هكذا كانت الرسالة، فارسلت له أسأله عن أى تفصيلات أعرف منها أمرٱ جدّ عليه حديثٱ يؤرقه أو يسبب له أزمة ما، هل مشكلته فى عدم تقبل من حوله، هل يشعر أن الأمر يسوء مع الوقت، هل ضاق بالعلاج الدوائى مثلٱ ؟
وأسئلة كثيرة دارت فى ذهنى منذ قرأت الرسالة.
ولكنه لم يجب، وأنا أقدر مرضه تمامٱ حتى ولو لم يجب.
أعتقد أن مرضه فى حد ذاته هو أزمته، مرضه بكل تفاصيله, علاجه الدوائى وآثاره الجانبية, تعكر مزاجه, شعوره بالوحدة وعدم الانسجام مع من حوله, عدم وجود طاقة لفعل أى شئ, صعوبة النوم والحزن لفترات طويلة وعدم الرغبة فى مغادرة المنزل، السأم من الهم المستمر وتجنب مخالطة أى أحد، كل هذا هو أزمته الحقيقية.
صديقى العزيز:
أنا لا أعدد لك الأعراض وأذكرك بها، وإنما أود إعلامك أننى أقدر ما تشعر به ولا أستهين به على الاطلاق.
الاكتئاب يا صديقى شأنه شأن أى مرض، هو تغير فى كيمياء المخ كما تتغير كيمياء أى عضو فى الجسم فيمرض ويحتاج إلى علاج.
إن كنت تتناول علاج دوائى أو لا، فهناك جملة من الاجراءات لو قمت بها مجتمعة، لساعدتك بإذن الله ولو تدريجيٱ.
مثلا أن تقرأ كثيرٱ قدر ما تستطيع، وأن تشاهد فيديوهات أو تحضر ندوات للتنمية البشرية ستساعدك على فهم كيف تتخلص من الطاقات السلبية، مثل أن تقرأ القرءان الكريم ولكن (بتركيز) وأن تصلى (بتركيز)، مثل أن تذهب للمشى فى الهواء الطلق لأطول فترة ممكنة، أو تنغمس فى العمل لأطول ساعات ممكنة، وأن تبتعد عن الأماكن والأجواء التى لا تناسبك فورٱ.
جالس الطيبون لا سيما كبار السن والأطفال، وإياك أن تسمح لأحد أى كان أن يسفه من مرضك أو يسخر منه، من يفعل ذلك فانما هو المريض.
أحيانٱ يستخف الناس بمرضى الاكتئاب أو أى مرض نفسى، على اعتبار أن أعراضه لا تظهر على صاحبها مثل باقى الأمراض الأخرى، وذلك جهل مطبق وعدم علم، دعك منهم.
والأهم من هذا كله ألا تجعل من المرض أى كان نفسيٱ أو عضويٱ محورٱ لحياتك، أعلم أن كل ما أطلبه منك ثقيل عليك ولا طاقة لك به، ولكن حاول وستقدر، فالأمر ليس سهلٱ ولكنه ممكنٱ, وبقدر ما ستحارب المرض بقدر ما ستتخلص منه سريعا.
دمت فى صحة وسعادة.
وأتمنى لك الشفاء فى أقرب وقت والعودة لحياتك أفضل مما كنت.