مقالات نورا عبد الفتاح

A weak woman who is not independent

بمناسبة أن اليوم العالمى للمرأة كان أول أمس وأن الكثيرات من نساء العالم تنادين بحقوقهن فى العمل والمساواة مع الرجال، وحقها فى الوظائف المقصورة على الرجال ( والحاجات الجميلة دى كلها)، يسرنى أن أكتب مقالى للإناث الذى يمثل إمتداداً لمقالى السابق عن الذكور.

ألم يحن الوقت أن ننادى بحقوق المرأة التى تعمل داخل البيت فى الطبخ والتنظيف وإعداد الطعام وتربية الأبناء ورعاية الزوج وضبط الحياة ووضع الأسرة فى إطار ؟

كانت أمى إمرأة عاملة منذ أدركت أنا الدنيا وحتى وصلت هى لسن المعاش، وللحق لم تشعرنا قط أنها تعمل أو أنها منشغلة عنا، فقد كانت تستيقظ قبل موعدنا جميعاً وتهيئ كل منا للذهاب فى سبيله، وكانت دائماً تعود إلى البيت قبل الجميع.

أذكر أننى فى الثانوية العامة وكانت المدرسة تطلق سراحنا مبكراً على اعتبار أننا على موعد مع تحديد المستقبل ( وكدا ) فكنت أعود قبلها بحوالى ساعتين كنت أشعر فيها أننى تائهة وضائعة ومهملة ومفقودة وكأنى ملقاة فى الصحراء الجرداء الخالية من الزرع والماء، وكل هذا وكنت ( شحطة ) على مقربة من دخول الجامعة، وكنت أعلم أنها ستأتى بعد ساعتين، فما بالك بالأمهات اللاتى تودعن أطفالهن الحضانة من عمر شهر ؟

ليتنا لا نسمع أحداً من المنادين بأن هؤلاء الأمهات مضطرات أو يحتجن إلى المال، لأن المحتاجات إلى المال بشكل ملح نسبتهن لا تقارن بالمجموع الكلى للنساء اللاتى تذهبن للعمل وتترك أطفالاً رضع لثمان ساعات وعشر ساعات بحجة أن مركزها مرموقاً ومن الخسارة الكبيرة أن تترك وظيفتها فى مقابل رعاية طفل أو أنها تثبت وجودها بعمل مهم أو تريد أن يكون لها ذمة مالية منفصلة عن زوجها.

الفترات التى عملت فيها بشكل منتظم وبمواعيد عمل منضبطة ليست طويلة بالنسبة لسنوات عملى، التى قضيت بعضها فى الترجمة أو تقديم كورسات تعليم لغة ثم مؤخراً فى الكتابة، بل كان العمل أغلب الوقت فى بيتى ولا يحتاج الأمر إلا فى بعض الأحيان إلى الذهاب الغير منتظم ولساعات معينة فى منتصف اليوم، وفى مواعيد أحددها أنا فى الغالب بما يناسب ظروفى، أتغيب فيها ثلاث أو أربع ساعات وأعود على الفور إلى البيت، فأجد أولادى يشعروننى بأنهم جوعى ومحطمون ومشردون وضائعون، وكنت دائماً أسألهم كيف سيكون الأمر لو كنت أعمل فى وظيفة منتظمة من الصباح الباكر وحتى نهاية النهار ؟

الجميع يتسائل ماذا حدث للأجيال الجديدة بل والأقدم قليلا ولماذا هم أجيال غير ملتزمة وغير منضبطة وغير متحملة للمسئولية وغير مثابرة وغير نشيطة وتدمن المخدرات وتهمل فى عملها وتتحرش جنسياً ؟

مأساة هذه الأجيال أن أمهاتهم تركتهم وذهبت للعمل لإثبات نفسها وجمع المال والنسبة المجبرة منهن على العمل لا تذكر كما قلنا، فالأمر أحيانا لا يعدُ عند بعض النساء أن يكون هرباً من المنزل ومسئولياته الضخمة جدا والمرهقة جدا ( وفى الآخر اسمها متستتة فى البيت ومبتعملش حاجة ).

الأزمة الكبرى هى نشر فكرة أن الأنثى التى تربى أبنائها وتنظف وتطبخ وتغسل وترعى، جاهلة وفاشلة وضائعة ولا تفعل شئ ذا جدوى، ويتعجب البعض عن كيف تكون مهندسة وطبيبة ومتعلمة ودارسة ولا تستغل هذا العلم فى عمل يجلب لها المال.

