تجربة عملية للتقبل غير المشروط
قد ينتهي بك الحال إلى مواجهة القبول المشروط من الآخرين فتكون متعبا من محاولة إثبات نفسك لهم بلا أدنى شعور بأنك صالح بما يكفي.
الخطأ رقم 1 : محاولة أن تكون كاملاً وحينـئذ قد تشعر بالياس المطبق ، وبأنه لا يوجد شيء لديك لتقدمه . فتحملق في المجهول وتتسامى على مقاومتك لقبول ذاتك ، وتقرر أن تتخذ خطوة نحو الإيمان الأعمى كما يسميه الناس .
قد تتولد عندك الشجاعة التي تحتاجها لقبول ذاتك . ولكن ماذا لو أنك لم تجد من يغدق عليك الحب ؟ أو ماذا لو أنك كنت غير راض عن نزعتك إلى الكمال ولكنك لم تصل إلى الشيء الذي سيحررك لكي تقبل قبول الآخرين لك ؟
هب أنك ما زلت تقاوم التغيير ؟ فحينئذ ينبغي عليك أن تفعل شيئا بدلاً من أن تدع الأشياء تحدث لك بلا إرادة منك ، وما ستفعله سيظهر بالصورة التالية : سوف تعاهد نفسك أنك لمدة شهرين أو ثلاثة شهور ستجرب أن تتقبل جمـيـع مـن تعرفهم ، ومن تقابلهم ، وبعبارة أخرى ، لن تطلب من الـناس أن يمـروا بأي نوع من الاختبارات قبل أن تقبل معاشرتهم ، وأنت بهذا ستجرب الحب غير المشروط .
والغرض الأساسي من هذه التجربة هو أن تعرف إذا كان الحب غير المشـروط سيحرر الآخرين من الرغبة المستمرة في إرضائك وبالتالـي ستتسم علاقاتك بالمصداقية ، وفي النهاية ستدرك الفرق بين آثـار الحب المشروط ، وآثار الحب غير المشروط لكي تتوصل عند الانتهاء مـن التجربة إلى تقرير أي نوع منهما ستعطيه الأولوية في الناس بالطريقة التي تتناسب .
وعلى سبيل المثال سيختلف تقبلك لزميل جديد في العمل عن الحب الذي تقدمـه لزوجـتـك فـي عمقه وأبعاده ، وعلى ذلك فمهما جعلت نفسك مع جميع الناس فإنك ستعطيهم إشارات تساعدهم بها على فهم طبيعة العلاقة التي تريدها مع كل منهم .
ومـن المهـم أيضاً ملاحظة أنك لـم تتقبل الناس على الفـور لترضيهم ، أو لتجعلهم يحبونك ، حيث أن هذا هو نفس الشرك القديم في محاولـة السـعي نحو الكمال ، ولذلك فإنك لن تدع الناس يدوسون على مشـاعرك .
نعم إنك ستعرض نفسك بذلك للخداع حيث سنفترض حسن النية عند الناس وستتعرض لنواحي ضعفهم ، ونواحي قوتهم على السواء ، ولكن قبول الآخرين بأي شرط ليس دعوة لهم لاستغلالك .
وبالتالي لو أساء أحدهم معاملتك فلتضع حدا لذلك على الفور ؛ كأن ترفض مرافقتهم حـتى يظهروا لك الاحترام ، وبالطبع إذا اعتذروا بصدق فلتسامحهم لكي تحـرر نفسك وتحررهم من التحكم ، والرفض ، ولكنك تسهم في مشاكل الآخريـن بالسماح لهم باستغلال حبك ، والمحبون الحقيقيون لا يرفضون الآخرين فورياً ولا يسمحون لهم بالاستخفاف بمشاعرهم في نفس الوقت ، فإنهم يهتمون بالآخرين وبأنفسهم .
ولكـي تـزيد من فرص نجاح هذه التجربة يمكنك أن تخبر الـناس بالطـريقة التي ستعاملهم بها وأسبابها . وإخبارهم هذا لا لكي يمكنهم فقـط فهم ما يحدث ، ولكنه سيساعد في التصديق على التزامك بالتجربة ، وقد يحثهم على مساندة جهودك لتغيير نفسـك إلـى شخصية تستمتع بقبول الناس برغم نقصهم ، وتصل إلى رؤية نفسها انها لم تعد في حاجة إلى الكمال وإذا فشلت التجربة ، أي إذا ثبت أن القبول الناتج عن الحب لا يثري النفس أكثر من القبول المشروط فإنك حينئذ تستطيع الرجوع إلى محاولة أن تكون كاملا.
وتستطيع العودة إلى السعي المـرهق لإرضـاء الناس دائماً فعلى الأقل ستعلم أنك أعطيت الحب فرصة عادلة وبالطبع فأنا هنا أضع كل مراهناتي على الحب غير المشروط ، وأؤكـد علـى أنك ستدرك العبارة المتناقضة في ظاهرها ، والتي لا يمكن مقاومتها ، والتي يكتشفها كل من يحاول التجربة : افعل شيئا من أجل الناس بلا استحقاق منهم له وامتنع عن الحكم عليهم بما يستحقون وبذلـك تــرى نفسك.
وبعبارة أخرى حبهم كما هم وطلبا لمنفعتهم وحينئذ سيكون الشخص الذي يحصل على أكبر منفعة من ذلك هو أنت.
وجانب آخر للنفع في هذه التجربة هو أن قبولك للآخرين يمكن الناس أن يكونوا إيجابيين وأن يحبوا أنفسهم ، والآخرين بما فيهم ، ولن يتغير الجميع في الحال ، ولكن الحب دائماً من شخص لآخر كالعدوى ، وبطريقة غامضة ، ولكنها متوقعة فإن الحـب ينتشـر ذاتـيا ويغير الناس جذرياً بما يظهر أفضل ما فيهم ، ويوجههم نحو علاقات صحية ، وسلام نفسى.
من كتاب لا تكن لطيفاً أكثر من اللازم ل ديوك روبنسون