الفرق بين الروح والنفس
يعرّف الإسلام الروح على أنها أعظم مخلوقات الله عز وجل، وأكثرها أهميّة، وقد ذُكرت في القرآن الكريم في العديد من المواضع، ومنها ذكر الله تعالى:﴿فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ (29)﴾ سورة الحجر.
وقد نسبها عزّ وجل له، ولتعظيم وتبجيل الروح انفرد عز وجل بعلمها الكامل، فلا تزال ماهيّة الروح مجهولة ولا يعلمها إلاّ الله؛ قال تعالى: ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا (85)﴾، صدق الله العظيم.
عبّر أفلاطون عن الروح بأنها جوهر الإنسان وكينونته ومحرّكه، وذكر بأنّ الروح تتكوّن من النفس والعقل والرغبة، أمّا أرسطو فقد عرّف الروح على أنّها مركز الوجود وقد جمع الروح مع الجسد ولم يعتبر وجودها مستقلاً.
الله سبحانه وتعالى خالق الروح، والعالم بها، ولا توجد طريقة لمعرفة ماهيتها؛ بسبب انفراد الله تعالى بمعرفة شأنها. هناك فرق بين ذكر الروح والنفس في القرآن الكريم، فالله عز وجل يعرّف النفس بالجسد عند ارتباطهما معاً.
فقال تعالى: ﴿وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (45).
ويقال إنّ الروح لا تسمى روحاً إذا كانت داخل الجسد، ولكن إذا خرجت منه سمّيت روحاً.
صفات الروح والجسد والنفس الروح من أمر الله وحده، وبالتالي لا يطلق منها إلا أفعال الخير.
العقل هو جهاز عضوي خلقه الله عز وجل لدعم النفس، لمساعدتها في التفكير وحفظ المعلومات وتحليلها وإصدار ردود الأفعال المناسبة.
القلب هو مفتاح للعقل، ويقال بأنّه يُعطي ردود أفعال ويعمل بسرعة أكبر من سرعة العقل.
النفس مرتبطة بالأجزاء الماديّة من الحياة، وإذا مات الإنسان انقطعت. يقول العلماء إنّ الروح ترتبط بالإنسان منذ خلقه في بطن أمه، وترتبط به عند خروجه من الدنيا، عندما ينام، وفي الحياة البرزخية فيقال بأنّ أرواح الموتى تتلاقى وتتعارف، وتشعر بما يجري حولها، وعند البعث والنشور ويوم القيامة.
الروح أسرع من الجسد، فتتّصف الروح بسرعة الحركة، وبطء حركة الجسد.
كان من الصّعب على العلماء والباحثين في مجال النفس البشريّة الإحاطة والإلمام بدراسة النّفس ومكنوناتها وخباياها، والسبب في ذلك لا يعود لقلّة المعلومات المتوفّرة عنها إنّما لكثرتها وتشعّبها وتناقضها.
فالنّفس البشريّة تتصف بشدّة غموضها، وكلّما ظنّ الباحثون والمفكرون الفلاسفة أنّهم بلغوا حقيقتها وأحاطوا علماً بأسرارها تبيّن لهم أنّهم ما اكتسبوا إلا لقيماتٍ بسيطةٍ من خباياها.
فما هي النّفس، وما أنواعها، وما حقيقة اختلافها عن الرّوح ؟
النّفس البشريّة هي الجُزء المقابل للجسم في تشاركهما وتفاعلهما وتبادلهما المستمر، وهي جزءٌ مُحركٌ لنشاطاته بأنواعها، سواءً كانت إدراكيّةً، أم حركيّةً، أم انفعاليّةً، أم أخلاقيّةً.
الفرق بين النّفس والروح :
الروح هي أمرٌ إلهيٌّ ليس مطلوباً من الإنسان فهم جوهره، أو مكنوناته، إنّما يجب فهم أنّها ببساطة أمرٌ من عند الله.
خلق الله عز وجل الخلق بخمسة أرواحٍ :
روح البدن. روح القوة. روح الشهوة. روح الإيمان. روح القدس.
الروح هي اندماج روح البدن، وروح القوة، وروح الشّهوة، لذلك فهي بحاجةٍ لتوجيهٍ مستمرٍّ، وإذا أُضيفت إليها روح الإيمان ميّزتها عن نفس الحيوانات، والبهائم، أمّا روح القدس فإذا أُضيفت إلى روح الإيمان، والنّفس فهي تُميّز الأنبياء والصالحين عن باقي النّاس.
ذكر القرآن الكريم مسمّياتٍ عدّةٍ للنفس البشريّة، فهل هي نفسٌ واحدةٌ؟ أم عدّة نفوسٍ؟
في الحقيقة إنّ النفس هي واحدةٌ تملك صفاتٍ كثيرةٍ، حسب تصرّفات صاحبها، ومن أمثلتها:
النّفس المطمئنّة وهي نفسٌ خيّرة تأمر بالخير، وهي النّفس التي سَكنت إلى ربّها وإلى صفاته الفضيلة، وأسمائه الكريمة.
والطمأنينة تعني أنّ الله عز وجل يُنزل الاطمئنان والسّكينة على صاحب هذه النفس، فيَغدو قلبه، وسمعه، وبصره كله بين يديّ الله، ويُحقَّق الوصول إلى هذه النفس بكثرة الذّكر، والاستغفار الدائم غير المُنقطِع.
النفس الأمارة بالسوء وهي نفسٌ كثيرة الذنوب، آثمةٌ، ظالمةٌ لصاحبها وتجرّه إلى غضب الله عز وجل وعصيانه، وتنتهي به في نار جهنّم، وهي نفسٌ فاسقةٌ شرّيرةٌ، تدعو صاحبها لفعل السوء.
يَجب على صاحب هذه النّفس مُخالفة هواه وشهواته، والرجوع إلى طاعة الله ونيل رضاه، فمن تخلّص من شرّ نفسه وفتنتها وفّقه الله عز وجل ووعده وَعداً حسناً.
والنّفس اللوّامة هي النفس كثيرة اللوم، تخافُ الله وتخشى عقابه، أثنى عليها الله، وأقسم بها في كتابه، وهي نفسٌ تحاسب صاحبها وتوبّخه على كل صغيرةٍ وكبيرةٍ.
وهذه النّفس متقلّبةٌ، متردّدةٌ، تأتي الذّنب، وتلوم صاحبها عليه، وتردّه الى الصّواب، تغفل عن الذّكر والطاعة ثمّ تعود.
يقول الحسن البصريّ: “إن المؤمن لا تراه إلا يلوم نفسه دائمًا، يقول: ما أردت بهذا؟ لم فعلت هذا؟ كان غير هذا أولى، أو نحو هذا من الكلام”.
يقول بعض العلماء إنّ النفس اللوامة نفسٌ ثالثةٌ، ومنهم من يقول إنّها وصفٌ للنّفسين السّابقتين، فالنّفس المطمئنّة توبّخ صاحبها إذا تكاسل عن طاعةٍ، أو نسي فرضاً، أو عمل سوءاً، وإذا كانت نفسه أمّارةً بالسّوء تلومه إذا عمل خيراً أو أدّى فرضاً.