مقالات نورا عبد الفتاح

بيقولك كورونا

هذه الكلمة “بيقوللك ” هى أكثر كلمات المعاجم الإنسانية إثارة للقلق والريبة، فهى تأخذ المجلس الذى تذكر فيه ” ورا الشمس”، وتسمح لأى مخلوق غريب يطلق إشاعات من تأليفه أو تأليف غيره وينشرها على أنها أخبار أكيدة.

كدول عالم واحد فإننا نواجه اليوم وعلى مدار الأسابيع الماضية وباء قاتل كما يقولون لنا فى وسائل الإعلام المحلية والعالمية، سريع الانتشار يحصد الأرواح كل يوم، ولم يتوقف بعد.

ولكن هناك أصوات أخرى تقول؛ ” هذا الوباء ليس بهذه الخطورة، له طرق سهلة للوقاية، لا تحتاج إلى وقت أو تكاليف؛ مثل غسل اليدين بشكل دائم، وتقليل التقبيل والأحضان اليومية بين الأصدقاء والزملاء وعدم وضع اليدين على العين أو الأنف أو الفم قدر الإمكان.

وهى نصائح صحيحة وواجبة التنفيذ فى الظروف العادية، بدون أوبئة وأمراض، وكلها أمور ننادى بها من قديم الأزل، لأنها فعليٱ أخطاء يجب التوقف عنها، ولا نجنى منها أى فوائد، فالحب والصداقة لا يقاصان أبدٱ بالقبل والأحضان.

هناك أيضٱ اتجاه ثالث وإن كنت أؤيده وأصدقه تمام التصديق، إلا أنه بالطبع غير مؤكد تأكيدٱ مطلقٱ، ولكن (قلبى دليلى)، يقول هذا الاتجاه أن فيروس كورونا المستجد هذا؛ فيروس مزعوم، وأن كل ما يحدث هذا مجرد خدعة يلعب فيها أصحابها بسياسات واقتصادات العالم كله، فى آن واحد وبأبسط المجهودات، ووسيلتهم الوحيدة لتحقيقها هى إرعاب العالم والسيطرة عليه فكريٱ ونفسيٱ والتسبب فى انهيارات إقتصادية وسياسية متعددة حول العالم.

أما بالنسبة للوباء المزعوم، فهو إن وُجد ليس ذو قيمة هائلة أو ليس كارثة إنسانية عالمية تنذر بنهاية العالم وتستدعى الهلع وتعطل المصالح والمدارس ومترو الأنفاق والنوادى ودور السينما والمولات التجارية والقطارات والمطارات وينصح الناس بتخزين أكبر قدر ممكن من المواد الغذائية والأدوية.

إيه يا جماعة فيه إيه ؟؟؟
ده آخره نوع من أنواع الأنفلونزا.
وفيه ناس إتعدت وخفت عادى.

سؤالى هو:

لماذا لو كان أمامنا ثلاث أيدولوجيات فكرية، نختار نحن الأسوء والأسود والأصعب والأظلم والأفشل ؟؟
لماذا أعجبتنا الدراما السوداء ؟
لماذا ساعدنا بكل طاقتنا على نشر أعداد المصابين وأعداد الوفيات ؟
( الذين لا يعلم حقيقة عددهم إلا الله ).

لماذا هرعنا إلى الصيدليات لشراء الماسكات والمطهرات والقفازات ومكثنا فى البيوت وتركنا مدارسنا ومصالحنا وأعمالنا ونزهاتنا وتجمعاتنا ؟
 لماذا لم نختر السير فى ركاب الاتجاه الثانى، الذى هون من المرض؟
أو فى الاتجاه الثالث الذى ينكر المشكلة ويؤكد أنها كذبة كبيرة ؟
لماذا نحن ضعفاء هكذا ؟
لماذا نتبادل الصوتيات والفيديوهات المرعبة المحرضة على الخوف وكيف نقى أنفسنا من الفيروس القاتل ؟
لا أحد يخرج، لا أحد يذهب إلى النوادى، لا أحد يذهب إلى العمل.

مع أول إختبار عالمى لنا، عرفنا مدى سلبيتنا وسوء تصرفنا وكم الإنهزامية والميل إلى الظلام والانصياع وراء القطيع، وليس هذا فى بلدى فقط ولا حتى فى العالم العربى وإنما هى خيبة أمل فى العالم أجمع.

وإن كنت قد إتُهمت بالخبل وقلة العقل من مثل هذا الكلام إلا أننى لا أستطيع تصديق أن مثل دور الإنفلونزا هذا، يستحق ما أخذه من طاقتنا وحديثنا وأوقاتنا وأموالنا، ولا يزال يأخذ.

لماذا لا نتابع أعداد المتعافين ؟
لماذا لا نذكر أنباء دول أنتجت أمصال وعلاجات ؟
لماذا لا نلجأ إلى الله، إن كنا قد صدقنا أن الوباء قادم وأن العالم على حافة الضياع ؟
( بدلٱ من الهرى ليل ونهار على السوشيال ميديا) ؟

لنهدأ كثيرٱ، فالأمر لا يستحق وحتى إن كان يستحق، فهذا الهلع لن يسمن ولن يغنى من جوع، ولن نجنى منه إلا ضياع الوقت والجهد والمال والهدوء النفسى الداخلى.

 

قال كورونا قال



مقالات ذات صلة

‫3 تعليقات

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى
error: يمنع النسخ من هذا الموقع
%d مدونون معجبون بهذه: