علم نفسمقالات نورا عبد الفتاح

هل من واجبى أن أفعل..إذٱ لن أفعل



بنسبة مائة بالمائة يمكن للأزمات الإنسانية المتعلقة بعلاقاتنا الاجتماعية (كلها) أن تُحلّ، لو أن أحد الطرفين فعل شيئٱ ما، وفى العادة يكون هذا الشئ معلوم ومحدد، ليس من كوكب آخر أو من عالم الجن مثلٱ، إنما أفعالٱ عادية أو كلامٱ مما يقال.

ولكن هل يفعله هذا الطرف ؟

الزميلين المتخاصمين سينتهى خلافهما لو اعتذر أحدهما للآخر، هل يعتذر ؟

الجاران المتناحران سينتهى تناحرهما لو أن أحدهما ألقى التحية على الآخر بود وبساشة، هل سيفعل أحدهما؟

الزوجين الفاترين الخرساوين الذين جفت حواراتهما وطفقا يتراجعان بزواجهما إلى الوراء، يمكن لهما أن يعودا كسابق عهدهما إذا قاما بنزهة طويلة أو سهرة لطيفة أو جلسة دردشة ظريفة، أو حتى نقاش يخبر كلٱ منهما الآخر عما يحمل داخله، ولكن هل يفعلا ؟

قليلون من يعرفون مستقر العقدة ويبدأوا الخطوة الأولى لاصلاح الخلل.
ففى الأغلب يكون أحد الطرفين إن لم يكونا كليهما على علم تام بنقطة الخلل وعلى علم كذلك بطريق العلاج، ولكن لا أحد يفعل.

لماذا ؟

قد يكون عدم تعود أحد طرفي الصراع أو كلاهما ليس معتادٱ على التنازل من أى نوع، فتصبح إمكانية البدء من ناحيته غير واردة.

قد يكون جهلٱ بالوضع أو سوء فهم أو سوء تصرف أو نوع من الغباء.

ربما.

قد تكون قيمة أحد الطرفين أو كليهما لدى الآخر ليست ذات استحقاق لتقديم أى مجهود ولو صغير حتى وإن كان إبتسامة أو اعتذار.

قد يكون كسلٱ، ليس أكثر من كسل لبذل شئ من أى نوع.

وأحيانٱ أخرى ما يكون ذلك لشرٱ مطبقٱ؛ وهذا أسوأهم؛ وما نحن بصدده هنا ،تجد صاحبه كارهٱ لأغلب الناس أو أن قيمة الانسانيات عنده والعلاقات بينه وبين الناس؛ لا تُذكر، فهو بالفعل لا يحب أحدٱ قط.

ويكون عالم تمام العلم بأن( الاعتذار سيصلح كذا وأننى لو سمعت شرح فلان لموقفه فسأسامحه رغمٱ عنى ولو أننى أنصت إلى فلان فستستوى علاقتنا إلى الأبد، وأن جلسة صلح مع فلان ستسوى القضية وأن مصارحة واحدة مع فلان ستصلح ما فسد من علاقتى معه) ولكنه لا يفعل ولا يسمح لشئ يشجعه على ذلك أن يحدث (فلو استمعت لفلان لتفهمت وجهة نظره ولكنى لن أسمعه حتى لا أفهم وجهة نظره ولو أننى اشتريت لفلان هدية وجلست معه جلسة ود لعدنا أصدقاء كما كنا ولكنى لن أفعل ولن أعود صديقه، ولو أننى استمعت لتعليقات زوجى على ملابسى، لوجدت الحق معه ولكنى لن أسمع، لأننى يعجبنى أن أرتدى ما أريد كما يعجبنى أن أضعه موضع صاحب التعليقات الخرقاء)، وهكذا.

إنه لا يريد هذا الاصلاح وهذه التسويات بل يتمزج بهذا الجو من التوتر والشد والجذب و( وجع الدماغ).

لا يستريح إلى تحقيق الراحة لمن أمامه ولا حتى لنفسه، لا سيما عندما يعلم نقاط ضعف المحيطين به لسوء حظهم ويضغط عليهم من خلالها وإلا شعر بالفراغ وعدم الثبات.

لو عرفنا نقطة الحل وعملنا على تجاوزها بما لدينا من طاقة، لانحلت كل أزمات الكون.

ولكننا فى الغالب لا نفعل.

ليتنا لا نكن مثلهم، من أجلنا نحن وليس من أجل آخرين، فاستمرار المشاحنات تأكل فى خلايانا العصبية أكلا وتدمر طاقاتنا تدميرٱ وتضيع أعمارنا تضييعٱ.

لنخطو الخطوة الأولى حتى ولو لم يفعل الآخرون، إن سارت الأمور فبها ونعمة، وإن لم تسر، فليكفنا شرف الحرص على المبادئ ومحاولة نشر الخير.

ولنترك الشر للأشرار والكبر للمكابرين وضياع العمر للمضيعين.

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى
error: يمنع النسخ من هذا الموقع