الأسرةعلم نفسمقالات نورا عبد الفتاح

ستندم مرات عدة



إن كنت لا تحب الكذب فلا تتزوج كذابٱ وإن كنت لا تحب الفلسفة فلا تتزوج فيلسوفٱ وإن كنت لا تحب الصدق فلا تتزوج صادقٱ وإن كنت لا تحب الكآبة فلا تتزوج كئيبٱ.

الكذاب سيظل كذابٱ فى المواقف التى تستحق والتى لا تستحق والفيلسوف سيظل يحلل ويفكر ويدقق ويتأمل، والصادق سيظل صادقٱ فى الصغيرة قبل الكبيرة، ولن يتغير أحدٱ.

نسمع بشكل يومى عن خلافات بين الآباء والأبناء حول أمور الزواج؛ يقولون ” يا ابنى دى متنفعش معاك، يا بنتى ده مش لايق عليكى” دون تفصيل التفاصيل، ولكن لو نظرنا نظرة فوقية على هذا الخلاف لعرفنا أن الآباء بخبرتهم عرفوا أن لا أحد يتغير بسماته الطيبة والخبيثة،
فهم يعرفون أن البخيل سيبقى بخيلٱ لآخر أيام حياته وأن المدللة التى تتخلى عن مسئولياتها ستظل مدللة وستتخلى عن مسئولياتها حتى تكهل والأنانى سيظل أنانيٱ وهكذا.

ولكن ليس هذا ما يهمنى الآن فى هذا المقال.
إنما يهمني أن أبلغك خبرٱ أكيدٱ لم أصدقه إلا عندما رأيته بعينى فى عشرات المواقف.

إن هذين الزوجين وقد تربيا فى بيتين مختلفين وبمبادئ تربية غالبٱ مختلفة حتى ولو اختلافٱ بسيطٱ ومستوى مادى غالبٱ مختلف حتى ولو اختلافٱ ضئيلٱ وتعلما تعليمٱ مختلفٱ وهواياتهما مختلفة، قد تزوجا واشتركا للأسف فى حياة واحدة يفترض أن يتشاركا فيها فى كل شئ، ليس هذا وفقط، بل إنهم ينجبون ( أطفالٱ مشتركة )أيضٱ.

هؤلاء الأطفال خليط من هذه الأمور كلها؛ تربيتين مختلفتين، وهوايات مختلفة، وقدرات مختلفة ووجهات نظر فى كل شئ فى الكون مختلفة وبمبادئ حياة مختلفة وهكذا.

والمشكلة الكبيرة ليست فى ذلك أيضٱ ؛ إنما المشكلة الكبيرة أن هؤلاء الأبناء يرثون ليس فقط الشكل الخارجى؛ الملامح ولون العينين والبشرة بل يرثون أيضٱ الشكل الداخلى من سلوكيات وطباع.

فلو كان شريكك يتمتع بصفة أو صفتين رئيسيتين سيئتين، أصبحت تواجه معه فردين أو ثلاثة أو أربعة بنفس هذه الصفات ( واسمهم أولادك ).

فهم يرثون الصدق والكذب، التفاؤل والتطير، الأناقة والبشاعة، البخل والإسراف، الأنانية والإيثار.

يرثون أى قطعة من الدجاج تحبها، يرثون وقفتك ومشيتك ونبرة صوتك ، يرثون صراحتك أو ( لفك ودورانك )، يرثون طريقة تناولك للطعام، يرثون الأحداث التى تسعدك والتى تحزنك، يرثون نشاطك أو كسلك.

فتجد من نسخة شريكك التى لا تعجبك؛ نسختين إضافيتين أو ثلاثة، فتندم مرتين بل عدة مرات؛ مرة على زواجك من شخص ليس كفء لك من البداية ومرة على أنك ورطت نفسك فى أبناء أخذوا بعض أو كل صفات شريكك التى تحاول تغييرها منذ عرفته ومرات مع تكرار المواقف التى تذكرك بهذه الصفات.

إن كنت لا تحب الدين، لا تتزوج متدينٱ فكارهى الدين كُثر، وإن كنت لا تحب الغباء لا تتزوج غبيٱ فالأذكياء كُثر، وإن كنت لا تحب الصراحة فلا تتزوج صريحٱ فالمدلسين كُثر، الموضوع بسيط جدٱ والناس كثيرون، لا تجبر نفسك على اختيار شخص لا يتفق مع سماتك الطيبة منها والشريرة، إبحث عن من يشاركك خيرك وشرك دون خجل، إعلم أنك لو تحب الصدق فستتعذب مع الكذاب وإن كنت تحب الكسل فستتعذب مع النشيط، فلماذا ترهق نفسك وغيرك بما يمكن تجنيبه لك ولنسلك من البداية ؟

وصارح نفسك بميزاتك وابحث عن شبيه لها وصارحها أيضٱ بنواقصك وابحث عن شبيه لك ولا تتعجل لئلا تندم مرات عدة.

قل لنفسك أنا شخص كسول سأبحث عن كسول مثلى أو أنا شخص كذاب سأبحث عن كذاب مثلى أو أنا أخاف الله سأبحث عن من يخاف الله مثلى، هكذا الأمر بهذه البساطة ( اه والله ).

مقالات ذات صلة

اترك رد

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
error: يمنع النسخ من هذا الموقع