مجرم وسفاح وقتّال قتلة
الجلبة والصياح والقلق والدوىّ كلمات مجرد وقوعها على الأذن يعطى شعورٱ بالانزعاج والقلق، ويزيد من التوتر وعدم الراحة.
يعيش بيننا أعدادٱ وأعدادٱ ممن يمارسون هذه الجلبة وهذا الصياح ( ولا يبالون )، فهذه الضوضاء جزء منهم وهم جزء منها، فلا يشعرون بأى غرابة فى ممارسة كل ما من شأنه إحداث مضايقة أو صخب فهم شخصيات ( مزعجة).
هؤلاء الناس يقضمون أظافرهم بصوت مزعج جدٱ، يطرقعون مفاصلهم طوال الوقت، يفتحون أفواههم أثناء مضغ الطعام، يسعلون فى وجوه الناس، ينقرون بالقلم على الطاولة، ينقرون بأقدامهم على الأرض، يحاولون جذب الانتباه بأى شكل وأى صورة، يجادلون كثيرٱ بلا أى هدف، يقاطعون الجميع أثناء الحديث فهم لا ينصتون إلى أحد، يسخرون من الجميع فلا يتواضعون، يرفعون أصواتهم فى الأماكن العامة ويقفون بسياراتهم فى منتصف الطريق، يثرثرون كثيرٱ، يفتشون بكل جبروت فى أغراض الآخرين، يتعلقون بالناس بشكل خانق يجعل الناس يشعرون بالقلق، فى الغالب لا يهتمون بنظافتهم الشخصية، لا يحترمون أى حدود يضعها شخص لتفصله عن الناس.
والله إن رأسى لازال ممتلئ بسلوكيات هؤلاء ولكن نكتفِ بهذه الصفات حتى لا نتهم بالمبالغة، هل تتصور أن من يجمع كل هذه الصفات نسميه ( مزعجٱ ) ؟
علينا أن نسميه مجرمٱ أو سفاحٱ أو ( قتال قتلة )، لأنه يقتل الناس قتلٱ ولا يدرى ما يفعله بهم، إنه يدس السم فى هدوءهم الداخلى وسلامهم النفسى ويكسر كل ما من شأنه إشعارهم بالسكينة والطمأنينة.
قال علماء النفس أن الذين يميلون إلى إحداث ضجيج وضوضاء وأصوات صاخبة؛ علينا أن نحاول تجاهلهم وإظهار الامتعاض لهم حتى يتوقفون، ولكن هيهات.
هل تتصور أن الامتعاض قد يردع شخصٱ يفتش فى أغراض الناس ويزورهم بدون إستئذان، ويفرض نفسه على أحاديث الجميع ؟
لا أظن.
بل على العكس سيجد الامتعاض رد فعل ضعيف جدٱ ومتخاذل ولذلك سيستمر وهو مطمئن أن لا أحد يفعل شيئٱ، فهو يمارس سماجته والجميع يمارسون الامتعاض، مجرد إمتعاض.
بل سيرى ببصيرته الضعيفة أن الممتعض هو المخطئ؛ فلماذا يمتعض من شخص يرفع صوته أو يثرثر فى الهاتف ليلٱ ونهارٱ أو ينقر على الطاولة لمدة تسع ساعات وكأن الممتعض مريضٱ عقليٱ و( أوفر )، ولابد له من عقاب يتمثل فى الاستمرار فى إزعاجه حتى يكف عن الضجر ( وقلة الأدب دى ).
لن يؤثر فيه بالطبع إلا الضرب أو النهر أو القتل.
قالوا لنا أن نغلبه إن كان من محبى الاستعراض والجدال بلا طائل والسخرية من الجميع، ولكن من منا لديه طاقة يبذلها فى مثل هذا ( الكلام الفاضى ) ؟
قالوا لنا كوّنوا ضده حلفاء؛ واستبعدوه من الجلسة أو من حياتكم، ولكنهم نسوا أنه شديد التعلق ويفرض نفسه فى كل مكان.
وما لا يسعدنى أن أختم به هذا المقال أن هذا الابتلاء لا يمكن التعامل معه إلا بالمحاولات الدؤوبة لتهدئة النفس؛ بالتأمل والصلاة والقرءان والشموع وممارسة الرياضة، فى محاولة طوال الوقت لنيل قسط من السكينة التى تساعدنا فى تحمل المزيد من فوضاه وضجيجه.
فهناك أناس يعيشون حياتهم فى محاولة لإصلاح ما يفسده الآخرون.