مقالات نورا عبد الفتاح

ليعلم العالم أجمع ( إن عندى صداع)



هناك نوع عجيب من البشر،يتصور أنه عندما يواجه أزمة من أى نوع مهما صغر حجمها وقل شأنها، فلابد لكوكب الأرض أن يتوقف عن الدوران وتتوقف الحياة كلها عن السير حتى تتنتهى مشكلته على النحو الذى يرضيه، فإن لم تنته، فالويل للجميع، فهو يحاول ويحاول أن يدخل كل من يعرف فى دائرة توتر الأزمة شاءوا أم أبوا، ويضمن ويتأكد أن الجميع مشغولى الرؤوس بأزمته متناهية الصغر، وأن رؤوسهم جميعٱ تنفجر من شدة التفكير فى حلول، حتى وإن لم يعمل بها، فهو يستمتع بتجنيد الجميع لصالحه، ويستريح لتوقف مصالح الجميع مع توقف مصلحته.



لا حظت أن هذه العادة الخبيثة ترتبط إرتباطٱ وثيقٱ بالتمارض.

فهو فى الغالب؛ عندما يصاب بنزلة برد يحولها بينه وبين نفسه إلى إلتهاب رئوى، ونزلة شعبية حادة، وسرطان فى الحنجرة.



عندما يصاب بصداع يصرخ وينادى القاصى والدانى ويخبر كل إنسان يتصل به هاتفيٱ بالبلوة الضخمة، ألا وهى ( الصداع ) ويطرق أبواب الجيران واحدٱ واحدٱ، وينزل إلى الشوارع ليخبر المشاة جميعهم، فرأسه يؤلمه وعنده صداع.



فيحول الصداع بدوره إلى ورم فى المخ أو سرطان فى الجمجمة.
يتقصى بكل قوته عن ما إذا علم الجميع بأمر صداعه أو ألم أسنانه أو نزلة برده !
فيسأل فردٱ فردٱ؛ عندى صداع، ألم تدرِ بعد ؟



وهكذا كلما جرح إصبعه، أو آلمه ظهره، والسؤال هنا؛ ماذا عساه أن يفعل؛ إن مرض مرضٱ خطيرٱ بالفعل وماذا سيفعل بمن حوله ؟

فى الغالب سيجن وسيجن من حوله، إنهم المعانون الحقيقيون فى هذه المهزلة.



هل هذه هيستيريا، أم وسواس أم رفاهية أم سخافة ؟

والمؤسف فى الأمر؛ أن مثل هؤلاء على الرغم من أنهم يفرضون على الغير تحمل معاناتهم معهم، إلا أنهم لا يتحملون أحدٱ حتى وإن كانت معاناته حقيقية وتستوجب المشاركة وشد الأزر.



هى المبالغة فى الأثرة أو ربما شئ أشد ولكنه فى كل الأحوال شئ مقرف ومرهق ويشكل ضغط على الغير ومضيعة للوقت والطاقة.



ولكن مثل هؤلاء لا تشغلهم إلا أمورهم وأموالهم وآلام أجسادهم وطعامهم وشرابهم وكل ما من شأنه التمركز حول الذات دون أدنى محاولة لمشاركة الآخرين أمورهم.

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى
error: يمنع النسخ من هذا الموقع