الروح وعلومهاالفلسفةتنمية بشرية

فلسفة الكارهون

خلاصة لإصدارات البحوث النفسية والتحليل النفسي التي تبحث في أسباب الكراهية من خلال البحوث القائمة على الجوانب العاطفية والنفسية ، فقد قام الفلاسفة بصفة عامة بتجربة الانعكاس المجرد لظاهرة الكراهية.




وفقا لكثير من الفلاسفة، الكراهية تنشأ ردا على بعض مشاعر الحب، فالرغبة التي لم ولن يتم إشباعها تتحول إلى رغبة سلبية يمكن أن تأخذ شكل هاجس ملح، فالشخص المُحب يصعب عليه أن يدع هذا الشعور يذهب بعيدا، وهو الأمر الذي يترك حالة من الوهن الروحي.  



 وبالتالي، فإنه يريد للآخر أن يشعر بنفس ما يشعر به حيث تسعي رغبته، بحكم عملها، إلي شعور الآخر بالألم كوسيلة لرغبته الخاصة.

كما هو الحال في الحب، هذا الشخص يرغب أو يهدف إلي متعة (أو سعادة) الآخر كوسيلة لمتعته أو لإسعاده.. باختصار، هذه العاطفة الحزينة تنتج عندما يشعر الفرد أن الشخص الآخر قد فقد الرغبة التي يكنها هو له، وبالتالي يشعر أنه تعرض للخيانة.   



  ربما تعمل هذه الكراهية بوتيرة أقل قوة في التاريخ أو هياكل المجتمع من مثيلاتها في الحروب وعمليات الإبادة الجماعية، ومع ذلك، في كثير من الأحيان فإن هذه الكراهية تهاجم وتغير الهياكل الداخلية للقانون والسياسة والفقه، إنها تؤثر أيضا على الأمن والسلام وعلي”الرغبة في العيش معا” وذلك عندما تؤدي الكراهية إلى تصعيد العنف.  



 إننا نرى باستمرار عواقب مثل هذه “العاطفة” في وسائل الإعلام عندما يقدم زوج/ زوجة سابق/ ة علي الانتحار أو قتل أفراد عائلته/ ها قبل ان ينتحر/ تنتحر.  



 ووفقا لكثير من الفلاسفة، النوع الآخر من العاطفة مرادف للنفور.. فالشخص الذي يشعر بهذه الكراهية يريد أن يري الشخص المعني مدمرا بأي ثمن أو أن يكون بعيدا عن نظره.  


 هذا النفور يعد رغبة سلبية تتمسك بتحدي دفاعي وهجومي للفرد تجاه هدفه الذي يثير حنقه، هكذا يكون الفرد على الدوام في رد فعل مع ذلك الشخص الذي يكن له كراهيته بل ويصبح هاجسا لأنه يعتبره “سيئا”.  


 في هذا المعنى، أعلن الفلاسفة الذين حللوا مفهوم الكراهية أن هذا النوع من الكراهية من الصعب علاجه، فقط الشخص المستهدف بهذه العاطفة يمكنه التغيير والتحويل، الأمر الذي يمكن من قلب هذه الفكرة التي تكونت بشأنه.

أولئك الذين يكرهون ليسوا متعجلين في الوقت، إنهم يحاولون:  



 1- تجنب هذا الشخص معتبرين أنه مؤذٍ.  


 2- التفكير في “سقوط” الشخص المعني بالكراهية الذي يعتبرون أنه مذنب فيما يسبب من إيذاء أو معاناة.   


3- إيجاد طرق جديدة للضرر لجعله يعاني، وهلم جرا.   


وبالتالي، لفهم الشخص الذي يكن الكراهية، يجب أن نتخطي القيمة التي تقول أنه لا يوجد سبب وجيه للكراهية، فالأسباب موجودة، وحتى الشخص الكاره لا يكون دائما أول من يدرك أنه يكره.  



من يكره لديه طريقتين للمواجهة:


1- واحدة توصف بأنها “رسمية”.. هذه هي استراتيجية دفاعية ضد كائن نعتبر أنه خطر.   

