الأسرةالتربيةمقالات نورا عبد الفتاح

وحدة العائلة الحلزونية ضد أى غريب

أخبرنا الله أن الزواج ” ميثاق” ” غليظ “، كلمة غليظ تعطى قيمة وأهمية وتستدعى الانتباه، وبقليل من التفكير ننتبه إلى أن الله سمح بين الزوجين بما لم يسمح به بين أى إثنين، مهما وصلت بينهما القرابة أو العشرة أو الأخوة أو حتى بين الشخص وأمه أو أبيه.

فالزوجين هما الشخصين الوحيدين فى الكون اللذَين ميزهما الله بعلاقة لا حدود فيها من أى نوع ولا حواجز ولا أسوار.
قال الله لنا ” هن لباس لكم وأنتم لباس لهن “، ليؤكد أهمية كلٱ منهما للآخر.

وأتعجب وأستنكر حال بعض العائلات العربية بل والأوروبية، التى تسير على منهج وكأنه القرءان ومن خالفه فهو ” كلبُ” ويستحق الإقصاء.
هذه هى الفكرة التى تعتبر بمثابة الأساس الذى يبنون عليه أن كل فرد من هذه العائلة(الحلزونية اللولبية الإقصائية) عليه أن يتزوج وينجب نسخٱ منهم.

أما إذا تزوج شخصٱ بتركيبات إنسانية وطرق تفكير مختلفة لا سمح الله، فما لديهم إلا الإقصاء، والإقصاء هنا لا يقف عند أفراد العائلة بل على الزوج أو الزوجة التابع لهذه العائلة، فيصبح منبوذٱ من زوجته ( زوجها) وعائلتها، ولا يكفون طوال الوقت عن بناء الحواجز بينهم وبين هذا الغريب الذى اقتحم عائلتهم ولا يزال يحتفظ بسماته وخصاله ويدافع عن طباعه، ببساطة لأنها هو، وهو بدونها لن يكون.

بغض النظر عن أن هذه صورة جلية لعدم التفاهم أو تقبل الاختلاف حتى فى أبسط الأمور، وهو الأمر الذى لن نناقشه الآن.

ولكن عدم قبول الاختلاف مع الأصحاب أو الجيران أو الزملاء قد تسير معه الحياة، لأن فترات تواجدنا مع هؤلاء محدودة،ولكن فترات تواجدنا مع بعضنا البعض كأزواج وزوجات، وعائلاتهما ليست محدودة بوقت بل تستمر لنهاية العمر إن إستمر الزواج.

ويحدث ذلك فى عائلات الزوجة كما يحدث فى عائلات الزوج، طالما كانت العائلة التابع لها الشخص من هذا النوع الذى لا يرى فى الحياة إلاه، ولا يفهم فى الحياة إلا منهجه ولا يصدق إلا أفكاره، حتى وإن كانوا على علم بخطأها.

كثيرٱ ما وصلتنى شكاوى أزواج وزوجات سببها تهميش شريك الحياة وأنه لا يشعر شريكه أنه ذا قيمة أو أهمية وأن نصيبه منه محدود جدٱ وهو يرى أن هذا لا يشبعه ولا يرضيه.

هؤلاء الشاكون يقفون حائرون لا يفهمون لماذا تقصينى زوجتى أو لماذا يهمشنى زوجى، يتسائل كلٱ منهما لماذا أسراره ليست عندى ؟
لماذا تجعلنى زوجتى صغيرٱ أمام أهلها ولماذا تقضى معهم الساعات بينما أنا تجالسنى دقائق ؟
لماذا يحرجنى زوجى أمام أهله ؟

أيها الشاكون الحائرون :
لقد تشاركتم الحياة مع شركاء يسيئون فهم الميثاق الغليظ، بل وتأخذهم العزة بالإثم، ويجاهروا باقتناع بأفعالهم ويكابروا فى كل حديث.

لحظكم أنكم تزوجتم من العائلات صاحبة مبدأ ” وحدة العائلة ضد أى غريب ” وأنت بالنسبة لهم غريبٱ ومريبٱ، تفكر بشكل مختلف وتلبس بشكل مختلف وتتحدث بشكل مختلف وتحب الكشرى بينما هم يكرهونه، وتحب الأزرق بينما هم يحبون الأحمر، إختلافك عنهم أزمة لا يجيدون التعامل معها، يخشون منك على القواعد التى وضعوها لأنفسهم ويرون فيك خطرٱ عليهم.

وبمنتهى الفطنة والحنكة والدهاء تجد الشريك يضحى بعلاقته بزوجته ( بزوجها) التى يراها ( تراه ) ليلٱ ونهارٱ فى مقابل الحفاظ على وحدة العائلة التى يراها مرة فى الأسبوع أو كما شاء، لمجرد رفض الاختلاف.

أنا هنا لا أفصل هذا الشريك عن عائلته( عائلتها) لا سمح الله أو أطلب منها قلب الصورة فتهمش عائلتها وتتحد مع زوجها ( زوجته)، على الإطلاق.

بل والله إن كل مبتغاى أن يساعد هذا الشريك هذه العائلة على تقبل هذا الفرد الجديد الذى تزوجته إبنتهم أو تزوجها ابنهم، دون محاولات دائمة لطمس معالم شخصيته وجعلها نسخة منهم وإلا يقلبون الطاولة وينهون اللعبة ويجعلون من الغريب عنهم الذى لا يشبههم الخاسر دائمٱ.


ويتصور أحيانٱ هذا الشريك الغير ذكى أنه باقصاءه هو وعائلته لشريكه فإنه سيجتذبه رغمٱ عنه ويغير طباعه وصفاته وسماته ويجبره على اتباع قواعد العائلة اللولبية، ولكن الأمر ليس سهلٱ، ليس سهلٱ أن تخرج أحدٱ من شخصيته، ليس سهلٱ عليك ولا عليه، هل جربت أنت أن تخرج من نفسك ومن عاداتك وصفاتك ونجحت ؟

وهل تتصور أنك هكذا قد تجذبه إليك وأنت تقصيه، وكأنك تجتذب فراشة بمبيد حشرى أو تجتذب طفلٱ وأنت توجه إلى وجهه خرطوم مياه.

كيف تجتذبه وأنت طوال الوقت تشعره أنه لا يشبهك ولا يخصك ولا تنتمى إليه، أنت لا تنتمى إلا لعائلتك التى تشبهك أما هو بسماته وصفاته التى عرفتها فيه وأحببته بها وتزوجته وهى فيه، فليس محورٱ فى حياتك.

فكر قليلٱ وستجد أن دخول فردٱ مختلفٱ جديدٱ فى عائلتكم لن يثير أى أزمات، فهو لن يغيركم ولكن لا تحاولوا أن تغيروه.

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى
error: يمنع النسخ من هذا الموقع