معنى ربنا الله
الله ( الرب ) تبارك وتعالى قال تعالى : « الحمد لله رب العلمين ﴾ [ الفاتحة . وقال سبحانه : « سلام قولا من رب رحيم ﴾ [ يس ] .
المعنى اللغوي : يطلق الرب على : المالك ، والسيد ، والمدبر ، والقيم ، والمنعم ، والمصلح ، والمعبود .
والرب في الأصل من التربية ، وهو إنشاء الشيء حالا فحالا إلى التمام . ولا يقال ( الرب ) معرفا بالألف واللام مطلقا إلا لله عز وجل ، ويطلق مضافا له ولغيره ، نحو : « رب العلمين ) ، وإذا أطلق على غيره أضيف ، كرب الدار ، ورب الفرس.
المعنى الشرعي : الله سبحانه هو الرب الذي لا رب لنا سواه : فهو رب الأرباب ، ومعبود العباد ، يملك المالك والمملوك ، وجميع العباد ، وهو خالق ذلك ورازقه .
فاسم الرب له الجمع الجامع لجميع المخلوقات ، فهو رب كل شيء ، وخالقه ، والقادر عليه ، لا يخرج شيء عن ربوبيته ، وكل من في الأرض والسموات ، عبداً له في قبضته ، وتحت قهره، فهو تعالى السيد المطاع ، الذي لا شبه له ، ولا مثل في سؤدده ، فهو سبحانه الذي يسوس مربوبه ، ويربيه كيف ، وكما شاء.
فهو سبحانه الذي ربى جميع المخلوقات بنعمه ، وأوجدها وأعدها لكل ما يليق بها ، وأمدها بما تحتاج إليه ، أعطى كل شيء خلقه اللائق به ، ثم هدى كل مخلوق لما خلق له ، وأغدق على عباده بالنّعم العظيمة ، التي لو فقدوها لم يكن لهم البقاء.
وهذا الاسم الجليل يجمع الكثير من صفات الأفعال ، ” بل إنه إذا أُفرد يتناول في دلالته ، سائر أسماء الله الحسنى ، وصفاته العليا.
ولهذا كان هذا الاسم العظيم الكبير الشأن ، عزيز في نفوس وقلوب الأنبياء ، والأولياء ، وأولي الألباب ، لتضمنه معاني الجلال والجمال والكمال ، لهذا كان تصدير الدعاء في غالب أدعية القرآن الكريم ، وسنة الحبيب ﷺ به ، كما وردت الآية الكريمة: « ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخسرين 2 [ الأعراف ] ، ودعاء موسى عليه السلام : ( رب إني لما أنزلت إلى من خير من فقير [ القصص : ٢٤ ].
ودعاء إبراهيم عليه السلام : ( ربنا اغفر لى
ولوالدي وللمؤمنين يوم يقوم الحساب * [ إبراهيم ) ، ودعاء نبينا : وقل رب أعوذ بك من همزت الشيطين ﴾ [ المؤمنون ) ، ودعاء أولي العلم : « ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا » [ آل عمران : 8 ] ، ودعاء عباد الرحمن الأصفياء : « ربنا هب لنا من أزواجنا وذريتنا قرة أعين [ فرقان : ۷۰ ] فقد ورد هذا الاسم المبارك ” في أكثر من ( ٩٠٠ ) موضع في كتاب الله تبارك وتعالى “.
ناهيك عن كثرة وروده في السنة المطهرة ، فقد عده بعض أهل العلم من الصحابة ” كأبي الدرداء ، وابن عباس رضي الله عنهم ، أنه اسم الله الأعظم ”
وربوبيته جل وعلا لخلقه نوعان :
( ۱ ) ربوبية عامة : وهي لجميع الخلائق برهم وفاجرهم ، مؤمنهم وكافرهم ، حتى الجمادات ، وهي تربيته لهم بالخلق ، والتدبير ، والإصلاح ، والرزق ، والإنعام ، والسيادة ، والملك.
