كيف يكذبون ويصدقهم الجميع
كيف يكذب معظم السياسيون الأمريكيون ويصدقهم الجميع ويتحدثون بقوة وثبات وكأنهم يصدقون مبادئهم العوجاء، إن كبار الكذابون فى العالم يتعلمون منهم فنون الكذب، إنهم يسيرون بفكرة ( كلما إزداد حجم الكذبة، كلما صدقها الجميع، لأن لا أحد يشك أن كل هذا الفيلم قد يكون كذبة، فكلما إستمرت لفترة أطول وبعدد أكبر من الكذابين، كلما قلت الشكوك فى صحتها، وأضف إلى ذلك الحديث بثبات شديد وثقة تامة من فرط المراس الدائم على الكذبات المتتالية والخدع المتلاحقة مع الأناقة فى المظهر والهندام ونبرة الصوت، وينتهى الأمر وتُصَدّق الكذبة وهكذا فى كل كذبة.
إنهم بالطبع يحضرون جلسات وكورسات ( كيف تكون كذاباً محترفاً، دون أن يشك بك القطيع )
فحالة تصديق الأوهام التى تملأهم وتملأ من يسمعهم غير منطقية، إنهم يشتغلون على كذبهم أكثر من أى شئ.
كبار الكذابون يحضرون الكذب تحضيراً ويجهزونه تجهيزاً، وعندما تنتهى المهمة على الوجه المتقن، يطلقون الكذبة بكل أريحية، وثقة فى النتيجة.
فى الغالب ما يكذب الكذابون حتى العاديون منهم لجلب منفعة أو درء مضرة ويظنون أنهم ( فى السليم ) وأن الحياة هكذا تسير فى أمان واستقرار والكثيرون منهم يعترفون بأنهم لن يكفوا عن الكذب لأنه يساعد فى تسيير الأمور ويقلل من المشاكل فى العمل وبين الأزواج ويجنبهم المواجهات التى لا يقوون على تخطيها فى حال الصدق.
فهل تتصور لو كانت الحكومات الأمريكية المتعاقبة بل وحكومات العالم تسير على طريق الصدق كيف كانت ستحقق خططها مع معاونيها ؟
وهذا فى الكذبات الكبيرة، فما بالك بأننا نُحاسَب على الكذبات فى حجم الذرة ( من يعمل مثقال ذرة شر يره )، فالكذب فى ( الهزار ) كذباً والكذب عن مكان تواجد الشخص لشخص آخر عبر الهاتف كذباً، والكذب عن قيمة قطعة ملابس أو شقة أو سيارة حتى يبدو صاحبها ثرياً وفظيعاً كذباً، الكذب حول ( أنا قدامى خمس دقايق وابقى قدامك ) والكذب على الإطفال ( أنا هاخرجك يوم الجمعة، أنا هاجيبلك لعبة انت عايزها ) والكذب الذى يضحك الناس والكذب الذى يجعل الحديث أكثر تشويقاً والكذب الذى نخشى به خسارة شخص أو فقدان وظيفة أو خوفا من عتاب ولوم أو كذباً بهدف التفوق على منافس….كله ( كذباً)
يقول علماء النفس أن الكذب يفقد الشخص إحترامه لنفسه ويفقده إحترام الناس، لأن أغلب الناس يعرفون الكذاب حتى وإن بدى عليهم تصديقه، كما يقولون أنه يفقده ثقته بنفسه وهو أمر بديهى جداً، لأنه يعلم بأنه يختلق ويلفق ويؤلف معلومات مزيفة غير مطابقة للحقائق، كما يفقده ثقته فى الناس، لأنه يظن أن الجميع مثله.
يقولون أن القدرة الجنسية تزيد وتنقص بمقدار صدق صاحبها لا سيما الرجال، فالصادقون فقط هم أصحاب الصحة الجنسية المثالية.
يعلمنا خبراء لغة الجسد أن الكذاب يبدو على جسده علامات أو حركات تشير إلى كذبه مثل؛ كثرة تحريك اليدين، زيادة معدلات وميض العين، الإفراط فى تحريك الساقين، التعرق وجفاف الشفاه وإحمرار الوجه وكثرة لمس الوجه والشعر وكثرة إستخدام عبارات ( صدقنى، انت مصدقنى، أقسم لك…)
ولكن مع المتمرسون لا يجدِ كل هذا العلم أمام كذابون محترفون أى نفع.
قد يحل الكذب بعض المعضلات ولكنه حلاً مؤقتاً، وقد يجلب لنا منافع ولكنها منزوعة البركة، ومادام أن الله أخبرنا أن ( الكذب ريبة ) وأن الكذب من آيات المنافق فهذا ما يكفينا للاقتناع التام أنه ما من نفع أتى أو يأتى أو سيأتى منه.
صدق أو لا تصدق أن هناك طرق تدرس حتى ولو بشكل غير مباشر فى ( كيف تحترف الكذب ) أو ( كيف تخدع شخص) حتى ولو تحت مسميات ( كيف تكسب عميلاً) أو ( كيف تكسب نقاشاً ) أو ( تنتصر فى كل المعارك بجدارة ).
من المنطقى والمعتاد أن يكره الصادقون الكاذبين لأنهم غير أسوياء ويسببون بكذبهم المشكلات والأزمات، ولكن من المخيب للآمال أن يحدث العكس فتجد الكذابون يأتنسون بالكذابين أمثالهم ويرفضون تواجد الصادقين فى محيطهم فى العمل أو العائلة لأن الصدق يزعجهم، ولكن لأننا نعيش فى الدنيا، وهى أدنى ما فى الدناءة كما يحكى إسمها، فهذا شئ أصبح مبرراً ومفهوماً !