تنمية بشريةعلم نفس

من هو صاحب دور الضحية

الشخص الذي يلعب دور الضحية هو شخص قد تعرض في بداية حياته وربما في طفولته للعديد من الاضطرابات، والصدمات، والتعقيدات، والأمراض، ومشكلات أخرى، ولكنه يتخذ من هذا الدور طريقاً له ليستطيع تبرير ما يحدث معه من مشكلات.

كما يتخذ من دور الضحية طريقاً يبرر به عدم قدرته على حل مشكلاته، وأنه أضعف من أن ينهض ويقاوم ما يحدث معه، فعندما تتحطم أحلامه يصبح عاجزاً عن التصرف يقف في مكانه دون حركة، وبدلاً من أن ينهض مجدداً، فإنه يختار الطريق الأسهل له وهو أن يلعب دور الضحية التي حطمتها الحياة.


من الطبيعي أن تقف بعض المشكلات في طريقنا، وبالتأكيد سنشعر ببعض اليأس، ولربما نحتاج إلى بعض الوقت لنلملم شتات أنفسنا ونعود كما كنا، ولربما نقوم بوضع خطة جديدة لأحلامنا وطموحاتنا لتتناسب مع الواقع الذي نعيشه، وها نحن نعود من جديد.

وقد يختلف الوقت الذي يستغرقه الشخص ليتخطى مشكلاته وعقباته من شخص لآخر، فقد يشعر البعض بالحرج من التوقف قليلاً ورثاء أنفسهم، ربما لاعتقادهم أنهم مجرد مجموعة من الأشخاص المثيرين للشفقة، ولنكن واقعيين أنه ربما نشعر بالشفقة على أنفسنا لبعض الوقت، ولكن في النهاية يجب علينا جميعاً تجاوز الأمر والبدء من جديد.

وأن تشفق على نفسك لقليل من الوقت لهو أمر طبيعي تماماً، لكن احذر أن يتحول هذا الأمر وتغرق في الشفقة على نفسك وبمرور الوقت تصبح أحد هؤلاء الذين يستمتعون بلعب دور الضحية .


وتختلف عقلية الضحية أو الشخص الذي يلعب دور الضحية عن غيره، حيث يمتلك عدداً من المعتقدات التي يؤمن بها، فقد اتخذ من هذه المباديء حيلة دفاعية يحمي بها نفسه مما قد يعترضه من مشكلات ومن أهم هذه المعتقدات:

الحياة قاسية جدا.. فلا يستطيع مواجهتها

دائما ما سيقوم من يلعب دور الضحية بالتذمر والسخط على الحياة التي يعيشها، وعندما يقوم البعض بتقديم الحلول ليغير من حياته وليتخطى الأمر، دائما ما سيوافق على هذه الحلول، لكنه سيتبعها بكلمة لكن، دائما ما سيكون له اعتراضه على الحل الذي تقدمه، فالحياة قاسية ومواجهتها بتلك الطريقة لن تجدي نفعاً، لذا توقف عن مواجهتها واستسلم للأمر.

أنت لا تستطيع أن تفعل أي شيء لمساعدته

سيحاول دائما أن يترجاك لمساعدته لتخطي مشكلاته وإصلاح حياته، وعندما تفعل سيتهمك بأنك أفسدت الأمر وزدت من قسوة ما يعانيه، ولربما يشعر بالاكتئاب، وستحاول بأقصى جهدك لتجد المزيد والمزيد من الحلول ولتجعله يرى جدية الحلول التي تقدمها وأنها قادرة على حل مشكلته، ولكنه يرى أنك لا تستطيع مساعدته بحلولك تلك، وأن لا أحد قادر على مساعدته.

لن يستطيع أحد أن يفهم ما يمر به

إن حاولت مواجهته وإخباره بأنه بحاجة لأن يتوقف عما يفعله وأن يخرج من هذا الدور الذي يتقمصه، حينها سيبدأ بمهاجمتك وإخبارك بأنك لا تشعر بما يمر به، ولن تستطيع أن تفهم أبداً معاناته، فالحياة تقسو عليه أكثر من غيره، لذا فأنت لا تدرك معاناته، وسيستمر بإعتقاده هذا لأنه لا يرغب بمواجهة واقعية الحياة.



معتقدات أخرى

أنه لا يحاول النهوض مرة أخرى، ولا يحاول تخطي الأمر، لأنه يعتقد أنه سيخسر معركته في كل مرة يحاول فيها النهوض.

لا يثق بأحد، فالمؤامرات والخدع تحيط به من كل جانب.

الجميع يحاول التركيز فيما يفعله، ولن يتوقفوا عن انتقاده.

الجميع أصلب وأذكى منه، لذا هم جميعاً قادرون على تخطي الأمر ولن يفهموا ضعفه.

أساليب دور الضحية في الحياة

الابتزاز العاطفي

طبعاً من يلعب دور الضحية ينال رعاية ممن يعرفونه، بل أنه قد يستطيع كسب تعاطف جميع من يحيطون به، بل وينجح في إشعار من حوله بالذنب في حالة حاولوا التخلي عنه، حيث ينجح في ابتزاز المحيطين به عاطفياً وذلك ليقوم بإجبارهم على العناية به.

وقد يبدأ هذا الابتزاز بإجبار المحيطين به على توفير الدعم المادي له، بل قد يصل الأمر إلى إجبار الآخرين على اتخاذ القرارات المصيرية بدلاً منه، وفي حالة حدوث مشكلة يبدأ بإلقاء اللوم على الآخرين.

يعرف من يلعب دور الضحية كيف يستغل نقاط ضعف المحيطين به ليجبرهم على العناية به وإكمال العناية به في حالة قرروا التوقف، كما يمتلك القدرة على استغلال الآخرين عاطفياً ليحقق أهدافه.



من المفارقات المعقدة جداً، أن من يلعب دور الضحية دائماً ما يميل لجذب أحد الأشخاص المتنمرين ليكون بالقرب منه، حيث يميل الشخص المتنمر إلى الشخصيات الاعتمادية التي يستطيع أن يفرض السيطرة عليها.


ولأن من يلعب دور الضحية لديه اعتقاد دائم بأنه لا يستحق ولا يستطيع الحصول على شريك أفضل من هذا، وذلك لاعتقاده الدائم أن الحياة صعبة بما يكفي، كما أنه لا يستطيع الخروج من هذه الفقاعة، وإلا سيكون عليه مواجهة الحياة وتحمل مسئوليتها، وبالتالي فلن يفعل هذا فخوفه مما قد يواجهه من تحديات سيجعله يلتزم بفقاعته المغلقة.


كيف تتخلص من دور الضحية؟

من السهل لعب دور الضحية بدلاً من خوض التحديات وعيش الحياة بما فيها من تحديات وصعوبات، حيث يشعر من يلعب دور الضحية بالعجز وعدم قدرته على تجاوز الأمر، ولكن إن استطاع رؤية الحقيقة كاملة، حينها سيدرك أن هذا الدور لم يكن حقيقياً من البداية، وأنه أقوى مما يتخيل وأنه يستطيع أن يحقق بنفسه ما لا يستطيع غيره إنجازه، فيجب عليك الثقة بنفسك والإيمان بها لتبدأ من جديد.



وفي النهاية إن كنت أحد هؤلاء أو كان أحد المقربين منك يلعب هذا الدور، عليك بالبدء في التفكير في الأمر، والتخلص منه لتعيش حياتك بتحدياتها وصعوباتها.

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى
error: يمنع النسخ من هذا الموقع