من هو ذو القرنين
ذُكر ذو القرنين في سورة الكهف، وهو ملك صالح مسلم عابد لله تعالى، جاب الأرض ينشر الإسلام ويدعو إليه، وينصر المظلوم، ويقيم العدل، ويقمع الكفر وأهله، وقد اختلف في كون ذي القرنين نبيٌ أم ملك، أو أنه ليس بنبيٍ ولا ملك، أما قول البعض في أن ذا القرنين هو الإسكندر المقدوني الذي قهر الفرس فهو قول باطل، فالفرق بين الإسكندر المقدوني وذي القرنين، أن الأول كان غير مسلم ويونانيًا، في حين أنَّ ذا القرنين مسلمٌ عربيّ.
بدأت قصة ذي القرنين في القرآن الكريم بسبب طلب قريش من اليهود أن يذكر لهم الرسول صلى الله عليه وسلم قصة ذي القرنين، فأنزل الله سبحانه وتعالى قوله: (وَيَسْأَلُونَكَ عَن ذِي الْقَرْنَيْنِ ۖ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُم مِّنْهُ ذِكْرًا).
فذكر جلّ وعلا أنَّ ذا القرنين كان ذو ملك واسع وصاحب آلات مكنته من تحصيل مقاصده العظيمة، وأوتي من كل سبب من طعام وأمتعة وزاد ما يستطيع به أن يصل إلى مقصوده.
قال تعالى: (إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِن كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا).
وقد طاف الأرض، حتى وصل إلى أقصى ما يمكن أن يصل إليه إنسان، وهو مغرب الشمس، والمراد به البحر، والتقى هناك بأهل تلك المنطقة وحكّمه الله فيهم، ثمَّ سلك طريقًا من المغرب إلى المشرق، وأخيرًا سلك طريقه فوجد قومًا عجمًا، فذكروا له إفساد يأجوج ومأجوج وعدوانهم، فبنى سدًا لم يستطع أن يخرقه أولئك الظالمون.
أسلم ذو القرنين على يد نبي الله إبراهيم الخليل عليه السلام، وطاف مع أنبياء الله إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام حول الكعبة المشرفة. سُمي ذو القرنين بهذه التسمية؛ وذلك لأنَّه استطاع تملك أماكن عديدة من مشارق الأرض ومغاربها، أي أنَّه بلغ قرني الشمس من الشرق والغرب، وعليه كانت التسميّة.
أظهر الله في محكم تنزيله أنَّ ذا القرنين كان من أحسن الملوك الذين أقاموا دولتهم على مفاهيم حضاريّة، وجُعلت سيرته من أروع السير التي تقود إلى الحكم العادل، وأرشد القرآن الكريم عباده إلى ركائز الحضارة الربانيّة التي تعتمد على شريعة الله في تحكيم العباد، ولعلّ أهم هذه الركائز: العدل، والعمل، والإيمان، ومن الجدير ذكره أنَّ ذا القرنين بنى حضارة ربانيّة معتمدة كل الاعتماد على الإيمان، والعلم، والعمل، والإصلاح، واستطاع تخليص العباد من حكم الطواغية، ومن الكفر، والشرك، كما حرص ذو القرنين على تربية جنوده تربية صالحة وسليمة.