أخبار العالممقالات نورا عبد الفتاح

عندما تتغابى فى زمن كورونا



عندما تتغابى فى زمن كورونا حيث ينادى العالم كله بأن هناك وباء ينتشر فى العالم ويسبب وفايات وعلى الجميع أن يحذروا ويحتاطوا ولا يخرجون إلا للضرورة وعلى الجميع تعقيم يديه كلما لامس سطحٱ وعلى الجميع إرتداء الكمامات والقفازات لتقليل إنتقال العدوى و…. إلى آخره.



وتتجلى لك الأفكار الغبية التى تقنعك أن هذا والعياذ بالله وهمٱ وأن بعض الدول القوية اقتصاديٱ وعسكريٱ تنفذ خططٱ سياسية واقتصادية وعلينا ألا نرضخ ونستسلم، ولنرفض الخوف ( ونعيش عادى خالص وننكر الفكرة ).

ثم تجد الأمر حقيقيٱ والناس تمرض فعليٱ فتنادى هنا وهناك بأن هذا مقصود وأنهم ينشرون المرض نشرٱ، ( طب يعنى فيه مرض أهوه ) ولكنك بدلٱ من التركيز على مواجهته وإبعاد نفسك وأسرتك عنه، تجد نفسك مركزٱ على إنكار الفكرة (وسايب البلوة الكبيرة).

ثم يمنعك غبائك من إتخاذ أى موقف أكثر من إعترافك بالمرض ولكنك تهون منه وتقول أنه مثله مثل أدوار البرد العادية، قبل أن تكتشف أنه ليس هينٱ وليس كأدوار البرد العادية يا فندم.



ثم يقودك غبائك مجددٱ إلى أن تنشر بين الناس الشعور بالطمأنينة وعدم المبالاة بالأمر وتسخر من زوجك ( زوجتك ) الذى يعقم يديه ومتعلقاته كلها ويمنعك من كل التجمعات وتقنع نفسك أنه (أوفر وبيخاف أكتر من اللازم وبيتعب أعصابك )، تسخر من الذين يرسلون لك مقاطع صوتية أو مرئية تحذر من المرض وتتصور أنها تمثل ضغطٱ عصبيٱ، حتى نشرات الأخبار تراها ضغطٱ عصبيٱ لا داعِ له، لأنها كاذبة فى أغلب الأحيان.

وبكل جبروت تنشر أفكارك بين الناس وأنت متصور أنك تهدئ روعهم ورعب الأطفال بينما أنت مجرد غبيٱ.

فى مقالين سابقين وجهت كلامى إلى الهلوعين المرتعبين الذين يخزنون المواد الغذائية ويسحبون أرصدتهم من البنوك ويتداولون مقاطع صوتية سلبية، أما فى هذا المقال أوجه القول إلى كل من هون واستهان وبسط واستبسط وخفف واستخف بالحدث وبسهولة إنتشاره وبشدة معاناته.

ومع أننى ضد فكرة الشكوى من أى مرض وأراها تبجح على الله، ولكن من يتغابى فى زمن كورونا، يستحق هذا الكلام حتى يعرف أنه مثله مثل أى مخلوق ضعيفٱ أمام المرض جاهلٱ أمام العلماء غبيٱ أمام الأذكياء.


عزيزى المتغابى فى زمن فيروس كورونا: إن إستمريت فى تغابيك وإنكارك لخطورة الفيروس سيصيبك الفيروس يا فندم، سترتفع حرارتك إلى السماء، سيتكهرب قفصك الصدرى بالكامل كلما تكلمت أو أخذت نفسٱ عميقٱ، س( تنهج وتنهج ) ليلٱ ونهارٱ وكأنك فى التسعين، أو كأنك تموت بطيئٱ فلا نفَس يكتمل ولا نفَس تمتلئ فيه رئتيك بما يكفيها من أكسجين، ستفقد حاسة التذوق تمامٱ فالطعام والشراب كله مطموس المذاق ( وده شعور غريب جداً )، تشعر وكأن لسانك وشفتيك غير متواجدتان فتطمئن من حين لآخر أنهما متواجدتان فى أماكنهما، فأنت فعليٱ لا تشعر بوجودهما على الإطلاق، ستفقد الكثير من وزنك وتستعير ملابس أبنائك، ستجد يداك ورجلاك ترتعشان مهما ركزت قوتك أن تتماسك إن فكرت أن تقوم وتذهب لدورة المياة، عندما تقوم من ( طرف )الكنبة الذى أصبحت لا تغادره إلى أى مكان آخر من شقتك، فأنت موبوووء وخطيرررر.

رأسك وعينيك تُستبدلان بثلاثة أحجار متحركات ليلٱ ونهارٱ وعلى مدار أيام تجدهن ثابتات على التخبط فى بعضهم البعض، ستشرب 88 لترٱ من الماء وتظل ظمآن، مهما شربت ستظل ظمآن، ( والله زى ما بقوللك كدا ).


