حول مقولة ( بلغ السيل الزبى)
إنّ هذا المثل (بلغ السيل الزبى) من الأمثال العربية القديمة التي تقال في الأوقات التي تصل فيها الأمور إلى حد لا يمكن السكوت عليه، فينفذ حينها الصبر؛ لأنّه قد كان من غير المتصور أو المتوقع أن تصل الأمور إلى ذلك الحد، فإذا حدث ووصلت إلى ذلك الحد، ففي هذه الحالة تكون قد فاقت التوقّعات والحسابات، فلا يحتمل الصّبر حينها، ولا يمكن السكوت عليها.
إنّ معنى (الزُّبَى) كما يقول صاحب لسان العرب: « جمع زُبْيَة، وهي الرابية لا يعلوها الماء » والرابية: هي كل ما ارتفع عن الأرض.
وقيل أيضًا في معناها: أنها حفرة تحفر للأسد بقصد اصطياده، ولا تحفر إلا في مكانٍ عالٍ من الأرض؛ حتى لا يبلغها السيل.
ويقول صاحب مَجْمَع الأمثال في شرحه لمعنى (بلغ السيل الزبى): « هي جمع زُبْيَة، وهي حُفرةٌ تُحْفر للأسد إذا أرادوا صيده، وأصلها الرابية لا يعلوها الماء، فإذا بلغها السيل كان جارفًا مجحفًا.
ويقال أن القصة التي تقف وراء هذا المثل هي أن رجلًا كان يعمل في صيد الأسود قام بحفر زبية عميقة على إحدى الروابي، ثم قام بتغطيتها بالأغصان والأعواد ووضع الطُّعْم الذي سيخدع به الأسد ويجذبه إلى تلك الزبية، فيسهل عليه اصطياده، ولكن كما يقال: تجري الرياح بما لا تشتهي السفن، حيث أنه في ذلك اليوم أمطرت السماء مطرًا غزيرًا وسالت السيول حتى وصلت تلك الرابية وطمرت الزبية التي أعدها ذلك الصياد لاصطياد الأسد، فأفسدت عليه الصيد، فقال حينها هذا المثل: (بلغ السيل الزبى).
فإذا طرأ على الإنسان أمر معيّن، أو وقع في مشكلة ما وتفاقمت به إلى أن وصلت إلى حدٍ كبير فاق التوقّعات ولا يمكن السكوت عليه، فحينئذ يستطيع هذا الإنسان أن يتمثّل بهذا المثل: (لقد بلغ السيل الزبى).
فهو يشبه ذلك الأمر الذي تجاوز حدّه بالسيل الذي تفاقم وزاد في جريانه، فخرج عن المألوف وجاوز حدّه، ووصل به الأمر إلى أن يصيب الرابية المرتفعة عن الأرض، فيجرفها أو يطمرها!
هذا ونسأل الله ألا يبلغ بنا السيل الزبى في أي أمرٍ من أمور الحياة.