاء ذو الكعب العالي يميز الطبقة الغنية في الاحتفالات، وصمم على شكل قطعتين يتم ربطهما برباط جلدي.

وتعد “الأزياء” هى التراث الإنسانى الذي يدل على المجتمعات على مر العصور، فمصر كانت ولازالت عاصمة الأزياء التراثية المميزة والملابس هى الوجه الآخر للتقنيات والإمكانيات الصناعية للمجتمعات المختلفة، ومدينة الأقصر كانت في العصور الفرعونية عاصمة مصر القديمة إبان حكم ملوك طيبة القدماء المصريين، وحالياً أصبحت عاصمة الثقافة والتراث وعاصمة السياحة العالمية، وتعتبر محافظة الأقصر من محافظات الصعيد التي لها تراث خاص في ملابسها منذ قدم التاريخ وحتي الآن.

إن ملابس القدماء المصريين كانت تعكس التقنيات والإمكانيات التي وصلوا إليها، وقيامهم بتوثيق حياتهم علي جدران المعابد والمقابر الفرعونية المختلفة، وكذلك احتفاظهم ببعض تلك الأقمشة من الكتان والحرير والجلود أيضاً داخل مقابرهم التى دفنوا فيها، استعداداً للحياة الأخرى بعد الموت، كما أن الملابس فى أى مجتمع تدل على مستوى ثقافته فهى السمة الخاصة والتى تدل على كافة المجتمعات حول محافظات مصر بل وحول العالم.

كما أن القدماء المصريون بمدينة الأقصر استخدموا الكتان والحرير فكانت أبرز الأقمشة وقتها لوفرتها فى كافة ربوع البلاد فهو يستخرج من النبات، كما كان بعض الكهنة يرتدون الملابس من جلد الحيوان فى فترات مختلفة من عصرهم، لا سيما أن الكتان قوى ومرن ومناسب للطقس الحار فى الصيف والطقس البارد فى الشتاء، ولكن الأقمشة لديهم كانت مستويات، فالطبقات العليا كانت تستخدم نوع جيد من الكتان، وسيداتهم كانوا يرتدين الملابس الحريرية المميزة لتدل على مستوي المعيشة لديهن.

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى
error: يمنع النسخ من هذا الموقع