أنا بالطبع لست ضد عمل المرأة فى المطلق، بل على العكس أنا أفخر بشدة بكل الفتيات اللاتى لم توفق فى الزواج مبكرا، أو تزوجت ولم توفق فى الإنجاب، فركزت طاقتها كلها فى العمل واشتغلت على نفسها وصعدت فى وظيفتها إلى أعلى المراكز وحصلت على قدر كبير من المال ولا زالت تحاول.

وإنما أتحدث عن إمرأة تركت طفلا فى عمر أيام وتركت بيتاً قذراً وزوجاً مهملاً، وخرجت فى الصباح وعادت فى المساء، وفى هذه الساعات قضت الوقت فى عمل يمكن إنجازه فى 20 دقيقة وبقية الوقت تقضيه فى النميمة أو كوسيلة للهرب من البيت ( ووجع الدماغ ).

عندما احتقرنا جميعاً دور الأنثى داخل المنزل، هدمنا الأسر دون وعى منا، فهذه الأنثى هى التى تضع الأسرة فى إطار وتسيطر عليها أو تدعها تخرج عن الإطار وتصبح لها تعريف آخر بعيد عن الأسرة، تعريف أقرب إلى الفوضى والتشتت والإنهيار.

إعترفنا أو لم نعترف بأن الأنثى هى عامود الأسرة حتى ولو كان الذكر هو الذى ينفق، إلا أن وجودها هو بمثابة عماد الأسرة وغيابها يعنى هدمها.

ما من أزمة كبيرة لو تنتظر الأم حتى يستطيع أبنائها الاستغناء عنها ثم تنطلق لذاتها التى تبغى تحقيقها، أو تقرر من البداية ألا تكون أسرة إن كانت ترى أن وجود زوج وأسرة وأبناء ضغط عصبى وبدنى ويعطلها عن ذاتها، وتنحل العقدة.

الأنثى المتعلمة المهندسة والمعلمة والحاصلة على أعلى الشهادات لو قامت برعاية أسرتها فستستغل علمها فى أبنائها وأسرتها على أفضل وجه، فهى بالطبع لن تتعامل مع أبنائها ولن تربيهم كالجاهلة أو كالأقل منها علماً.

خلق الله الأنثى لدور الأم والزوجة فى الأساس كأدوار أساسية وما غير ذلك فهى أدوار ثانوية، لذلك تجد الكثيرات تهملن فى عملهن فى محاولة منهن للاهتمام وإعطاء الأولوية للبيت والأسرة ولأنهن تعلمن مدى إحتياج هذه الأسرة لهن أو لترضين ضميرهن.

ولكن الاسترونج اندبندنت وومان تسير عكس قوانين الكون، لا ولن تعيش فى راحة، لا سيما أنها عندما تفسد مسارات طاقتها التى خلقها الله بها، فهى تفسد بالتبعية طاقات البيت والأسرة بما فى ذلك أبنائها وزوجها.

فهى تسيّر طاقة زوجها لا إرادياً فى إتجاه الأنوثة وتسير بطاقتها لا إرادياً فى اتجاه الذكورة.

( طب وايه المشكلة لما يبدلوا مع بعض ؟)

المشكلة أن حياتهما ستتحول إلى الشقاء والاضطراب والمعرقلات وتظل تجلب لهم المعرقلات، هل تعرف عزيزى القارئ وعزيزتى القارئة إمرأة واحدة من صاحبات فكر ( أنا مش هاقعد أغسل وأمسح وأقضى حياتى كدا ) ومستريحة فى حياتها وأبنائها منضبطون نفسياً ودراسياً ودينياً ولو بالحد الأدنى للانضباط ؟

لو افترضنا أن دور الأنثى التى تطبخ وتغسل مقصور على إعداد الطعام وتنظيف الملابس، أليس الطعام أمرا هاماً جدا، هل يمكننا تخيل الحياة بدون طعام، ماذا سنفعل إذاً عندما نجوع كل بضع سويعات ؟
ماذا سنفعل فى ملابسنا لو لم تغسل ؟
كيف سنعيش فى بيوت تملأها القذارة ؟
هذا إن قصرنا دورها على الواجبات المنزلية، دون الواجبات النفسية والمعنوية التى تؤديها للجميع وتشد عضدهم بها.

