كيف يكون الإسقاط النفسى
الإسقاط النفسي مفهوم صاغه سيجموند فرويد في تسعينيات القرن التاسع عشر، كحيلة دفاعية ينسب فيها الفرد عيوبه ورغباتة المحرمة والعدوانية للآخرين حتى يبرئ نفسه ويبعد الشبهات عنها، فالكاذب يتهم معظم الآخرين بالكذب، والمرأة التي تحب جارها قد تتهمة بمغازلتها.
والإسقاط قد يؤدى إلى عدوان مادي في صورة جرائم، فمثلا الموظف الذي يحمل مشاعر عدوانية نحو رئيسه قد يسقط هذه المشاعر عليه ويتصور أن رئيسه يكيد له ويتربص به لكى يؤذية ومن ثم يبادر بالهجوم والاعتداء عليه، وهكذا تدفع هذه الحيلة البعض لإرتكاب جرائم فعلية.
يقول فرويد مؤسس التحليل النفسي، يشير الإسقاط أولا إلى حيلة لا شعورية من حيل دفاع الأنا بمقتضاها ينسب الشخص إلى غيره ميولاً وافكاراً مستمدة من خبرته الذاتية، يرفض الاعتراف بها لما تسببه من ألم وما تثيره من مشاعر الذنب.
فالإسقاط وسيلة لاستبعاد العناصر النفسية المؤلمة عن حيز الشعور.
ويضيف فرويد أن العناصر التي يتناولها الإسقاط يدركها الشخص ثانية بوصفها موضوعات خارجية منقطعة الصلة بالخبرة الذاتية الصادرة عنها اصلاً، فالادراك الداخلي يلغى ويصل مضمونه إلى الشعور عوضاً عنه في شكل ادراك صادر عن الخارج بعد أن يكون قد لحقه بعض التشويه.
إذن الإسقاط آلية نفسية شائعة يعزو الشخص بواسطتها أو عن طريقها للاخرين أحاسيس وعواطف ومشاعر يكون قد كبتها بداخله.
ونلاحظ ان هناك العديد من الأمثلة في حياتنا اليومية ونعايشها وندرك من خلالها سلوك الاخرين، ومن أمثلة ذلك أن الرجل الذي يخون زوجته كثيراً ما يتهم زوجته بالخيانة ويشك فيها كثيراً أو الزوجة الخائنة التي دأبت على كبت ميولها إلى اقتراف الزنا، تصبح على درجة مبالغ فيها من الغيرة بحيث تتهم زوجها بالخيانة ويمكن أن تحدث أوهام الإضطهاد من خلال الشعور بالذنب الذي يحمل الشخص على تخيل الآخرين وكأنهم يتكلمون عنه ويلقون بالاتهامات عليه.
وهناك العديد من الأمثلة على الإسقاط في حياتنا اليومية. ويقول علماء النفس أن الأفراد الذين يستخدمون الإسقاط هم أشخاص على درجة عالية من السرعة في ملاحظة وتجسيم السمات الشخصية التي يرغبونها في الاخرين ولايعترفون بوجودها في أنفسهم، ويظن الكثير من الناس أن هذه الاستراتيجية أو”الحيلة الدفاعية” تقلل من القلق الناتج من مواجهة الإنسان لسماته الشخصية.
إن آلية الإسقاط هي آلية نفسية لا شعورية بحتة وهي عملية هجوم لاشعوري يحمي الفرد بها نفسه بالصاق عيوبه ونقائصه ورغباته المحرمة أو المستهجنة بالآخرين، كما أنها عملية لوم الآخرين على ما فشل هو فيه بسبب ما يضعونه أمامه من عقبات وما يوقعونه فيه من زلات أو أخطاء ،فيقول الشخص في لاشعوره : انا اكره شخص ما ولكني أقول هو يكرهني، هنا أريد أن أخفف من إثمي ومشاعري الدفينة تجاه ذلك الشخص.
ويقول علماء النفس إذا ما قارنا الإسقاط بالتبرير، وكلاهما حيل دفاعية يلجأ إليها الفرد فإننا نجد أن الإسقاط عملية دفاع ضد الآخرين في الخارج، أما التبرير فهي عملية كذب على النفس.
ويضيف علماء النفس أن الإسقاط إذا كان قائماً على شعور عنيف بالذنب أدى إلى حالة إضطراب البرانويا أو ما يصاحبه من هلاوس.
ففي المرض العقلي الذهان، يسقط المريض رغباته ومخاوفه على العالم الخارجي وفي الهذاءات يعتقد المريض أن زوجته تريد قتله لكي تسيطر على ثروته وترثه، ويعتقد أيضاً أن جميع الناس ضده ويريدون أن ينالوا منه، وهي مشاعر إسقاطية لا أساس لها في الواقع.
ومن أمثلة إسقاط المشاعر في حياتنا اليومية التي لا ندري هل تعيد التوازن إلى النفس أم تكشف خفايا وحقيقة الشخصية، فالفرد الذي يخاف من نزعاته العدوانية والجنسية يصيب شيئاً من التخفف من قلقه حين ينسب هذه النزعات العدوانية والجنسية إلى غيره من الناس، ولاشعوره يقول انهم هم الذين يميلون إلى العدوان وهم الذين يفكرون بالاعتداء على الناس …هم..لا أنا كما يعتقد.