شرّ الجدال
مفهوم النّقاش، وهو الذي ورد في علم الاجتماع كشكل من أشكال التّخاطب، والتّواصل بين الأشخاص والتفاعل فيما بينهم بأسلوب عفوي ووفق قواعد تدل على الأدب والاحترام، وفي النّقاش يجب أن تلتزم الأطراف المتناقشة بمهارة الاستماع والإنصات للطّرف الآخر، مع عدم التّعصب للآراء الشّخصية والأخذ بها ورفض أيّ رأي مخالف.
ومن آداب النّقاش ألّا يكون النقاش بهدف الشّهرة وتسليط الأضواء وإثبات الرأي فقط، وعندما يلتزم الإنسان بقواعد النّقاش وآدابه يمكن حينها إيجاد حلول للمشاكل التي تواجهه، واكتساب المعارف والمهارات، بالإضافة لمشاركة الآخرين الأفكار والاستفادة منها مع تأثر الشخص بأفكار غيره.
وهذا ما يختلف كليٱ عن الجدال المأخوذ من جدل الحبل؛ أيّ فتله وكأنّ المجادل يفتل برأيه على الشّخص الآخر، فالجدال أشبه بطريقة الصّراع بالأفكار ليثبت الشّخص وجهة نظره وصحتها، فإذا جادل النّاس بعضهم بعضًا فإنّ ذلك يدل على الخصومة والشدة بالحوار، ومقابلة حجة الشّخص المجادل بحجة الآخر، وقد قال الجرجاني بأنّ الجدال هو إثبات الإنسان لوجهة نظره بحجة أو ما شابهها.
وللجدال نوعان إثنان جدال مذموم؛ وهو الجدال بالباطل، فلا يرجى النّفع منه، والمجادل فيه يتصف جداله بأنّه لا ينبني على أسس علمية، والنّوع الثّاني من الجدال وهو الجدال المحمود فيكون من أجل إظهار الحقّ، وهذا ما قاله ابن عثيمين:
بأنّه إذا كان الهدف من المجادلة هو الانتصار على العلماء وإثبات رأي السّفهاء فهذا مذموم، أمّا إن كان لإثبات الحقّ فهو محمود.
ما الفرق إذٱ بين النقاش والجدال :
النّقاش يتميز عن الجدال، بأنِّه المناقشة ويدخل في ضمنها الحوار والمناظرة، وتكون بترداد الكلام في النقاش بين المتناقشين، كلٌ منهما يحاول إثبات صحة رأيه، ولكن مع الرغبة في إظهار الحقّ ودحض الباطل.
أما الجدال فيراد منه أن يُلزم المجادل الشخص الأخر برأيه، ويغلبه بالنّقاش، ويجبره برأيه، وكي لا يقع الشّخص في هذا الأمر، فعليه الالتزام بآداب الحوار والتي تتمثل بما يأتي:
عدم تكذيب الشخص الآخر والطّعن في أدلته، إلّا إن وجد دليلًا صحيحًا على كلامه وادعائه.
أن يتوقف عن المجادلة والجدال إذا كان سيسبب فسادًا.
قبول نتائج الحوار والمناقشة وعدم الإصرار على إثبات الرأي.
نية الإنسان المناقش الصادقة والتي تدفعه لإثبات الحقّ وإظهاره، وتقف أمام رغباته وشهواته بالظهور والسمعة والرياء.
التحلي بالأخلاق الإسلامية؛ فلا يستهزئ المرء بمن أمامه، أو لمزهم أو القدح بصفاتهم.
عدم الإطالة بالكلام أواستخدام الألفاظ الغريبة والمستهجنة.
في حال قدّم الشخص البيانات والأدلة على كلامه، يجب أن يتوافر فيها المطابقة وعدم التّناقض.