هل تفقد القدرة على البكاء
يمتلك الإنسان العديد من المشاعر والأحاسيس، حيث تؤثر عليه الحالات الانفعالية التي يمر بها والتي يُشاهدها في حياته اليومية، حيث إنّ فطرة الإنسان مجبولة على المشاعر والعواطف الإنسانية، ومن بين كم المشاعر الهائلة التي يشعر بها الرغبة بالضحك والبكاء.
فالبكاء من الأشياء التي تحدث غالباً كرد فعل على حالة الحزن أو الألم الذي يشعر به الشخص، وقد يكون هذا الألم نفسياً أو جسدياً، أو قد يكون البكاء أحياناً بسبب الخوف من شيءٍ ما، أو في أحيانٍ أخرى قد يكون بسبب الفرح، فالنفس البشرية معقدة جداً في انفعالاتها وعواطفعها.
ويعتبر البكاء وسيلة فعالة للتنفيس عن الحزن والضيق، والتخلص من التوتر، والشعور بالراحة والهدوء النفسي.
البكاء عادةً يكون مصحوباً بذرف الدموع، لكن في بعض الأحيان يُصاب الإنسان بحالة من عدم القدرة على البكاء أبداً رغم حزنه أو ضيقه أو إحساسه بالألم.
ومن أهم الأسباب النفسية التي تجعل الشخص غير قادرٍ على البكاء اختلاف نوعه، بكونه رجلاً أو امرأة، فنفسياً يعتقد الكثيرون أن البكاء لا يليق بالرجل وهو من اختصاص المرأة فقط، لذلك يرتبط ذهنياً في عقل الرجل أنّه غير مسموح له بالبكاء أبداً، فيمتنع عنه، ويكبت بكاءه، ويُصبح فعلاً غير قادر على البكاء حتى وإن كان يجلس وحده، لأنّ الحالة تحولت عنده إلى حالة نفسية مبنية على العادات والتقاليد والأعراف التي انتشرت في المجتمع، وهي من الأشياء التي تسبب أمراضاً عضوية؛ لأنّ البكاء يريح الجسم، ويتم من خلال الدموع التخلص من السموم التي يفرزها الجسم عند تعرضه للقلق والتوتر، والقهر والعصبية.
وتشمل الأسباب النفسية أيضاً أنّ يمر الشخص بظروف حزينة قاهرة كثيرة ومتتالية، فيصبح في حالةٍ نفسيةٍ صعبة، ولا يشعر بأي شيء يمر به، ويفقد القدرة على إعطاء أي ردّ فعل تجاه محيطه، ويُصاب بالاكتئاب والإحباط الشديدين، وهنا يفقد الشخص القدرة على البكاء، ويُصبح شخصاً بليداً جداً وغير مبالٍ بما يجري حوله، فلا تؤثر فيه أي تقلبات نفسية أو عاطفية، فيصبح غير قادرٍ على البكاء رغم أنّ الموقف الذي هو فيه يستدعي ذلك.
كما يوجد بعض الأسباب العضوية التي تعيق قدرة الإنسان على البكاء، ومن أهم هذه الأسباب وجود مرض ما في العين، يمنع الإنسان من القدرة على البكاء وذرف الدموع. إصابة الجسم بالجفاف، وعدم قدرته على تكوين الدموع وذرفها. وجود خلل في هرمونات الجسم، ممّا يؤثر في قدرته على البكاء بشكلٍ كبير.
يُعد البكاء الطريقة التي يستجيب بها الأشخاص لبعض المشاعر سواءً حزن، أو فرح، وكما يعد أمر غير مألوف ولكن في الحقيقة كلا الجنسين يبكون أكثر من المتوقع، ويعد البكاء صفة مميزة للجنس البشري.
ومن الأسباب التي تدفع البشر للبكاء، فمن المعروف عادةً بأنّ البكاء مرتبط بالعاطفة حيث تسيل دموع الأشخاص بسبب التأثر عاطفيًا، وتعتمد هذه النوعية من الدموع على نسبة مرتفعة من هرمونات الإجهاد مقارنة بالأنواع الأخرى للدموع، مثل الدموع الناتجة وقت التعرض لرياح، أوبصل، أودخان حيث تفرز لمحاربة المواد المهيجة وحماية العيون منها، والنوع الأخير الدموع القاعدية؛ والتي بدورها تُفرَز بشكل مستمر وتقوم بمحاربة الجراثيم والمحافظة على رطوبة العينين.
أسباب عدم القدرة على البكاء كثيرة وقد تحرم الجسم من فوائد البكاء المتعددة، حيث تبدأ فوائد البكاء منذ الولادة، والبكاء لأول مرّة حيث تعد الدموع من الأمور المفيدة للصحة الجسدية والعقلية.
