هل الحيادية ضعفاً
بعض المواقف التي يكون فيها البقاء على الحياد هو الخيار الأفضل مثل حالات الخلاف بين الآخرين، والنقاشات حول الأمور الحساسة، وعند إصدار الأحكام، وعندما لا يكون للأمر علاقة بالمرء، وأخيراً البقاء على الحياد عند الاضطرار لذلك.
يعني البقاء على الحياد ببساطة عدم الانحياز لأي طرف أو رأي والتمسك بمبدأ عدم التدخل، وعدم الانخراط في الصراعات والجدالات الحياتية المعتادة أياً كان نوعها.
يتواجد مصطلح البقاء على الحياد في السياسة بقوة، وكذلك يتواجد على بعض المستويات العليا، لكننا نتحدث اليوم على الحياد في الحياة اليومية، وكيف يمكن أن يفيدك في بعض المواقف التي تحدث لك على الدوام.
حينما يبدأ خلاف بين شخصين أو طرفين أو أكثر، فإن واحداً من أكثر الأمور التي يهتم بها طرفي الخلاف هي جلب الأتباع أو المناصرين، لهذا بمجرد أن يحدث خلاف بين طرفين لك علاقة بهما أو بأحدهما ستجد أن أحد الطرفين أو كلاهما يحاول أن يدخلك في الصراع رغماً عنك، وفي الواقع الحياد في هذه الحالة هو أفضل ما تفعله، اتخاذ جانب أحد الطرفين سيدخلك في حرب ليست لك، ولن تخرج منها بفائدة، وربما تتعرض للضرر أو الخسارة نتيجة اشتراكك في هذا الخلاف.
والأسوأ من ذلك أنك قد تفقد الطرف الآخر الذي وقفت ضده في الخلاف إن كان طرفاً بينك وبينه علاقة
النقاشات حول الأمور الحساسة ::
كم مرة تجد نفسك في خضم نقاش حول أمر جدالي حساس ينقسم الناس عنده ويتحزبون ويتصارعون لنصرة آرائهم، قد يكون هذا الموضوع دينياً أو اجتماعياً أو سياسياً ؟
البقاء على الحياد وعدم اتخاذ رأي معين في هذه الحالة قد يراه البعض ميوعة أو عدم وجود مبدأ، لكنه في الواقع أفضل ما يمكن أن تقوم به في هذا الموقف، خصوصاً إذا كان موضوع الجدال شيئاً بعيداً تماماً عنك ولن يؤثر عليك بأي شكل من الأشكال.
البقاء على الحياد عند إصدار الأحكام ::
عندما نصدر حكماً على شيء أو شخص أو موضوع معين، فإن أهوائنا ورغباتنا وشخصياتنا وميولنا تتدخل دون شعور منا في طريقة إصدارنا للأحكام، لهذا كثيراً ما نخرج بأحكام غير دقيقة أو متحيزة أو خاطئة تماماً، لذا حاول دوماً عندما تقوم بإصدار حكم ما أن تكون حيادياً ومتجرداً قدر الإمكان، ﻷن ذلك هو السبيل الوحيد للوصول إلى الأحكام الصحيحة.
بالطبع لا يمكننا أن ننحي عواطفنا كاملة في بعض المواقف التي تتطلب إصدار الأحكام، لكن على الأقل حاول أن لا تجعل لعواطفك تأثير كبير عندما تصدر حكماً، خصوصاً عندما يكون حكماً ذو أهمية أو له تأثير عليك أو على الآخرين.
عندما لا يخصك الأمر نتفهم بعض الشيء أن ينحاز الشخص لأحد الأطراف أو أحد الآراء إذا كان الأمر ذو علاقة به أو له تأثير مباشر عليه أو على من يحيطون به، لكن لماذا ننحاز عندما لا يكون للأمر أي علاقة بنا. ما الذي يجعلك مثلاً تدعم أو ترفض مرشحاً في انتخابات دولة أخرى بينما لا يفيدك أو يضرك وصول هذا المرشح إلى المنصب؟
وأنت في النهاية لا تمتلك حق التصويت أصلاً، وما الذي يجعلك تتخذ موقف في قضية ليست قضيتك ولن يؤثر رأيك فيها بالسلب أو الإيجاب على الإطلاق.
لذا عندما لا يتعلق الأمر بك بشكل مباشر، حاول دوماً البقاء على الحياد.
البقاء على الحياد عندما تكون مضطراً لذلك
أحياناً يكون عليك اتخاذ موقف أو الانحياز لأحد الأطراف، لكن هذا الانحياز قد يسبب لك الضرر بشكل ما، في هذه الحالة البقاء على الحياد لا يقلل منك على الإطلاق، وإنما يمنحك سبباً للسلامة وعدم التعرض للضرر، لذا فقط نحِّ عواطفك جانباً، وأعلنها بصراحة أنك تقف على خط الحياد ولا تخش شيئاً من أحد.
كما رأينا، قد يكون البقاء على الحياد مفيداً في الكثير من الحالات، لكن أيضاً عليك أن تدرك أن بعض الأوقات أو المواقف تتطلب منك الاختيار بين أمرين، وعدم الاختيار والتردد في هذه الحالة قد يضر بك أيضاً.