مقالات

من كتاب الشيطان يحكم للدكتور مصطفى محمود

والله يكشف لنا الحقيقة بشكل أعمق في القرآن فيقول إنه خلق الدنيا و لها هذه الطبيعة و الخاصية فهي ”  متاع ” !
” إنما هذه الحياة الدنيا متاع “.

و المتاع هو اللذة المستهلكة التي تنفذ،  من خصائص الدنيا كما أرادها خالقها أن جميع لذاتها مستهلكة تنفذ و تموت لحظة ميلادها.
في كل لذة جرثومة فنائها  !
الملل و الضجر والعادة ما تلبث أن تقتلها.

هي الطبيعة التي أرادها الله للدنيا، لأنه أرادها دار انتقال لا دار قرار.. و لهذا جعل كل لذة بلا قرار و لا استقرار. لأنه لم يرد لهذه اللذات أن تكون لذات حقيقية و إنما أرادها مجرد امتحان لمعادن النفوس. مجرد إثارة تختبر بها الشهامة والنبل والعفة و صدق الصادقين وإخلاص المخلصين.

و الذي يدرك هذا سوف يستريح تماما و يكف عن هذه الهستيريا التي تخرجه من شهوة لتلقى به في شهوة، و تقوده من رغبة لتلقي به في أتون رغبة،  وتجره من جنون لترمي به في جنون.

سوف يريح ويستريح ويحاول أن يروض نفسه ويستصفى روحه و يطهر قلبه ويعمل للعالم الآخر الذي وعد به الله جميع أنبيائه بأنه سيكون العالم الذى تكون فيه اللذة حقيقة والألم حقيقي.

وهو لن يندم على ما سوف يفوته من لذات هذه الدنيا، لأنه علم تماماً وبالتجربة والممارسة أنها لذات خادعة تتفلت من الأصابع كالسراب وهو قد قرأ التاريخ وعرف أن مال قارون لا يزيد الآن بالحساب الحالي عن عدة مئات من الجنيهات بالعملة النحاسية. وهكذا قدرت جميع خزائنه بالاسترلينى وما أكثر من يملك مئات الجنيهات الآن و يشكو الفقر، و يلعن اليوم الذي ولد فيه. مع أنه بحساب التاريخ أغنى من قارون.

إنها الخدعة الأزلية.

تحلم بامتلاك الأرض فإذا بالأرض هي التي تمتلكك و هي التي تكرسك لخدمتها.

تتصور أن المال سوف يحررك من الحاجة فإذا بالمال يفتح لك أبواب مطالب أكثر و بالتالى يلقى بك إلى احتياج أكثر و كلما احرزت مليونا احتجت إلى ثلاثة ملايين لحراسة هذا المليون و ضمانه وتدور الحلقة المفرغة و لا نهاية.

و هذه طبيعة عالمنا الكذاب الذي نمتحن فيه.

كلنا نعلم هذا.. و مع ذلك لا نتعلم أبداً

من كتاب  ” الشيطان يحكم “

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى
error: يمنع النسخ من هذا الموقع