التربيةعلم نفسمقالات نورا عبد الفتاح

لن أحمل عُقَدى وحدى

قد يتسبب الشعور بالتمييز بسبب الحالة الإجتماعية أو الإقتصادية أو المستوى التعليمى أو الجنس أو مشاكل الوزن أو الطول أو لون البشرة فى الشعور بعدم التقدير للذات وعدم الراحة.

أحيانٱ ما يعيش صاحبها مسالمٱ مستكينٱ محتفظٱ بقلقه وتوتره وشعوره بالضعف فى صورة مسكينة لا يسبب بها أى معاناة لأحد سواه.

وكثيرٱ ما تخلق لديه عقدة، تفجر كل الشرور الكامنة لديه وتتحول إلى ما نسميه ” عقدة نقص “.

هؤلاء دائمى التمرد على حالهم، لا يرون فى أنفسهم مزايا قط، يركزون على نقطة ضعف أو نقطتين فيضخمونها ولا يرون غيرها فتحجب عنهم كل ما لديهم من نعم أو إيجابيات.

يخنقون من حولهم بتصيد الأخطاء وتشويه صورة الآخرين وإحداث الوقيعة بين الناس، والتشدق بمزايا ليست لديهم، وإدعاء مهارات لا يملكونها، متعجرفون فى أحاديثهم ونظراتهم ولفتاتهم، يشعرون الآخرين بأنهم تغمرهم النواقص والعيوب وعدم الإنجاز، يحاولون السيطرة على الجميع، لديهم الكثير من التوتر والقلق الدائمين، يتمتعون بقدر كبير من العصبية والغصب والخوف.

يعاقبون الجميع على ما يؤرقهم من نقص فيهم والأمر ببساطة لا يستحق الصراعات والقلق والخطط وضياع الوقت والجهد وقطع العلاقات وإفساد الجلسات وتعطيل أعمال، كان حرى بها أن تكتمل وتنتهى على وجه حسن.

أصحاب العقد فى العموم وأصحاب عقدة النقص بالخصوص غير محبوبون؛ فهم متقلبون؛ ليس لهم منهج ثابت فى التعاملات؛ فمعيارهم الوحيد؛ إن لم تمس نقطة ضعفهم من قريب ولا من بعيد؛ تتوج ملكٱ وتجد منهم من الحب والاحترام أكثر مما تستحق بكثير، حتى أنك تتعجب من كل هذا الحب، ولا تفهم له مبررا، وإن ذكرتها حتى دون قصد فالويل لك، فأنت لا تستحق إلا البغض والتحقير والكراهية التى لم ترى مثلها قط، وأنت لاتفهم لها مبررٱ أيضٱ.

بالفعل هؤلاء مثيرون للشفقة؛ حيث ظهروا لنا على هذا النحو نتيجة تربية فاشلة مبنية على إنتقاد الطفل فى كل تصرفاته، ومبنية على إسقاط المعاناة النفسية للأبوين عليه، ومبنية على إهانته فى الشوارع أمام الناس والتقليل من قدره والسخرية منه أمام الأقارب والجيران، فيتحول هذا الطفل الذى كان طبيعيٱ إلى صاحب عقدة تؤرقه وترهق كل من يتعامل معه، وتجعله شخصٱ منبوذٱ فتزيد من معاناته فتزيد شعوره بالنقص فتزيد شروره وتزيده نبذٱ من الجميع فيزداد شعورٱ بالنقص وهكذا تكون الدائرة محكمة الإغلاق.

أعتب دائمٱ على من يصدق أى كلام يُقال وأى رأى يسمعه وأى نقد يُعرض عليه، ويطبقه على واقعه ويصدق أن الكلام الذى قيل ضده صحيحٱ وأن النقد الذى لقيه صادقٱ وأن العيوب التى إتُهِم بها فيه.

ألا يعلم أن الجميع ممتلئ بالعيوب وأن الجميع فى غنى عن متابعة نقائص الجميع، فلو أقر الجميع بنقائصه لتجاوز الجميع عن نقائص الجميع وتقبلها، كما يتجاوز عن نقائصه ويتقبلها ويحتفظ بها ويفخر بها ويخنق الجميع بها وبعقده التى لا ذنب لأحد فيها سواه، وكأنه يقول لن أحمل عيوبى وعقدى وحدى بل سيحملها معى الجميع.

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى
error: يمنع النسخ من هذا الموقع