الدنيا هتقف لا مش هتقف
فى شهر رجب فى العام الثانى بعد الهجرة أرسل سيدنا محمد سرية عبد الله بن جحش وكانوا فى شهر من الأشهر الحرم ومحرم فيها القتال، فى طريق هذه السرية مروا بقبيلة من قبائل قريش بها شخص يدعى عمرو بن الخضرمى، فأطلق عليه أحد الصحابة سهماً فأصابه فقتله.
عندما أخبروا النبى عليه الصلاة والسلام غضب غضباً شديداً وقال ( ما أمرتكم بقتال فى الأشهر الحرم ).
فى هذه الأثناء إستغلت قريش الفرصة ونشرت بسرعة كبيرة أن محمد يقتل فى الأشهر الحرم وأن المسلمين يقتلون فى الأشهر الحرم.
كان البعض لا يصدق ويظن أنها إشاعات وأن محمد لا يقتل فى الأشهر الحرم، ولكنه لم يستغل شك البعض فى كذب قريش، واضطر للاعتراف بقتل عمرو بن الخضرمى ودفع لأهل عمرو الدية.
إعترف بخطأ إرتكبه المسلمون وأكده ولم يخفيه وينكره أو يغفله !!!
ونزلت الآية القرآنية ( يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير ).
وفى غزوة بدر وكان المسلمون يستعدون لمعركة من أهم معاركهم ومحمد عليه أفضل الصلاة والسلام يصفّهم بعصا رقيقة ضعيفة، وجد سواد الصحابى الجليل خارجاً عن الصف فدفعه إلى ضبط الصف بهذه العصا الرفيعة حتى يستوى الصف وينضبط، فقال له سواد ( أوجعتنى يا رسول الله )، فأعطاه النبى العصا وقال له إقتص منى !!!!
فاحتضنه سواد وتبرك به وتمرغ فيه وقال له ( ما تمنيت إلا أن يمس جسدى جسدك قبل أن أدخل المعركة فربما أُقتل فيكون هذا آخر عهدى بالدنيا ).
فى القصة الأولى إعترف النبى بقتل عمرو بن الخضرمى ودفع الدية، وأعطى سواد الحق فى الاقتصاص منه وهو قائد الجيش ورئيس الدولة ونبى الله لمجرد أن ضرب سواد بعصا رفيعة فى القصة القانية !!!
لماذا لا نفعل مثله ؟لماذا لا نقلده ؟
بعض الناس يقولون ( أنا مش سيدنا محمد، أنا مش نبى، متقارنونيش بيه ).
نحن لا نقارن به أحد فلا أحد يقارن به، إننا فقط واااااجب علينا أن نقلده ونتبع هديه ( أومال ربنا بعته لنا ليه ؟؟؟؟ علشان نقول هو حاجة واحنا حاجة تانية ؟؟؟
إن كان الله قد أرسله لنا ليعلمنا أصول التعاملات وفن الرد وحل المشكلات واحترام بعضنا البعض وتقدير بعضنا البعض،
التعامل بالأمانة فيما بيننا والتعامل بالحسنى فيما بيننا، أرسله الله لتعليمنا أصول ديننا ولكنه قال أن الله أرسله ليعلمنا الأخلااااق ( إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق ).
إعترف النبى بوقوع خطأ ما وأصلحه على الفور ودون تفكير أو لف ودوران أو حتى مراجعة، ما بالنا نحن ننكر أخطائنا كلها بمنتهى الفرعنة والجبروت ونقذفها خلف ظهورنا بكل قوتنا وإلى أبعد مكان وكأنها لم تكن.
( والشاطر اللى ميعترفش بغلطه أبدا، يا إما يبقى عبيط )
فى أغنية لمطرب جميل يدعى مصطفى شوقى يقول فى أغنية له ( نمرود وطالب عليوى، نمكى ونقرى وبتاع تفاصيل، وباشغل الحاسة السادسة وباطلع القطط الفطسى وبابروز الحاجة الناقصة فشر التماثيل، وعن الغرام عامل اضراب لحد ما ألقى حبيب تفصيل ).
أغنية مليئة بالاعتراف بالعيوب الشخصية التى يعتبرها الناس عيوباً ولكنها سمات سلبية أو غير مريحة ولكنه متصالح معها ومعترف بها كل الاعتراف، ولا يبالى بردود أفعال أحد، يقولها الواحدة تلو الأخرى وكأنها مزايا.
أما نحن عندما يقول واحد للآخر إنت مغرور، سرعان ما يدافع الثانى عن نفسه وكأنه فى محكمة حتى مع علمه التام أنه بالفعل مغرور.
على كل حال ليس من حق أحد أن يحكم على آخر أو يصفه بصفات لا ترضيه، ولكن على الصعيد الآخر ما من مشكلة من الاعتراف بعيب أو خطأ ارتكبناه !
إيه اللى هيحصل فى الدنيا لو اعترفنا بخطأنا أو إعتذرنا ؟؟؟
هل سيقف حال الدنيا ؟؟؟لا، إطمئن، لن يقف بإعتذار أحد ولا بإنكار أحد !
ولكنه سيسهل الأمور ويسهل الحياة ويعيد الحقوق وينشر التقدير وأمور جميلة أخرى.
يقولون أن هذا الاعتراف يمثل نقطة ضعف وفرصة لدخول الأوغاد لينتقصوا منك أو يتسببون فى إهانتك أو إضعاف مواقفك عموماً.
طظ فيهم !
فى جميع الأحوال سيكون هناك من يبحث عن هفواتك حتى التى لم تفعلها، ويتهمك بتهم لم ترتكبها.
يقول الله جل وعلى ( خير الخطائين التوابون )، يقول الله أنه من بين كل الخطائين يميز التوابون الذين يخلطون أعمالهم الصالحة بالسيئة ويعترفون ويتوبون فيحبهم ويعتبرهم خير الخطائين ).
نيجى احنا بقى ونحاسب بعض على الصغيرة والكبيرة إلى أن يقتنع الجميع أن إخفاء العيوب والأخطاء هو الحل وهو المفر الأوحد !
لماذا نرتكب أخطاء وننكرها ؟
ولماذا نقيم سلوكيات بعضنا البعض دون حق ؟
ولماذا نستغل إعتراف شخص بخطأه ؟؟
هذا لأننا فى القاع !!!!