تنمية بشريةعلم إجتماععلم نفس

هل تعيش حياتك

يبحث الحكيم والصوفى الهندى سادغورو-في السّبب الّذي يجعل الفرح مسؤوليتنا الأساسية، ويجيب على السؤال الشائع والمُلِح، ”كيف تكون سعيدًا في الحياة“ بينما يُقدّم لنا ١٠ نصائح لنجعل من هذا الأمر حقيقة.

سادغورو-: عندما تكون فرحًا بطبيعتك، عندما لا تضطر إلى فعل أي شيء  لكي تصبح سعيدًا، فإن كلَّ جانبٍ من جوانب حياتك الطريقة التي تنظر بها وتعبّر بها عن نفسك وعن العالم ستتغير.

لن تكون لديك أية اهتماماتٍ مُتَرسِّخة لأنّك إذا فعلت شيئًا أم لم تفعله، سواء حصلت على شيءٍ ما أم لمْ تحصل عليه، سواء حدث شيءٌ ما أم لم يحدثْ، فسوف تكون سعيدًا بطبيعتك. عندما تكون فرحًا بطبيعتك، سترتقي تصرفاتُك إلى مستوىً مختلفٍ تمامًا.

١٠ أدوات كي تحيا حياةً سعيدةً

1 اعتبار السعادة مسؤوليتك الأساسية

المسؤولية الأولى والأساسية لدى الإنسان هي أن يصبح كائنًا مُبتهِجًا. أنْ تكون سعيدًا ليس المغزى النّهائي للحياة، إنّما المغزى الأساسي للحياة. إذا لم تكن سعيدًا، فماذا تستطيع أنْ تفعل بحياتك؟ فقط إذا كنت سعيدًا، يمكن لإمكانات أخرى رائعة أنْ تصبح مُتاحة أمامك.

مهما كان ما تفعله، فصفاتك الداخلية هي عُنوانُك بين النّاس . سواء أحبَبْت ذلك أم لم تُحبّ، هذا هو الواقع. ما لم يحدث شيء ذو قيمةٍ حقيقيةٍ في داخلك، فلا يمكنك فعل أيّ شيءٍ ذي قيمةٍ كبيرةٍ للعالم. لذا، إذا كنت مهتّمًا بالعالم، فإنّ أول شيءٍ يجب أنْ تفعله هو أنْ تجعل من نفسك كائنًا مُبتهِجًا.

2 الإدراك بأنَّ الفَرَحَ هو طبيعتك الأصليّة

لا يهم ما تسعى إليه في حياتك، سواء كان مَسْعَاك في مجال الأعمال أو السلطة أو التّعليم أو الخدمات، فأنت تفعل ذلك لأنّه يوجد في مكانٍ عميقٍ بداخلك شعورٌ بأنّ هذا سيجلب لك السعادة.

أيّ عملٍ نؤديه على هذا الكوكب ينبع من تَطَلُّعنا لأنْ نكون سعداء لأنّها طبيعتنا الأصليّة. عندما كنْتَ طفلًا كنت سعيدًا ببساطة. تلك هي طبيعتُك. فمصدر الفرح يُوجد في داخلك؛ يُمكنك الإمساك بزمام الأمر.

3 وضع الأمورِ في نصابها

هذا الصباح، هل رأيت كيف أشرقت الشمس بشكلٍ رائعٍ؟

لقد تَفَتَّحت الزهور، ولم تسقط أيّة نجوم، والمجرّات تدور بشكل منتظم للغاية. كلّ شيء يسير وفقًا لنظامٍ دقيق. الكون بأسره يسير بشكلٍ رائعٍ اليوم ولكن مجرّد فكرة بحجم الدودة في رأسك تجعلك تعتقد أنّ اليومَ يومٌ سيءٌ.

تحدث المعاناة بشكل أساسي لأنّ معظم البشر تاهوا عن مغزى هذه الحياة. لقد أصبح بُعْدُهم النفسيّ أكبر بكثير من بُعْدِهم الوجوديّ، أو بصراحةٍ أكثر، لقد جعلتم خَلْقكم الضئيل أكثر أهمية بكثير من خَلْق الخالق.

هذا هو المصدر الأساسي لكلّ المعاناة. لقد فاتنا استيعاب ما يعنيه أن نكون على قيد الحياة هنا. ففكرةٌ في رأسك أو إحساسٌ في داخلك يحدّدان طبيعة تجربتك الآن. قد لا يكون لفكرك وعاطفتك حتّى أية علاقة بواقع حياتك المحدود. فالخَلْق بالكامل يسير بشكلٍ رائع ولكن مجرّد فكرةٍ ما أو عاطفةٍ ما يمكنهما تدمير كلّ شيء.

