من هى فاطمة الفهرية ؟
ولدت فاطمة الفهرية، الملقبة ب”أم البنين” واسمها الكامل فاطمة بنت محمد الفهرية القرشية، بمدينة القيروان في تونس. بعض المصادر التاريخية ترجح أن يكون ذلك مع بداية القرن الثامن للميلاد.
وتعد فاطمة غصنا في شجرة تمتد جذورها إلى عقبة بن نافع الفهري، فاتح تونس ومؤسس مدينة القيروان.
لم تسهب المصادر التاريخية في ذكر الكثير عن صبا فاطمة الفهرية، ذلك أنه قبل ذلك، لم تكن شيئا في التاريخ بعد، عدا أنها نزحت وهي فتاة صغيرة بجانب عائلتها وكثير من التونسيين، من مدينة القيروان إلى مدينة فاس المغربية؛ تحديدا عدوة القرويين، وذلك في عهد حكم إدريس الثاني.
اختارت فاطمة الفهرية فاس مستقرا دائما لها، بعد أن طاب المقام فيها، فتزوجت هناك، وكان لأبيها وزوجها مال كثير. غير أنه لم تمض سنوات كثيرة حتى توفي الأب والزوج وأخ له، فورثت فاطمة بجانب أختها مريم، وحيدتي أبيهما، كل ماله، إضافة إلى مال زوجها، فأغدقت عليهما الدنيا بالثراء.
سخرت فاطمة مالها من أجل بناء مسجد على أرض اشترتها. وحلفت منذ ذلك اليوم ألا تفطر يوما وأن تظل صائمة إلى أن ينتهي بناؤه.
كان لتربية محمد بن عبد الله الفهري الدينية لابنتيه، فضل كبير عليهما، فقد تميزتا عند الناس بالورع والزهد في الدنيا والرغبة في التقرب من الله. هكذا، حين توفي وورثتا عنه ثروة طائلة، ثم وجدتا أن المسجد الذي يصلي فيه المسلمون ضيق، رأتا ضرورة بناء مسجدين قادرين على لم المسلمين جميعا للصلاة، فبنت فاطمة جامع القرويين في فاس، فيما بنت مريم جامع الأندلس في المدينة نفسها دائما.
وتذكر بعض المراجع التاريخية أن فاطمة اشترت أرضا بجانب بيتها من رجل ينتمي لقبيلة هوارة كان قد أقطعه إياها الأمير، ثم سخرت مالها من أجل بناء مسجد عليها.
كان ذلك في فاتح رمضان من سنة 859 للميلاد، وحلفت منذ ذلك اليوم ألا تفطر يوما وأن تظل صائمة إلى أن ينتهي بناؤه.
من جهته، يذكر المؤرخ التونسي حسن حسني عبد الوهاب، في كتابه “شهيرات التونسيات”، أن فاطمة “التزمت ألا تأخذ التراب وغيره من مادة البناء إلا من نفس الأرض التي اشترتها دون غيرها، فحفرت كهوفا في أعماقها وأخذت تستخرج الرمل الأصفر الجيد والجبص والحجر لتبني به، تحريا منها أن لا تدخل شبهة في تشييد المسجد”.
بناء جامع القرويين انتهى سنة 876 للميلاد؛ أي بعد 17 عاما من أول يوم شرع في بنائه، ولم تمر بعد ذلك سوى سنتين أو أكثر قليلا، حتى توفيت فاطمة الفهرية. وتذكر بعض المصادر أنها أسلمت روحها للموت بين عامي 878 و880 للميلاد.
الحديث عن فاطمة الفهرية، هو حديث بالضرورة عن جامع القرويين، فلا تكاد تذكر دون ذكره، ولا يذكر دون ذكرها.
ولعل فاطمة حينما فكرت في بنائه، لم يكن يدور بخلدها أن جامعها هذا، سيصير مع مرور السنين وتعاقب الأزمنة، أقدم جامعة في العالم، وفق العديد من المصادر التاريخية.
في ذكر فضلها على الملوك، يقول المؤرخ ابن خلدون: “فكأنما نبهت عزائم الملوك بعدها، وهذا فضل يؤتيه لمن يشاء من عباده الصالحين”. والواقع أننا نفهم ذلك مما ورد في كتاب “فاس عاصمة الأدارسة” لصاحبه محمد المنتصر بالله الكتاني:
درست في القرويين على مدى تاريخ وجودها الضارب في القدم، قامات وأعلام شهيرة، من قبيل ابن خلدون، وابن رشد، وابن ميمون، والشريف الإدريسي، وغيرهم كثيرون جدا.