مقالات نورا عبد الفتاح

تعالى يا ابنى لما اسدها فى وشك

فيه حاجات كتيرة جدا فى الأساس سهلة بطبيعتها وممكن نحصل عليها بمنتهى السهولة والسرعة وقواعدها الأساسية بسيطة جدا، لكن احنا بنغير القواعد دى ونستبدلها بقواعد أصعب بكتير ونخنق نفسنا بيها، ونفضل خانقين بيها نفسنا وخانقين الناس، واحنا فاكرين إننا مجبرين عليها أو إنها هى النموذج.

زى مثلا قطع الأثاث الكبيرة جدا اللى بيجيبوها الناس اللى داخلين على جواز علشان الشقة متبقاش فاضية والعفش يبقى تايه فيها.

هو حد طايل شقة فاضية ورايقة ؟؟

فيروحوا جايبين قطع أثاث كبيرة جدا من غير أى داعى ولا حتى بتكون عاجباهم، علشان محدش يعلق تعليقات مش ظريفة.

فيعيشوا مزنوقين فى بيتهم بعفش مش عاجبهم علشان ناس عايشين فى بيوت تانية أصلا، مع إن الأسهل والأنسب لهم والأوفر كمان هو قطع الأثاث الصغيرة، بس هما اللى عقدوها لنفسهم.

أو موظف معندوش مشكلة إنه يتأخر فى الشغل من غير أوفر تايم أو يروح الشغل فى أجازته لأنه فاضى مثلا أو عايش لوحده، لكن تلاقيه بيرفض علشان الناس فى العموم مبتحبش اللى يشغلها زيادة من غير مقابل ولما حد بيعرف كدا بيقول عليه ساذج وعبيط، مع إن الأسهل لدماغه والأفضل فى شغله واللى هيزود خبرته هو إنه يقعد فيه فترة أطول، بس هو حب يعمل زى ما اصحابه بيعملوا، مع إنه لو اختلف عن اصحابه يمكن يترقى قبلهم ولا رؤسائه هيميزوه بشكل ما.

أو واحدة ست معندهاش مشكلة إن جوزها يتجوز عليها، لأنها عارفة إنها مشغولة أو لأنه محقق لها أمان مادى أكتر مما تتمنى أو لأنها مبتحبوش أو لأى أسباب، بس ترفض وتعمل مشاكل كتير وممكن تتطلق بس علشان الناس اللى حواليها مش هيتقبلوا إن جوزها هى يتجوز عليها هى ( يعنى هما برا الموضوع أصلا ).

أو واحد راجل مراته إشتغلت شغلانة فيها تأخير برا كتير وهو معندوش مشكلة لأنه بيتأخر كدا كدا برا ومش حاسس بفرق أو لأنها مرتبة أمورها فى البيت أو لأى سبب، بس بيرفض تأخيرها ويعمل معاها مشاكل علشان اللى حواليه مش عاجبهم الموضوع وهو عارف إنهم هيعملوا حوار على شعل مراته اللى بيأخرها برا.

وهكذا بقى أمثلة كتير جداً.

فيه حاجة غريبة بقى بتحصل فى الموضوع ده؛ وهى إن إحنا مش بس بنصعب على نفسنا الأمور، ده احنا كمان بنقول على اللى بيحاول يسهل اللى احنا بنصعبه إنه غلطان أو مش فاهم أو عبيط أو معندوش خبرة أو معندوش شخصية أو أى حاجة غير إنه سهل وبسيط وعايز الدنيا تمشي.

وتلاقى الناس بتقوله دايما إنت غريب أوى، إنت بتقول كلام ميتقالش، إنت بتعمل حاجات متتعملش، إنت مش فاهم حاجة أو يعملوا تصرفات كلها تحمل نفس المعنى.

ده غير الناس اللى بتشيل فى قلبها من ناحيته لمجرد إنه بسيط وبساطته دى مش بتريحهم، لأن البسيط بيبقى فى الغالب ماشي على الفطرة والفطرة مش دايماً بتبقى متوقعة، فالناس مبتبقاش قادرة تخمن ردود أفعاله أو خطواته الجاية فبيقلقوا منه، فيا إما بيحاربوا بساطته يا إما بيحاولوا يغيروه واحدة واحدة ولو فشلوا بيهمشوه ويريحوا دماغهم.