2- واحدة توصف بأنها “غير رسمية”، وهي خفية وأكثر خطورة، تنطلق من نية عدوانية، وينظر الكاره إلى هدفه على أنه مذنب ونوايا الانتقام حيال الكائن الذي يعتبر مدان بشكل جوهري يمكن أن تؤدي بالشخص الذي يكره حقا أن يؤمن في الأساس بقيمة حكمه.  

الكائن الذي يكره يعتقد أن الشر الذي ارتكب ضده قد تم عن قصد ويبرر بعودة الكراهية إلي مكانها من قبل الكائن الذي يكن له النفور.

في نهاية المطاف، هذا الأمر يؤدي إلي دوامة لا نهائية من الكراهية التي تفقد موضوعها الأساسي.

وباختصار.. من خلال العديد من المبررات الذاتية والعاطفية، يمكن أن يضيع السبب الأساسي للكراهية في ذهن الشخص الذي يكره.

وحالة “مارك ليبين” الذي قتل 14 امرأة شابة في كلية الفنون التطبيقية في مونتريال يظهر هذا النوع من النفور الشديد.


تحقيقا لهذه الغاية، الأعمال التي يعتبرها المجتمع إجرامية قد تصبح مقبولة أخلاقيا من قبل الشخص الذي يكره.

على سبيل المثال، بعض جماعات الكراهية اليمينية المتطرفة تكن نفورا لمجتمعات ثقافية معينة، فعلى سبيل المثال الهجوم العنيف ضد شخص أسود أو اليهود، والذي يدينها القانون الكندي، هو أمر مقبول في ظل هذه الجماعات الكارهة، هذا لأنهم يعتقدون أن ضحية عنفهم هو المعتدي وأنهم هم الضحايا، إنهم يعتبرون المستهدف بكرههم مذنب.. بطريقة ما، يكون الأمر نوعاً من تصفية حسابات الشعور بالاحتقار، والذي يؤثر كثيرا في “الرغبة في العيش معا”، والسلام الاجتماعي.  


يمكننا أن نميز بين الكراهية “السيئة”، التي تسميها التقاليد “العدوان” أو “الحقد الكبير”، وأشكال الكراهية التي تظهر بشكل ذى مناحٍ مختلفة.



تتمثل الأشكال الأولي بالتالي في معاناة الآخرين والتي تصل إلي حد أن وفاته أو دماره وحتي قتله لا يمكن أن يشفي غليله، كما يُظهر مثال “أخيل” الذي سحب جثة عدوه المهزوم، قد يتصور المرء أن الأشخاص الذين يكنون “الكراهية” يصابون بخيبة أمل، بسبب غياب هدفهم.. هذا الكائن الذي يكرهونه بشدة.   



في المقابل، في حالة الكراهية التي تسمى بالنفور، الناس تريد للهدف الذي يكرهونه أن يمحي من الوجود، على الأقل بالنسبة لهم، يرغبون في إزالته من أفقهم، أو العيش بدونه.. هكذ.

ويعتقد الفلاسفة أنه يجب النظر في نشأة الكراهية وفقا للنية، فبالنسبة لهم، الشعور بالكراهية له هدفان: “التمزيق” أو “النفور” من قبل هذا الشخص.   

وفقا لكثير من الفلاسفة، من المهم أن نتذكر أن الكراهية هي العاطفة التي تعتبر الوسيلة أو الأسلوب أو الطريقة لإيصال أو التحرر من حالة ما لم يعد الشخص قادرا على تحملها.

باختصار، الرغبات التي لا يتم التعبير عنها تشكل فائضا في العاطفة، والتعبير عن هذه العاطفة يجعل فراغا لدي الفرد عن طريق الحد من هذا الفائض.


وهذا يمكن أن يخلق استمراراً للكراهية، أو حتى تصاعدها، الأمر الذي قد يصل بهذا الفرد إلي أنه لم يعد يعرف سبب كرهه، وهكذا تكون الكراهية هي غرضه الأساسي، تؤدي في النهاية إلى دوامة سلبية من المشاعر والتي يمكن أن تصبح هاجسا حقيقيا في السعي لتحقيق هذا الغرض كغرض حياتي أو كمهمة عند الشخص الذي يكره.



والعديد من الفلاسفة يقولون إن الحل ليس في الكراهية، ولكن في الهدف من هذه الكراهية، الذي يمكن أن يتغير ويتطور.

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى
error: يمنع النسخ من هذا الموقع