ربنا يبعت
هنيئٱ لمن يعشق النقاشات والحوارات والجلسات الفلسفية ويحصل على ولو واحدة كل عام.
يحدث أن يصبح حلمك أن تجلس مع أشخاص ذوو عقول واعية ناضجة؛ تحترم أفكار أى إنسان على وجه الأرض؛ حتى وإن كانت لغوٱ، ويا حبذا لو كانت مع أناس قريبين منك فى أغلب توجهاتك، فيصبح الحوار هادئٱ؛ مفيدٱ ومنعشٱ للذهن، تخرج منه وكأنك ألقيت من على كتفك حملٱ ثقيلٱ، اسمه ألمٱ من فوضى العالم.
هل لديك هؤلاء الذين ينقلونك من حالة معتمة إلى حالة بديعة، من حالة الركود إلى النشاط، من حالة الضيق إلى حالة البراح ؟
يحدث أن يصبح همك أن تترقى فى عملك أو تسافر إلى مكان ما أو تنتقل للعيش فى بلد ما، أو أن تجنى قدر معين من المال، ولكن أن يصبح همك أن تجلس جلسة مع بشر هادئون مسالمون متصالحون مع العالم، متقاربون وإن إختلفوا؛ فهذا أمر غير مبشّر يا صديقى، أمر غير مبشر أن يصبح حلمك مجرد جلسة ود هادئة مع أفراد محترمون، يحترمون أنفسهم ويحترمونك، ألهذا الحد الأمر نادر ؟
الإجابة بكل تأكيد : نعم.
ليس بالضرورة أن يكون هؤلاء من الأصدقاء أو الأقارب أو الجيران؛ يمكن أن يكون لقاءك معهم هو الأول والأخير؛ ولكنه لقاء رد إليك روحك وأعاد إلى ذهنك إنتعاشٱ ظننت أنه ولّى وانتهى.
جلسة يفاجئك كل بطل من أبطالها بسحر تعليقاته وعمق تحليلاته وبهاء ألفاظه وجاذبية أفكاره، وتدبره وتبصره وتحريه البراعة فى توضيح آرائه ومهارة إجادته لكل ما يتفوه به، والكل ينصت ويترك كامل الحق للمتحدث حتى ينتهى.
لست أحد هؤلاء ولكنى أنبهر بهم واستمتع بتواجدى معهم، وأخرج من هذه الجلسة مفعمة باللذة والراحة والهدوء الداخلى، والأهم من ذلك بقدرة جديدة تساعدنى على تحمل هذا العالم.
جرب وستفصلك هذه الجلسات تمامٱ عن غلظة وغوغائية كل من حولك، فأنت تستحق واحدة على الأقل، إحرص عليها كلما واتتك الفرصة، وتمسك بها واستمتع بكل لحظة فيها.
وإن لم تواتك الفرصة من تلقاء نفسها، إبحث عنها أنت.
( ربنا يبعت)