الأخطاء الناتجة عن لطفنا
يجب علينا أولا أن نعترف بأن ليس كل شيء سيئ في كوننا لطفاء؛ فهذا يعنى بعض الجوانب الايجابية مثل أننا حساسون لاحتياجات الأسرة والأصدقاء ، وعلماء النفس يؤكدون أن الذين يراعون مشاعر الآخرين يكونون فى سعادة أكبر من الأنانيين.
ومن جانب آخر ، تحمينا اللطافة من النقد ، والإحراج ، والرفض ، وكلما كنا لطفاء كلما فكر الآخرون أننا رائعون . وعلاوة على ذلك ، فإن مراعاة شعور الآخرين ومجاملتهم تمهد الطريق لابتكار مجتمع اكثر إنسانية ، وتساعد في جعل هذا العالم أكثر راحة ، وحيوية.
كما تحفز صفة اللطف عـنـد الـناس أن يكونوا شجعان إلى درجة بطولية ، وهكذا تكون السلوكيات اللطيفـة خيـر معيـن لنـا بطـرق عديدة ، وهذا الجانب الإيجابي لتلك السلوكيات يجعلنا نعجب بها ونحب أن نفكر في ادائها.
ومشكلة اللطف أن لـه نتائـج سلبية وتكلفنـا أكثر مما ننتظر ، فمحاولة أن نكون كاملين ونتحمل ما لا نطيق ، يؤديان بنا إلى الإنهاك .
ويثقلان كاهلنا حتى نشعر أننا كالسفن المحملة بأكثر من طاقتها فتميل وتغرق ، فمن بين أصعب الأخطـاء التسعة التي يجب تجنبها ؛ الحاجة الداخلية التي تدفعنا إلـى فعـل خطأين تؤدي بنا إلى حد ما إلى ارتكاب الأخطاء السبعة الباقية ؛ وإذا استطعنا التوقف عن فعل هذين الخطأين فسيكون لدينا طاقة أكبر للتعامل مع الأخطاء الأخرى .
والأربعـة أخطـاء التالية هـي ؛ألا نقول ما نريد ، وأن نكبت غضبنا ، وأن نتعقـل أمـام عـدم تعقل غيرنا وأن نتكلم بالأكاذيب الصغيرة .
هذه الاخطاء تكلفنا الشيء الكثير من سلامة أنفسا حيث نفقد الاتصـال مـع جوانبنا العاطفية . ونتفق جميعنا على أن مشاعرنا هامة بالنسبة لتفاعلنا مع الآخرين .
ولكن عندما تتعارض مشاعرنا مع صفة اللطف لدينا ( مثلا عندما نرغب في شيء أو نغضب من شخص أو نخشى فقدان السيطرة على أنفسنا ) ، فنحن نقوم بكبت هذه المشاعر ، ونحـن بهـذا نعلم أنفسنا فعليا ألا نشعر ، وأحيانا تدفع مشاعرنا إلى اعماق أنفسنا حيـث لا نعلم مكانها ، أو قد لا نستطيع وضعها في الموضع الصحيح ، وإذا تفجرت المشاعر ، وتتبعناها فغالبا ما نجد أننا لا تستطع التعامل مع حدتها أو حجمها ، ولذلك فنحن نمارس التبادل الوجداني مع الآخرين متجاهلين مشاعرنا الحقيقية ) .
ومستنكرين لها ، ومخفيـن لوجودها ، أو أننا نقع تحت وطأتها ونصاب بالإجهاد بسبب خوفنا أن تطغي علينا ، وفي الواقع فإن خوفنا من عواطفنا التي غالبا ما نقع أسرى لها هو الذي يجعلنا نتظاهر بغير ما نشعر به ، لذلك فنحن نفشل في أن نجرب الاقتراب الحقيقي من أنفسنا ، وممن لهم أهمية لنا.
والأخطاء الثلاثة الأخيرة هي إسداء النصح للغير ، وإنقاذ الآخريـن ، وحمايـة المحزونيـن ، وهذه الاخطاء تعمل على إفساد مصـالح من نهتم بمساعدتهم ، وغالباً ما تجعل مشاكلهم أسوأ مما هي عليه ، ولا يوجد لدينا أفضل من إرادتنا الواعية لمساعدة الآخرين ، ولكـن لأن هذه السلوكيات لا تخلو من محاولات لاشعورية للتحكم في الآخريـن بيـنما نبدو في الشكل طيبين ، فإن هذه السلوكيات تجهض فعلنا منذ البداية . . ونحـن فـي الأصل تبنينا هذه السلوكيات التسعة لنكون مقبولين اجتماعـياً ولنتجنـب الألم الوجداني .
ولنساعد المحتاجين لنا . دعني أقـول منذ البداية إن الانهماك في هذه السلوكيات يشعرنا بالبهجة من أنفسنا ، ورغم اننا مستمرين في ممارستها الآن بحكم العادة ، لكنها تبدو طبيعـيـة لـنا ، ولأننا غالبا لا ندرك توابعها الفظيعة في بعض الأحيان .
نعم يدفعنا بعض منها إلى الجنون ، ولكن حتى عندما يكون الحـال كذلـك ، فإننا لا نراها كمشكلات نحن مسئولون عنها . وإذا رأيناها كذلك ، فإننا عادة لا يكون لدينا الوقت للتفكير في كيفية التوقف عن تكرارها . ومع ذلك ففي أعماق أنفسنا ، بعيداً في اللاشعور يوجد خوف من أننا إذا توقفنا عن التصرف بهذه الطرق فقد لا نصبح لطفاء يوما ما.
من كتاب لا تكن لطيفاً أكثر من اللازم ل ديوك روبنسون