4 رؤية الفكر على حقيقته

ما تسمّيه ”فكري“ ليس في الواقع لك. ليس لديك فكر خاصٌ بك. يُرجى التفكير في هذا بعناية. ما تسمّيه ”فكري“ هو مجرّد صندوق قمامة المجتمع.

أيّ شخصٍ وكلُّ شخصٍ يمرّ بك يحشو شيئًا في رأسك. ليس لديك حقًا أي خيار بشأن من ستتّلقى منه ومن ستمتنع عن التلّقي عنه. إذا قلت، ”أنا لا أحبّ هذا الشخص“، فسوف تتلّقى الكثير من ذلك الشخص أكثر من أي شخص آخر.

لا تملك خيارًا حقًا. فهذه القمامة مفيدة  في حال إذا ما كنت تعرف كيفية معالجتها واستخدامها. هذا التراكم من الانطباعات والمعلومات التي قمت بجمعها مفيدٌ فقط للبقاء على قيد الحياة في هذا العالم، ولكن لا علاقة لذلك بماهيتك.

5 الانتقال من النفسيّ إلى الوجوديّ

حينما نتحدّث عن العمليّة الروحيّة، فنحن نتحدّث عن التحوّل من النفسيّ إلى الوجوديّ. الحياة تدور حول الخلق الموجود على هذه الأرض، حول معرفته تمام المعرفة واختباره كما هو؛ وعدم تشويهه بالطريقة التي تريدها.

إذا كنت ترغب في الانتقال إلى الواقع الوجوديّ، وببساطة شديدة، عليك فقط رؤية أنّ ما تعتقده غير مهم، وما تشعر به غير مهم. ما تظنّه ليس له علاقة بالواقع ولا صلة كبيرة له بالحياة. الفكر هو مجرّد ثرثرةٌ بالهراء الذي  قمت بجمعِه من مكانٍ آخر. إذا كنت تعتقد أنّه مهمٌ، فلن تنظر إلى ما هو أبعد من ذلك.

سوف تولي اهتمامك تلقائيًا لما تكنّ له أهمية. إذا كان تفكيرك وعواطفك مُهيمنان، فمن الطبيعي أن يكون اهتمامك الكامل مُنْصَبّ عليهما. لكن هذا واقعٌ نفسيٌّ. هذا ليس له علاقة بالوجوديّ.

المعاناة لا تنهلُّ علينا مثل المطر، بل يتمّ تصنيعها. ووحدة التصنيع موجودةٌ في ذهنك، وقد حان الوقت لإغلاق وحدة التصنيع تلك.

6 الكفُّ عن الملاحقة، والشروع في التّعبير

اليوم نحن نبحث عن السعادة بزخم لدرجة أنّ حياة الكوكب نفسها مُهَدَدةٌ. لا تسعَ وراء السعادة، بل إعرف كيف تعبر عن سعادتك في هذا العالم. إذا نظرت للوراء إلى حياتك وتَدَبّرْت، فإنّ أجمل لحظات الحياة هي تلك الّتي تعبر فيها عن فرحتك، وليست تلك اللّحظات الّتي تبحث فيها عنها.

ما تحتفظ به لن يكون صفةً لك، ولكن ما تظهره سيصبح صفةً لك. إذا قمت بالاحتفاظ بفرحتك، في نهاية حياتك، لن يأخذ أحدٌ هذا بعين الاعتبار ويقول، ”لقد احتفظ بكل ذرةِ فرحٍ بداخله؛ إنّه أسعد الأموات.“ لكنّهم سيقولون: ”هذا المخلوق الرهيب لم يبتسم أبدًا في حياته“. ولكن إذا أظهرت  فرحتك ومحبتك كلّ يوم، سيقول الناس: ”إنّه كان إنسان مبتهج ومحب.“

7 ابتسم!

عندما تستيقظ في الصباح، فإنّ أول شيء يجب عليك فعله هو الابتسام. لمَنْ؟ لا أحد. فمجرّد استيقاظك ليس شيئًا هيّنًا في حدّ ذاته.

الملايين من النّاس الّذين ناموا اللّيلة الماضية لم يستيقظوا اليوم، لكنّي استيقظت أنت وأنا. أليس من الرّائع أنّك استيقظت؟ لذا ابتسم لأنّك استيقظت. ثم انظر حولك، فإذا كان هناك شخصٌ ما، فابتسم له. بالنسبة للعديد من النّاس، هناك شخصٌ عزيزٌ عليهم لم يستيقظْ هذا الصباح. ولكن كلّ عزيزٍ لديك استيقظ  ياله من يومٍ رائعٍ! أليس كذلك؟ ثم اخرج وألقِ نظرة على الأشجار، لم تمتْ الليلة الماضية أيضًا.

