قصة امرأة تقسم على البيت بالله
في قديم الزمان كانت هناك أسرة تعيش في سلام وأمان، مكونة من أم وأب وثلاثة من الأبناء، وفي يوم من الأيام تعرض الأب إلى حادث فتوفى وترك زوجته تحمل مسؤولية الأبناء الصغار بمفردها، فصبرت وأحتسبت الزوجة وعاشت مع الأبناء الصغار في المنزل بمفردها ترعاهم وتعمل لكي تُعينهم على الحياة.
فقد كانت الزوجة ليس لها مُعين إلا الله تبارك وتعالى وهو خير المعين، كانت المرأة تقوم بالإهتمام بالأولاد وتقدم لهم الأمان والرعاية والحنان وتعطف عليهم كثيرًا، ولم تكُن ناقمة على هذه الظروف بل كانت راضية بقضاء الله تبارك وتعالى.
وفي يومًا من الأيام جاء الليل وذهب كل طفل لكي ينام، لكن الرياح اشتدت بشكل كبير وهطلت الأمطار بغزارة، فخافت الأم على الأطفال حيث أن أساس البيت ضعيف، مما جعل الأم تظل طوال الليل مستيقظة خائفة على الأطفال الذين لم يستطيعوا النوم من صوت الرياح والرعد والبرق.
وفي لحظة تركت الأم الأولاد وذهبت لتحضر إحدى الأوراق الصغيرة وقلم أيضًا، ثم أخذت تكتب كلمات ثم قامت بوضعها في أحد الشقوق حتى لا يجدها الأولاد، لكن رآها طفل من أطفالها لأنه كان مستيقظًا من شدة صوت الريح، لكن الأم لم تدرك أن طفلها قد رآها وهي تخفي الورقة في الحائط.
مرت السنوات وتبدلت الأحوال لأسرة هذه الأم، فقد كبر الأولاد وأصبحوا من الرجال الأشداء، وكانوا يتميزون جميعًا بالثقافة وإتقاء الله سبحانه وتعالى، وقد انتقلوا بحياتهم من قريتهم الصغيرة إلى المدينة وعاشوا في أحد المنازل الكبيرة لأنهم جميعًا قد شغلوا وظائف ذات شأن عالى.
بعد عام واحد من انتقال الأسرة إلى المدينة مرضت الأم مرضًا شديدًا، ثم ما لبثت أن توفيت فاجتمع الأبناء بعد أيام العزاء وقرروا أن يعودوا إلى القرية ليستعيد كل منهم ذكرياته مع والدته.
وبالفعل سافروا إلى القرية، وما أن دخلوا البيت حتى تذكر الولد الذي رأى أمه تضع الورقة بين شقوق الحائط أن هناك ورقة موجودة في هذا المكان ولم يقرأها أحد منذ أكثر من عشرين عام.
وسارع بإخبار كل أشقائه بما رآه من سنوات، فتحمسوا جميعًا ليعرفوا ما كتبته والدتهم في هذه الورقة في تلك الليلة التى كانت تتسم بالخوف العظيم، فقد كانت الأم تشعر بالرعب من أن يسقط البيت على الأطفال وعليها، أسرعوا جميعًا إلى الحائط للبحث عن الورقة، وبالفعل وجدوها وما أن فتح الأبناء الورقة حتى شعروا بأن المنزل سوف ينهار فوقهم.
فجروا مسرعين إلى الخارج وما أن خرجوا من البيت حتى سقط بالكامل وأصبح يستوي مع الأرض، تعجب الإخوة مما حدث، ثم اندهشوا جميعًا وازدادت دهشتهم عندما فتحوا الورقة وقرأوا ما كتب فيها، فقد كتبت الأم في هذه الليلة الممطرة خطابًا إلى البيت، قالت فيه: أيها البيت اصمد بإذن الله، فأنت ما لدينا من مأوى، وإن تم هدمك الآن فسوف يتأذى أبنائى، ولن يكون لنا مكان آخر لنذهب إليه وأنا بلا عائل ولا سند إلا الله سبحانه وتعالى، فأقسم عليك برب الكون أن تصمد وأن تأوينا حتى يشتد عود أبنائي، وإنى كلي ثقة بأن هذه الرسالة يعلمها الله قبل أن أكتبها، وإني على يقين بأن أولادى سوف يكونون في أمان رغم هذه العاصفة.