إياك أن تتصور إن الموضوع إنتهى عند هذه النقطة !
أبدٱ ( أبسلوتلى ).

سيتصل بك أناس غرباء يهددونك أنهم سيبلغون عنك وتأتى الشرطة والإسعاف ( يجرجروك من شعرك ) إلى مستشفى الحجر الصحى فى محافظتك، مع أن وزيرة الصحة (بذات نفسها كانت بتقول)؛ أن الأعداد تتزايد، ويمكن لمن لم يصل إلى حالة الإختناق أن يقيم الحجر فى منزله ويلتزم بقواعد الحرص على أهل بيته، ( بس أهو أى هبل وخلاص).

سيتصل بك آخرون يقنعونك أنك مجرم فى حق زوجك ( زوجتك ) وأبنائك وأهلك وأنور وجدى، حتى وإن كنت معزولٱ على طرف الكنبة وتبتاع لهم مقويات مناعية بملايين الدولارات، وتبعد الجميع عنك مسافة مترين ولا قبلات ولا أحضان بينك وبين أبنائك لأيام وأيام.

سيتصل بك آخرون يحسروك على حالك ويقولون ( أنا سمعت إن الفيروس بيعمل فشل فى القلب والكلى، أنا سمعت إنه بيقلل كفاءة الرئة حتى بعد التعافى بنسبة العفريت الأزرق إلى ضفدع البحيرة)، وأكثر ما يخنقك أن هذه المبالغة فى الرعب هى التى قادتك إلى التهاون وأخذتك إلى هذه النقطة.

طوال الوقت لديك هواجس أنك قد تكون نقلت العدوى لشخص ما فى مكان ما من العالم، وحتى وإن كنت عندما تزور الطبيب كل يوم فالشوارع والمستشفيات وعيادات الأطباء خالية من البشر تقريباً فالجميع خائفون من الخروج، وأثناء ذهابك وعودتك، أنت لا تخرج يديك من جيبك أو لا تفك يديك المكتوفتين إلا فى غرفة الطبيب، كما لا تخلع كمامتك إلا داخل الغرفة أيضٱ، وهو يحتاط منك بطبيعة الحال لأنه يعرف سرّك، إلا أن الهاجس يلازمك طوال الوقت.

إذا لامس طرف ( بيجامتك ) سطحٱ أثناء ذهابك لنزهتك الوحيدة وهى دورة المياه، فعليك العودة ورشها بمعقم أو مطهر فى الحال، أو كلما لامست شيئٱ لا يمكن رشه بالمطهرات، تجرى لتبحث على محركات البحث، عن مدة بقاء فيروس كورونا على الأسطح البلاستيكية، أو على الأوراق، أو على الكرتون، ولا تسقط عينك عن هذا السطح حتى لا يلامسه أحد إلى أن تنتهى المدة التى عرفتها عن مدة بقاء الفيروس على السطح، وترى الوسواس القهرى فى أبهى صورة.
بس بصراحة تستاهل.

من أبشع التجارب التى تمر بها عندما تتغابى فى زمن كورونا؛ وقبل أن تفقد حاستى الشم والتذوق أن أهل بيتك سيحضرون لك مشروبات؛ ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، عبارة عن خليط من طين الشارع مع بعض النفايات المحروقة من أقرب ( خرابة) مع القليل من المياه من ماسورة الصرف الصحى، ثم يقوموا بغليها، وترى الأكواب قادمة من بعيد وجميعهم يزعمون أن هذه المشروبات ستساعدك على التنفس وإلا إستحققت الإلقاء فى مستشفى الحجر الصحى ( كالكلب ال naughty)، فتشرب هذه الخلطات الغريبة وأنت فى الأساس شهيتك مغلقة ( بالضبة والمفتاح)
بس بصراحة تستاهل.

أنت لا تتجول فى شقتك، هل أنت متصور ؟
أنت تذهب إلى دورة المياه وتعقم أماكن نعلك الذى سرت به إلى دورة المياه تضئ النور برسغك وتغلق الباب بقدمك وتبحث عن مكان عالى من الشباك أو الباب، حتى تكون هكذا تلامس مناطق لا يستخدمها أحد ثم تحسب كم شيئٱ لمسته، ستة سبعة أو أكثر، فتمر عليهم بعددهم تطهرهم جميعٱ قبل الخروج وهكذا فى كل مرة.


تخيلت معى أو تحب أن أسترسل ؟
ما دمت لم تفهم الأمر من البداية، لا تتحدث فيه ولا توجه نصائح، فأنت بكل جبروت حاولت نشر فكرة التراخى والاستخفاف بدلٱ من أن تنشر الطمأنينة والهدوء.

حميت نفسك من التوتر العصبى المعنوى ولم تحمى جسدك من المرض المادى.

ستندم بعد فوات الأوان، لا سيما إن كان هناك ثمة شخص واحد فى هذا العالم يتأثر بحديثك أو يتوجه بآرائك.

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى
error: يمنع النسخ من هذا الموقع