( 2 ) ربوبية خاصة : وهي تربيته سبحانه لأصفيائه ، بإصلاح قلوبهم ، وأرواحهم ، وأخلاقهم ، وأعمالهم ، فيغذيهم بالإيمان ، ويخرجهم من الظلمات إلى النور ، وتيسيرهم لليسرى ، وتجنيبهم للعسرى ، وتيسيرهم لكل خير ، وحفظهم من كل شر ، ولهذا كان أكثر دعائهم بهذا الاسم الجليل ، لأنهم يطلبون منه الربوبية الخاصة .
حمد جميع المخلوقات على ربوبيته : ” قال تعالى : « وقيل الحمد لله رب العلمين [ الزمر ] ، هذا إخبار عن حمد الكون أجمعه لله رب العالمين.
كما قال تعالى عن أهل الجنة : « واخر دعواهم أن الحمد لله رب العلمين ) [ يونس ]
جلال الرب : من جلال ربوبيته تبارك وتعالى أنها ربوبية لكل العالمين ، ومن جلالها أنها ربوبية منزهة عن كل النقائص والعيوب المتضمنة لكل كمال وتعظيم ، قال سبحانه : « وسبحان الله رب العالمين [ النحل ، وهي ربوبية عظمة وجلال ، منزهة عن الشبيه والمثال ، قال تعالى : « فسبح باسم ربك العظيم [ الواقعة ، وهي ربوبية عطف ورحمة ، قال جل جلاله : « الحمد لله رب العلمين الرحمن الرحيم. ( الفاتحة ) . وقال تعالى : « سلام قولا من رب ) [ يس ] .
فاقتران ربوبيته برحمته ، کاقتران استوائه على عرشه برحمته ، قال عز شأنه : « الرحمن على العرش استوى ﴾ [ طه ]، فوسع تعالى كل شيء بربوبيته ، ورحمته، ومن جلالها أنها ربوبية ستر ومغفرة ، قال تعالى : « بلدة طيبة ورب غفور [ سبأ ] ، فدل على أن من أخص صفات ربوبيته الرحمة ، والرأفة ، والمغفرة ، وأنها من موجبات ربوبيته الجليلة ، وهي ربوبية عزة ، وقوة ، وغلبة ، ومنعة.
قال سبحانه : « رب السموات والأرض وما بينهما العزيز الغفّر » [ ص ].
ومن جلالها أنها ربوبية كرم ، وعطاء ، وجود بلا حدود ، قال تعالى : يأيها الإنسان ما غرك بربك الكريم [ الانفطار ].
ومن جلال ربوبيته أنه ” قد استوى على عرشه وتفرد بتدبير ملكه ، فالتدبير كله بيديه ، ومصير الأمور كلها إليه ، فمراسيم التدبيرات نازلة من عنده ، على أيدي ملائكته في كل ساعة وحين : يخلق ويرزق ، يحي ويميت ، يخفض ويرفع ، يعطي ويمنع ، يقبض ويبسط ، يعز ويذل ، يكشف الكرب عن المكروبين ، ويجيب دعوة المضطرين “.
فـ تبارك الله رب العالمين [ الأعراف ].
ينبغي للعبد أن يكتسي ثوب العبودية ، ويخلع عن نفسه رداء الربوبية ، لعلمه أن ربه هو المنفرد بها ، من علوّ الشأن ، والقهر ، والفوقية ، فيربى نفسه على الطاعة والعبودية لرب
البرية ، واتباع النبي ﷺ في كل سننه السنية.
قال ﷺ : « ذاق طعم الإيمان ، من رضي بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد ﷺ رسولا » وينبغي للعبد أن يتوسل إلى ربه بهذا الاسم الجليل في كل مطلوب ومرغوب ، فإن الإجابة من لوازم ربوبيته العلية.
من كتاب أسماء الله الحسنى جلالها .. ولطائف اقترانها .. وثمراتها.
تأليف : ماهر مقدّم.