الكراكيب
لى بعض الملاحظات على شخصيات هؤلاء الناس الذين يحبون أو يعتقدون فى أهمية الكراكيب ويتصورون أنها تستحق الإقتناء أو أن التخلص منها خسارة كبيرة سيندمون عليها.
الكثير منهم يتميزون بإستهلاك الأشياء أكثر من اللازم؛ فقد تكون الأشياء ميتة ولكنهم يتصورون أنها لابد وأن تؤدى عملها حتى لو لم تستطيع.
فى الغالب يستهلكون الأشخاص أكثر من اللازم؛ يستغلون الأشخاص ويستهلكون طاقتهم البدنية أو المعنوية أكثر مما ينبغى، وقد يستغلون أنفسهم أكثر من اللازم أيضاً.
عادة ما يكون ترتيب الأولويات لديهم تائهاً، ضائعاً وغير منطقى، فهم يحتفظون بمخلفات وممتلكات قديمة يمتد عمرها أحياناً إلى عشرات السنين ولم يستخدموا منها شيئاً وهم قانعون تماماً بجدوى الإحتفاظ بها لعشرات السنين القادمة لربما يحتاجون إليها فى القرن القادم، ومتمسكون بهذه العقيدة تمام التمسك، ألا يشير ذلك إلى ترتيباً غريباً للأولويات يطال بقية جوانب حياتهم ؟
بالتأكيد، فالخبير بترتيب أولوياته خبير فى ترتيب كل الأولويات، وليس بعضها وبعضها الآخر ( عكّاً ) ؟
بعضهم يتكاسل عن تصنيفها وفرزها وتحديد إتجاهاتها ولكن هؤلاء يتم وصفهم بالكسالى وليس محبو الكراكيب، فمحبى الكراكيب أعقد وأصعب طبعاُ.
يقول علماء الطاقة أن الكراكيب أو حتى الأشياء المستخدمة إن بقيت فى نفس المكان فإنها تمنع سريان الطاقة فى هذا المكان، فتنتشر فيه روح الكسل والكآبة والتراخى وعدم التجديد وعدم الطموح، وكأن صاحب الكراكيب يخزن طاقته المفيدة داخل كراكيبه المخزنة، فيفقد هذه الطاقة.
عبقرى هو من أطلق على الكراكيب هذا الإسم؛ فهو لفظ يحمل معانى الفوضى والتوتر وضيق المكان وقريب من كلمة إرتباك.
الإنسان الطبيعى المنظم أو المنطقى هو الذى ينظم ويرتب ويتخلص من ممتلكاته الغير مرغوبة والغير مفيدة ويذهب بها إلى من هم أولى منه بها وفى حاجة حقيقية إليها حتى وإن كانت أشياء جديدة ولم تُمس، وليس العكس الذى يتصوره البعض من أن من يتخلص من ممتلكاته الغير مستخدمة مختل ( وبيرمى حاجته السليمة ) بينما الخلل الحقيقى هو الإحتفاظ بممتلكات قد تصل فى بعض الأحيان إلى حد ( القمامة ) لخيالات الإستخدام المستقبلى التى لن تتحقق، وكأنه يسقط إضطرابه على المنظم الذى يسلك السلوك القويم.
بعضهم يرون فى كراكيبهم ذكرياتهم ومواقف مرت وكأن حاضرهم ومستقبلهم لا يعنيهم أو لا يعجبهم أو لا يمكن أن يعوّلوا عليه.
يقول علماء الناس أن محبو الكراكيب غالباً ما يكونون شخصيات مترددة يصعب عليها إتخاذ قرارات، كما يصعب عليهم إتخاذ قرار التخلى عن هذه الأشياء عديمة النفع.
أرى فى بعض هؤلاء فراغ عقلى كبير، مما يفسح لهم مجالاً للإحتفاظ بأشياء مادية تحيطهم فى كل مكان، فصاحب العقل المزدحم بالأفكار، يشعر طوال الوقت ب( كركبات عقله ) فيصبح غير قادر على تحمل كركبات مادية، فيسارع بالتخلص منها، أما الآخر فلأنه فارغ من الداخل يجد براحاً كبير يستوعب الكراكيب حوله فى كل مكان حتى وإن كان متراً فى غرفته أو درجاً فى مكتبه أو فوق الدولاب وتحت السرير وفى كل الأركان والممرات فى بيته.
هناك إضطراب نفسى يسمى الإكتناز القهرى وهو الإضطراب الذى يصيب محبو الكراكيب ولكن بشكل مبالغ فيه يصل إلى حد الإحتفاظ بالأقلام الفارغة والجوارب المتهالكة وفى بعض الأحيان الإحتفاظ بالمخلفات لفترة طويلة وعدم التخلص منها أولاً بأول.
وهذا الاضطراب معقد جداً ومن الصعب التخلص منه، تخلص من كراكيبك لئلا تصاب يوماً بالإكتناز القهرى، ولو حدث واحتجت إلى ما تخلصت منه منذ عشر سنوات، فما من شئ فى شراء بديل جديد.