وكما قد يقوم البعض بكبت البكاء وقت ضعفهم إلّا أنّ هذا التصرف قد يحرم البعض من فوائد البكاء؛ حيث وجدت الدراسات الكثير من الفوائد التي تدعم الجسم صحيًا مثل :
تهدئة النفس:يعد البكاء من أبرز الأمور المساهمة في تهدئة النفس، وقد يحتاج الجسم لوقت بسيط وليس بشكل فوري لتظهر عليه آثار التهدئة، وكما قد وجدت بعض الدراسات بأنّ البكاء يقوم بتنشيط الجهاز العصبي والمحافظة على راحته وتحسين الهضم.
التقليل من الألم: يبدأ جسم الإنسان بعد البكاء لفترة طويلة بإفراز المواد الكيميائية مثل كلٍ من الإندورفين، والاكسيتوسين؛ والتي بدورها تقلل من الآلام الجسدية والنفسية، وتساهم في تخديرها، حيث يساعد الاكسيتوسين على الشعور بالهدوء والراحة.
تحسين المزاج: بالإضافة لتخفيف الآلام فإنّ البكاء قد يساهم في تحسين المزاج تحديدًا ما يعرف بالتنفيس، وكما يعد مصدر للثقة ورفع المعنويات، ويساعد البكاء في تغيير درجة حرارة الدماغ حيث يقوم الشخص الباكي بالتنفس السريع واستنشاق الهواء البارد، والذي بدوره يقوم بتنظيم حرارة الدماغ والتقليل منها، فالدماغ البارد يعد مصدر للسرور والنفسية الجيدة أكثر من الدماغ الدافئ.
أسباب عدم القدرة على البكاء :
تحتوي العيون على غدد تقوم بفرز الدموع التي تحتاجها العيون بشكل مستمر للمحافظة على رطوبة العيون، ففي كل رمشة يقوم السائل بترطيب العين كلها مما يحافظ على بقائها صحية، ونظيفة ولكن في حالة عدم قدرة هذه الغدد على إفراز الدموع بالشكل الكافي فقد يكون ذلك من أحد أسباب عدم القدرة على البكاء، وما ينتج من جفاف للعيون وبالتالي آلام، واحمرار، وزغللة العين، وكما يعد كلٍ مما يأتي أحد أهم أسباب عدم القدرة على البكاء:
العمر: مع تقدم العمر يصبح جفاف العين ملاحظ بشكل أكبر، حيث تصاب الغدد المفرزة للدموع ببعض المشكلات مع تقدم عمر الإنسان، مما يساهم في تطور حالة جفاف العين للأسوأ.
متلازمة شوغرن: ينتج هذا النوع من المرض بسبب مهاجمة الجهاز المناعي بشكل ذاتي للغدد التي تقوم بمهمة إفراز السوائل، ويرتبط هذا النوع من المتلازمة بالتهاب المفاصل الروماتيدي.
إن كانت المشاعر قبل ذلك متوقدة ومتفاعلة وأصبح الآن هنالك نوع من السكون أو الركود في المشاعر فهذا يدل على وجود عسر في المزاج، أو نوع من الاكتئاب البسيط المرتبط بالقلق الداخلي، فابحث في الأسباب التي تعتقد أنها أدت إلى هذا العسر في المزاج وفقدان الرغبة في التعبير والتفاعل بما يتطلبه الموقف، وحاول إزالة هذه الأسباب.
واعرف العلة تماماً وصمم مع نفسك من اليوم، وقل:
إذا حدث لي أي نوع من التفاعل مع الآخرين، وذكر ما لا يرضيني لابد أن أعبر عن ذاتي في حدود المعقول.
وبرمج نفسك على ذلك، فلابد إذا حدث أي فعل من الآخرين أن يكون هنالك رد فعل في حدود المعقول وفي نفس اللحظة وفي نفس الوقت، فأنت تكتم وتسكت على ما لا يرضيك وهذا يؤدي إلى الاحتقان النفسي المؤذى.
وقد يكون من المفيد جداً أن تقوم بإجراء بعض تمارين الاسترخاء، فيمكنك أن تستلقي في مكان هادئ، وتغمض عينيك وتفتح فمك قليلاً، ثم تحاول أن ترخى كل عضلات الجسم، وبعدها خذ نفساً عميقاً عن طريق الأنف (الشهيق) ولابد أن يكون عميقاً وبطيئاً جداً، واملأ صدرك وحتى البطن بالهواء، واقبض عليه لمدة 5 ثوانٍ، ثم بعد ذلك تأتي عملية الزفير وهي إخراج الهواء، ولابد أن يكون بنفس القوة والبطء، وكرر هذا التمرين عدة مرات، وسوف يساعدك على إزالة هذا الضيق وهذا الاختناق.
وعليك أيضاً بممارسة الرياضة أيُّ رياضة تناسبك فهذه تعتبر شيئاً جيداً، وبالتأكيد عليك الالتزام بالصلوات والعبادات في أوقاتها، والدعاء، وقراءة القرآن، والتواصل مع الصالحين، فهذا يفيد كثيراً جداً، ويرفع الهمة، ويقوي النفس ويأتي للإنسان بصحة نفسية كاملة بإذن الله.