 قد تظُنّ أنّ هذا أمرٌ سخيفٌ، لكنّك ستعرف حقيقة ذلك عندما لا يستيقظ شخصٌ عزيزٌ عليك. لا تنتظر حتّى ذلك الوقت لتدرك قيمة ذلك.

هذا ليس شيئًا سخيفًا، بل هو شيءٌ قيِّمٌ للغاية أنّك على قيد الحياة وكلّ ما يهمّك حيّ. في تلك اللّيلة الكارثيّة عندما لم يستيقظْ الكثيرُ من النّاس ولم يستيقظْ أحباءُ أناسٍ آخرين، استيقظت أنت وأحباؤك. أليس هذا حدثًا رائعًا؟ اعرف قيمة ذلك وابتسم على الأقل. تعلّم أنْ تنْظر إلى القليل من النّاس بمحبّة.

8 ذكِّر نفسك بالابتسام!

بالنسبة للعديد من النّاس ، يستغرق الأمر ساعة واحدة فقط لنسيان كلّ هذا، وسرعان ما يريد الجزء الزّاحف من دماغهم أنْ يعضّ شخصًا ما. لذا اعطِ لنفسك جرعة واحدة كلّ ساعة تذكيرًا بقيمة الحياة.

إذا كنت غير حساس جدًا، قمْ بتذكير نفسك كلّ نصف ساعة. إذا كنت غير حساس بشكل فظيع، ذكّرْ نفسك كلّ خمس دقائق. يستغرق الأمر عشر ثوانٍ فقط لتذكير نفسك. يمكنك فعل ذلك في ثانيتين فقط  ”أنا على قيد الحياة، أنت على قيد الحياة. فما أحسن من ذلك؟“

9 قمْ بتغيير ما بداخلك

 حاليًا، لا يتمّ تحديد نوعيّة حياتك من خلال الملابس الّتي ترتديها، أو المؤهلّات العلميّة الّتي تحملها، أو الخلفيّة العائليّة الّتي تأتي منها، أو الأرصدة البنكية الّتي تمتلكها، إنّما تعتمد نوعيّة حياتك على مدى سعادتك وفرحك في داخلك .

بالتأكيد، مَنْ لا يملك الغذاء والمحروم من الاحتياجات الأساسية للبقاء سيكون بائسًا جسديًا. لابدّ من معالجة ذلك. لمثل هؤلاء الناس، يجب أنْ نعتني بتلك الأشياء أولاً. ولكن بالنسبة لمعظم النّاس الآخرين، فإنّ احتياجاتهم عبارة عن قائمةٍ لا نهاية لها. هل تعتقد أنّ الرجل الذي يقود السيارة أكثر سعادةً من الرّجل الّذي يسير على قدميه في الشارع؟ لا. هذا الأمر لا يعتمد على ما تمتلك، بلْ يعتمد على حالهما في تلك اللحظة.

10 إيقاف المقارنة مع الآخرين

معظم الناس بائسون ليس بسبب ما ليس لديهم. إنّما ببساطة لأنّهم يقارنون أنفسهم مع أشخاصٍ آخرين. أنت تقود درّاجة نارية، وترى شخصًا راكبًا مرسيدس فتبدأ في إتعاس نفسك. بالنّسبة لشخصٍ على درّاجة هوائية، عندما يراك على دراجة ناريّة يعتبرها من وجهة نظره سيارة ليموزين. وبالنسبة لشخصٍ يسير في الشارع وينظر إلى الدّراجة ويظنّ ،”أوه، لو كانت لديّ هذه، ماذا كنت سأفعل بحياتي!“ إنّها لعبةٌ حمقاء ولازالت مستمرةً.

كلّ هؤلاء الذين يعتمدون على المواقف الخارجية ليكونوا سعداء لن يعرفوا فرحًا حقيقيًّا أبدًا في حياتهم.

آن الأوان كي ننظر  إلى داخلنا ونرى كيف نخلق سعادتنا الشّخصية. من تجربتك الخّاصة في الحياة، يمكنك أنْ ترى بوضوح أنَّ السعادة الداخلية ستأتي فقط إذا تغيّرت من داخلك.

إذا كنت تعتمد على الخارج لكسْب السّعادة، عليك أنْ تفهم، أنَّ الخارج لا يحدث أبداً 100٪ وفقًا للطريقة الّتي تريدها. إذا كان هذا هو الواقع، يجب على الأقل أن يكون هذا الشخص  أنت وفقًا للطريقة الّتي تريدها. إذا أصبحت بالطريقة التي تريدها، فإن الاختيار الطبيعي هو السعادة. فهذا ليس شيئا عليك السعي وراءه. إذا عدت إلى طبيعتك الأصليّة، فإن السعادة هي الطريقة الوحيدة التي ستكون عليها.




مقالات ذات صلة

اترك رد

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
error: يمنع النسخ من هذا الموقع