أذكر شقيقتين كانتا تحضران لى كورس تعلم اللغة الألمانية، قالت لى إحداهن ذات مرة ( عارفة يا Frau ، النهاردة بابى قاللى استنونى متناموش وانا هاجى بدرى النهاردة أنا ومامى ) وإذا باختها الأصغر تسألها باستغراب شديد جدا ( يا سلااام ؟ )
إنهما تحتفلان بيوم واحد ستريا فيه والديهما الذين لا يرونهما بالأيام، فقد قالت لى إحداهما عدة مرات أنهما تستيقظان مبكرا وابوها وامها نائمين لانهما يتأخران فى العمل ومنشغلان فى مشروعهما الجديد وعندما تعودان الفتاتان تقضيان اليوم بمفردهما ثم تنامان فى حضور السيدة التى تنظف المنزل وقت النوم فقط، ثم تذهب المربية وتبقى الفتاتان لحالهما حتى يعود والديها وهما نائمتان وهكذا كل ليلة ماعدا يوم الجمعة ( إلا إذا كان عندهم شغل ).
هاتين الأختين كان يبدو عليهما الثراء الشديد وتتحدثان الإنجليزية والألمانية بشكل ممتاز ولكن دائماً شاردتان وملابسهما قذرة وشعر كلا منهما غير مرتب.
والأمثلة المشابهة لهاتين الأختين كثيرة جداااااا وأسمعها بشكل شبه يومى.

شئنا أم أبينا؛ إعترفنا أو أنكرنا؛ عجبنا الكلام أو لم يعجبنا؛ خلق الله الأنثى بطبيعتها أماً وزوجة، زوجة ضعيفة خاضعة للذكر، تحتاج لوجوده مهما أنكرت، ترضى بأقل القليل فى كل شئ فى مقابل الإهتمام، هى فقط تنتظر إظهار الإهتمام بها وبراحتها وبإرضائها حتى لو لم تتم أفعال حقيقية فى هذا الاتجاه.
(يعنى الراجل هيظهر بس اهتمامه بمراته حتى لو تمثيل، فهترضى وتتبسط ) ؟

أقسم لك بالله أن الإجابة نعم.

ولكن ال super strong independant woman لا تستمتع فى حياتها ولا تشعر بالراحة فى العموم ولا فى علاقتها الخاصة مع زوجها، فهى لن تشعر فى هذه العلاقة بالراحة إلا إذا خضعت نفسياً لزوجها، وهى لا تخضع لزوجها أبدا ولا ترى جدوى أو ضرورة لهذا الخضوع ولا تستطيع إتقانه فالخضوع عدوها، وهكذا ستظل ( لا تستطيع ) رغماً عنها أن تسعد فى علاقتها الخاصة مع زوجها ولا فى أى علاقة أخرى معه حتى فى الحديث وإدارة أى أمر فى الأسرة، لأنهما يتصارعان على دور الذكر المسيطر، ولا تدرى أن عليها هى الاستسلام لأن هذا الدور خلقه الله للذكر وليس لها وأنها بأخذ دوره تعمل ضد قوانين الكون ولن تفلح أبداً وكلها جهود ضاااائعة.

دور الأنثى ليس سيئاً ومنحطاً كما نعتقد ونصدّر أفكار، بل على العكس دور المرأة لا يعوضه دور ولذلك تجد نسب الرجال الذين يتزوجون بعد الانفصال أو وفاة الزوجة أعلى بكثير من نسب النساء اللاتى تتزوجن فى نفس الوضع، لأن وجود إمرأة فى أى أسرة أمر ضرورى.

أما المرأة فتستطيع الاستغناء عن الذكر إن اضطرت، أما إن لم تضطر فلماذا تخوض معارك لا تخصها وليست حتمية؟
لا سيما أنها تخوض أحياناً معارك الذكور حتى فى وجود ذكرا دوره هو خوض معاركه، كما أن خوضها نيابة عنه يزعجه ويزيد حدة هذه المعارك ؟

وبمناسبة اليوم العالمى للمرأة ننادى بحقوق ال A weak woman who is not independent. وكفاية (استرونج اندبندنت كدا).

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى
error: يمنع النسخ من هذا الموقع