ده احنا فى رحلة
فى جلسات الأمهات المنتظرات أبنائهن للإنتهاء من التمرين، جلست أقرأ كتاباً وكان قريب منى مجموعة من الأمهات تتحادثن بصوت خفيض وتمزحن وتضحكن ثم فجأة قامت إحداهن وأخذت هاتفها وابتعدت عن المجموعة فى إحدى غرف تبديل الملابس واتصلت هاتفياً بزوجها وهى فى قمة الثورة والفوران مع أنها كانت تضحك وتمرح مع الأخريات منذ أقل من دقيقة.
كانت تعبر له عن ضيقها الشديد من ابنتها وأنها لا تزال تبكى منذ جاءت قبل ساعة كاملة ولم تتوقف عن البكاء وأنها رافضة تماماً التعامل مع الكابتن لصعوبة أسلوبه ولا توافق على النزول مع زملائها، وأنها واقفة أمامها تضرب الأرض بقدميها وتصرخ وتبكى أمرّ البكاء أمام الجميع وأن الفتاة قد فضحتهم.
وتطلب منه التصرف الآن وفى الحال، وعلى ما يبدو أنه قال لها أنه لم ينتهى من العمل وأنه مشغول الآن؛ فدخلت فى منعطف ( شغل إيه اللى أهم من بنتك ؟، إنت أب إنت ؟)
ملحوظة : البنت كانت بالفعل قد بدلت ملابسها بشكل سريع جدا ونزلت للتمرين مع زملائها فى صمت تام ولم تصرخ ولم تبكى ولم تضرب الأرض ولم تكن واقفة أمامها من الأساس !!!
كنت قريبة من باب الغرفة فنظرت لها نظرة إزدراء لعلها تحرَج وتكف عن الإدعاء وتشويه صورة زوجها الذى يأتى أحياناً لانتظار ابنته فيكون الجميع عالمون بأن زوجته كاذبة وتصرخ فى وجهه وأنه ممتهن، ولكنها نظرت لى نظرة( ماذا تريدين يا ولية ؟ )
لسبب ما قد يكون أنها تريد تغيير الكابتن أو تغيير المكان أو تغيير شئ ما، وقد اتفقت مع هؤلاء النساء على ذلك ولكن زوجها وقف لها فى الطريق برفضه، فأقنعتها صديقاتها أن تقوم لأداء هذا المسلسل أحادى الحلقة، حتى تجبره على الموافقة، فقامت ومثلت وكذبت وأساءت إلى زوجها وعطلته عن عمله ورفعت صوتها أمام الناس وأساءت إلى ابنتها أمام الجميع، تلبية لفكرة صاحباتها !
ثم تذهب بعد ذلك إلى البيت تعيش فى دور الزوجة البريئة والأم الحريصة، وتتشاجر فيما يخص أسرتهم وكأن صالح الأسرة هو الدافع الوحيد لسلوكياتها وليس دفعاً من الغرباء، بينما قد سخرت منه أمام الحاضرين فى التمرين وتأتمر وتنتهى بأمر صاحباتها وهو لا يعلم ولا يفهم، بينما ناما فى نكد وصاحباتها جميعهن قد نمن فى راحة وهدوء !
فى نفس الصدد كان شاباً يسير فى الطريق يتحدث فى الهاتف ويقول ( أيوه يا خالتى، لاء لاء أنا اللى نزلت، لاء لاء والله لوحدى، لاء هى فى البيت، سيبتها فى البيت لوحدها، والله العظيم ما اخدتها، لاء هى فى البيت، يا خالتى صدقينى أنا لوحدى ).
من الواضح جداً أن خالته تنصحه نصائح ماسية بكيفية تربية زوجته بالقهر والترك بمفردها فى المنزل وعدم الكف عن عقابها حتى ينتهى من علاج عقده ونقصه كاملين، وبدون أى محاولة لمعرفة السبب وراء عقاب الزوجة وهل تستحق الهجر أم لا، السؤال هنا ؛ ما لهذه الخالة الغلسة الفضولية التى تتسلى بهدم البيوت بابن أختها وزوجته وما النفع الذى سيعود عليها من خلق صراعات فى بيت إبن أختها الضعيف الذى لا يسترجل إلا على زوجته أما مع الناس فيحكى لهم كل كلمة ولفتة وهمسة تحدث بينه وبين زوجته وليثبت ذكورته يظهر أنه لا يكف عن عقاب زوجته وأنه يتركها ويقهرها ويضغطها نفسياً حتى تتربى.
لو افترضنا أن هذا الزوج فى خلاف مع زوجته وأنهما قد يتصالحان ويذهبا معاً فى نزهة أو مشوار ما، لماذا تمنعه خالته ؟
هل لعقاب الزوجة ؟
عقاب الزوجة ليس من واجباتها.
هل للضغط على الزوجة ؟
هى تضغط على إبن أختها نفس الضغط بل وأكثر.
ويعود هذا الزوج بعد ساعات وهو قالب وشه ويختلق الصراعات مع زوجته ثم ينتهى اليوم ويناما فى نكد، بينما الخالة الرخمة نائمة فى هدوء وسعيدة !!!
والقصص والحكايات لا تعد والأحاديث لا تكف وتساؤلات المتطفلين لا تتوقف !
من الغباء الشديد إدخال الناس فى حوارات ومشكلات الأزواج لا سيما الأهل، لأنهم ما يفسدون الأمور دائماً إلا من رحم الله !
لماذا لا نتركهم يتعاركون وينتهون ويتصالحون ولا نسمع منهم قصصاً ولا نصعد بينهم الأمور ؟
هو بيت رجل وامرأة بالمعنى المادى أما بالمعنى الروحانى فهو بيت رجل وامرأة وعائلاتهم وأصدقائهم وجيرانهم والسائرون فى الطريق، الجميع متواجد روحانياً !
القاعدة تقول أن العقل الباطن يسجل كل اللحظات التى يمر بها الشخص؛ فهذين الزوجين إلى أن تزوجا قد مرا بأوقات سعادة ولقاء وأحاديث لطيفة، من واجبها إستدعاء ذكريات جميلة ومعانى مريحة عند الحاجة إليها، فلو تشاجرا فى الفترة الأولى للزواج، فسيستدعى العقل الباطن لكل منهما ما لديه من سجلات عن الشخص الآخر، فسيجد ملفات اللقاء الأول والخطوبة وأحاديث الهاتف وأحاديث مريحة، فيساعده على مسامحة الطرف الآخر ولهذا يحدث فى الغالب أنه وبعد إنتهاء مشاجرة بين زوجين يذهبان فى نزهة أو يذهبان لإقامة علاقة حميمة لأنهم يتعاملان بما هو مسجل لديهما.
أما لو تعاملا بعقول الأهل لا سيما إن كانوا أغبياء ومن النوعيات التى تسبب الوقيعة وتكبير المشكلات، أو بعقول زملاء العمل أو الأصدقاء أو الجيران، فسجلاتهم عن الشخص مختلفة تماما عن الزوجين فستكون النتيجة ليست فى صالح أحد.
الجملة المفتاح لحل أى مشكلة بين زوجين أن نقول للشاكى ( إفتكر مزايا زوجك ( زوجتك ) و ( افتكر عيوبك ) !!
سمى الله إفساد ذات البين ( الحالقة ) لأنها تحلق الدين وتحلق الحسنات، ( عايزين نخاف من ربنا، ده احنا فى رحلة ) !