ساعات فيه ناس لما بيحصل معاهم موقف مبيعملوش أى رد فعل احتياطى لاحسن يطلع خارج الإطار وينسحبوا فى صمت؛ لحد ما يروحوا يسألوا حد من ذوى المناخير اللى بتتدخل فى كل حاجة ويسألوهم نعمل إيه ويروحوا يعملوه بالحرف، ليه يا ترى ؟
لأنهم خايفين يعملوا حاجة ضد الكليشيهات الشائعة فى مثل هذه المواقف.

مع إن الأسهل بكتير جدا إنهم يعملوا الأصلح من وجهة نظرهم والأنسب للموقف وميطلعوش حد عليه أصلا، ويبقى الموضوع خلص بمنتهى السرعة والسهولة، بس أحيانا إحنا نفسنا مبنقدرش نستوعب إن المواضيع تعدى فى سلام كدا، فنروح معقدينها لنفسنا ولو معرفناش، نسأل حد نعقدها لنفسنا إزاى، وطبعا هنلاقى كتير من عشاق التعقيد.

هتقولى وهما هيحبوا يعقدوا لنا أمورنا ليه ؟
أقولك؛ علشان يشعروا بالسعادة وبإنهم بيعملوا حاجة ليها وقع على غيرهم ودى حاجة بتسبب السعادة لناس كتير، إنهم يحسوا إن كلامهم مسموع وبالمرة يتسلوا، حتى لو كان التمن هيدفعه ناس تانية معملوش أى ذنب  غير إنهم خدوا رأيهم، وشعارهم فى هذه المرحلة ( تعالى يا ابنى لما أسدّها فى وشك، خلينى أرتاح ).

كان فيه مقولة عبقرية أنا مش فاكرة نَصها بالظبط ولا فاكرة مين اللى قالها بصراحة، بس معناها كان بيقول إن الناس بتحب نفسها أكتر لكن بتتأثر بآراء الآخرين أكتر.

ودى حاجة غريبة فعلا، هو إحنا ليه نتأثر بآراء ناس ونمشى فى طرق مش مناسبة لينا علشان خاطر ناس مش بنحبهم ولا بيحبونا ؟

لأن فى الغالب الناس اللى بنخاف من كلامهم وآرائهم ومناخيرهم اللى بتدخل فى كل المواضيع بيكونوا فعلا ولا هما بيحبونا ولا احنا بنحبهم، لأنهم ببساطة لو بيحبونا هيكون ردهم دايما ( شوف اللى يريحك ) من غير ما يوجعوا دماغهم ودماغنا.

فيه بقى أنواع أبشع من العقد اللى بتستند إلى أسس ماعرفش جابوها من أنهى بِركة، زى مينفعش حد يطلب منك فلوس ومتسلفوش، حتى لو علاقتك بيه سطحية، مينفعش حد يطلب يهجم عليك فى البيت كل شوية من غير إستئذان وتبين إنك متضايق أو تبين إنك مشغول، الكلام ده مينفعش يتقال وهو يبقى كلام عادى جدا مافيهوش أى حاجة، الفستان ده مينفعش ألبسه ده أنا شفت واحدة لابساه…. وحاجات شبه كدا.

الشئ الظريف بردو فى الموضوع ده إن الناس اللى بتلف الحبل حوالين رقبتنا بالقواعد الوهمية دى ويخنقونا بيها، فى الغالب مبيعملوهاش أصلا، هما لما الموضوع بيخصهم بيسهلوا على نفسهم الدنيا خالص ويشوفوا مصلحتهم إيه ويعملوها، يبقى إحنا اللى بندخل مناخيرهم فى أمورنا بمزاجنا والحل الوحيد إننا نطلع مناخيرهم من أمورنا بمزاجنا بردو.

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى
error: يمنع النسخ من هذا الموقع