قصص مُعلّمة

ما يخلفه الكرم

كان أبو عامر يرعى الغنم مع زوجته أم حبيب ويقيمان حيث يوجد العشب في الأرض ويرحلان من مكان إلى مكان وهما سعيدان وراضيان بما قسم الله لهما فيزرعان الشعير ويأكلان منه وتحلب أم حبيب الغنم وتشرب هي وزوجها لبنها.

لم ينزل المطر في عام، فقال أبو عامر لزوجته أم حبيب: ماذا سنفعل؟ قالت أم حبيب لزوجها: إن الله لن ينسانا وسيرزقنا بإذن الله رزقا حسناً كما يرزق مخلوقاته التي نراها في الصحراء.

فكر أبو عامر كثيراً وقال فى نفسه ماذا سنفعل وحالتنا قد أصبحت عسيرةً؟

وقرر أن يرحل ليبحث عن عمل في المدينة ثم يعود ليأخذ زوجته أم حبيب بعد أن يجمع مالاً يستطيعان أن يعيشا منه. قامت أم حبيب من نومها فلم تجد زوجها أبا عامر فقالت ربما يكون قد ذهب ليبحث عن مكان في الصحراء به زرع يصلح أن تأكل منه الأغنام. عندما جاء الليل لم يعد أبو عامر فبكت أم حبيب وقالت: قد يكون وقع له سوء.

وقالت: في الصباح سأبحث عنه بنفسي فقد اجده وأعود به فلا طاقة لي على فراقه. لم يعد أبو عامر فبدأت أم حبيب ترعى أغنامها وتدعو الله أن يعيد إليها زوجها حتى تسعد به وكانت ترعى الأغنام بالنهار وفي الليل تعود إلى المكان الذي يقيم فيه بجوار الطريق حتى إذا ما عاد زوجها عرف مكانها.

رأت أم حبيب قافلةً من الحجاج قادمةً وبعد أن مرت القافلة بيوم مر عليها ثلاثة رجال قال أحدهم لها: ألم ترى قافلةً مرت من هنا! قالت أم حبيب: لقد مرت أمس وسارت في هذا الإتجاه وأشارت إلى الإتجاه الذي سارت فيه القافلة.

قال أحد الرجال لأم حبيب: إننا عطاش فحلبت أم حبيب الغنم وأعطتهم لبنها ليشربوا. وقال رجل آخر: إننا جوعى فذبحت أم حبيب شاةً وجمعت حطباً وقامت بطهوها لهم فأكلوا وشكروا كرمها وتركوها وساروا ليلحقوا بالقافلة.

عاد أبو عامر إلى أم حبيب فرحبت به وقال لها: إنه لم يوفق في عمل يعمله فعاد حزيناً وسألها عن حالتها فحكت له عن كرمها للثلاثة رجال. فغضب وقال لها: كيف تذبحين لهم شاةً ونحن فقراء! فقالت أم حبيب: إن الله هو الذي يرزقنا وعلينا أن نكرم ضيوفنا من رزق الله الذي أنعم به علينا.

ساءت أحوال أبى عامر وزوجته أم حبيب فقرروا أن يذهبا إلى المدينة ليأكلا فضلات أهلها من الطعام. وهناك رآها رجل فقال لها: ألا تذكرينني ؟ قالت له: لا! قال الرجل: أنا ضيفك الذي أكرمتيه وذبحت له شاةً. كان هذا الرجل هو الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه حفيد الرسول صلى الله عليه وسلم فأعطاها مائة شاة وأمر لها بألف دينار.

ثم أرسلها للرجلين الآخرين اللذين أكرمتهما معه فأعطى كل واحد منهما مثل ما أعطاها الحسن. فقالت لزوجها صدق الله حين قال تعالى وما أنفقتم من شئ فهو يخلفه وهو خير الرازقين.

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك رد

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
error: يمنع النسخ من هذا الموقع
%d مدونون معجبون بهذه: