مقالات نورا عبد الفتاح

لم يتوصل العلم..

هناك العديد والعديد من المشكلات بين البشر بعضهم مع بعض، مشكلات فى العمل أو السكن أو مع الأقارب أو فى الشارع، كلها تنبع من قصور فى العلاقات، فتفسد العلاقات بعد أن تكون قد مرت بمراحل متتالية من سوء الظن وسوء الفهم ومحاولات للترميم وكر وفر وأحداث مخزية وغيرها، وينتهى الأمر بنهاية العلاقة أو فشلها حتى وإن إستمرت ( تستمر بفشل ).

وأسباب الوصول لهذه الدرجة من السوء سواء بالوصول للنهاية أو بالاستمرار الأعرج أو ( بالزق )  فهى عديدة ومديدة ولكن هناك سبب رئيسي قد لا نركز عليه ونضعه فى نصابه الصحيح كونه سبباً رئيسياً لتدمير العلاقات وهى أمر هام جداً للاستمرار فى الحياة فى مجتمع لمن لا يعلم !

ألا وهو الغباء؛ ( آه والله زى ما باقولك كدا )؛ فالغباء أحد أهم أسباب إفساد العلاقات الإنسانية إن لم يكن أهمها !

الشخص الذكى هو شخص يعلم أهمية علاقاته مع من حوله الأقربون والأبعدون، ويعلم أن تنميتها والاستثمار فيها شئ حيوى وضرورى لحياة سوية وعيشة هنية، وهو على علم تام أن بذل جهد ووقت وطاقة فى الحفاظ على العلاقات سيعود عليه بالنفع بشكل قد يكون أكبر من الذى يعود به على الأطراف الأخرى.

أما الغبى فهو من يرى علاقاته تفسد وبإجماع الآراء أنه السبب، وصلاته تتأثر للأسوء أو تنهار تدريجياً، وأنه يصبح خطوة بخطوة مرفوض اجتماعياً وغير مرحب بالاقتراب منه، ويترك كل هذا ينهار، فيترك العلاقات التى هى على وشك الانهيار تنهار والعلاقات التى أصابها الفتور تنهار والعلاقات التى ضعفت تنهار والعلاقات التى اهتزت تنهار، وهو يشاهد ولا يفعل شيئاً !
هل هذا من الذكاء فى شئ ؟
إنه محض غباء !

أليس غباء وسوء إدراك حقيقى وكامل أن يجد شخص أن دوره يتقلص فى حياة من حوله فلا يحاول إستعادة مكانته فى حياتهم مثلاً، حتى ولو على سبيل الكبرياء ؟

أليس غباء أن يفقد شخص علاقة واثنين وثلاثة فبدلاً من استعادتها، يقرر تركهم جميعاً والبحث عن علاقات جديدة إلى أن تفشل هى الأخرى ( وساعتها يبقى يحلها ربنا ) ؟
 
؟
قد يظن الناس فيه كذا وكذا ويتوقعون أسباباً فى خيالهم ويفترضون افتراضات ويتصورون تصورات، بينما الأمر كله أن هذا الشخص بمنتهى البساطة غبياً، ضيق الأفق، محدود الرؤية، عديم البصيرة، قليل الفهم، فاقد التمييز؛ لا يستطيع تحديد أولوياته وكيف يتمسك بهذه الأولويات ويحافظ عليها، وكيف يسترجع علاقات تزعزعت وعلاقات تصدعت وعلاقات تمزقت، قبل أن تنتهى جميعها وهو لا يبالى، ( ما هو غبى ) !

الذكى دائماً علاقاته ناجحة نافعة مستمرة تؤدى به إلى سمعة طيبة بشكل عام، أما الغبى فعلاقاته غير ناجحة غير نافعة غير مستمرة تؤدى إلى سمعة خبيثة بشكل عام، فلا تجد من يدافع عنه فى غير وجوده، لا تجد من يحرص على خدمته أو قضاء حاجاته، لا تجد أحداً متمسكاً بمعرفته لأنه ببساطة غير متمسكاً بأحد، وإن تمسك فهو تمسك غير دائم ( شوية وهيقلب كالعادة ) !

هذا الشخص بضيق فهمه لا يدرك أن الأطراف الأخرى ( مش طالبة معاهم غباوة خالص ) وأنه يساعدهم بشتى السبل لإفشال تعاملاتهم بلا أدنى درجة من درجات الندم بل ويسعدون بانتهاء علاقاتهم به أو حتى تراجعها وبقلة وعيه فهو فى كثير من الأحيان لا يلاحظ الانهيارات المتكررة فى علاقاته ومعاملاته من الأساس وحتى إن لاحظ فهو كما اتفقنا يشاهد ويتابع الانهيار التدريجى دون أى إجراء من شأنه إنقاذ أى منها.

فى حالات نادرة يستيقظ هذا الغبى على علاقة منهارة بعد تمام الانهيار ليعيش فى دور المنقذ ولكنه يجد الأطراف الأخرى فى الغالب غير مهيأة لأنهم كما قلنا ( مش ناقصين غبائه ) !
ولأنه غبياً ولا يرى آفاقاً ولا صورة كاملة قد يعيش فى دور الضحية أو الحائر الذى لا يدرى كيف وصلت الأمور فجأة إلى هذه النقطة، على الرغم من أن الوصول لهذه النقطة كان تدريجياً بل وبطيئاً ولكن فهمه كان أبطأ وأثقل !

يقولون أن الغبى لا يعانى من غبائه وإنما من حوله هم الذين يعانون؛ وهذا ما يحدث بالفعل مع (غبى العلاقات)؛يعذب من حوله بعلاقات ثقيلة على النفس ومملة ومرهقة ومستنزفة للطاقة والجهد، بينما هو لا يبالى !

• قال مارتن لوثر الكاهن والكاتب الألمانى الشهير جدا عن الغباء : “لا شىء فى العالم كله أخطر من الجهل الخالص والغباء المتعمد”.

• وقال الكاتب الروائى الفرنسى أناتول فرانس : “الغباء أخطر بكثير من الشر، فالشر يأخذ إجازة من حين لآخر أما الغباء فيستمر”.

• وتقول الشاعرة والكاتبة الإنجليزية إديث سيتول : ” أنا صبور على الغباء، لكن ليس على من يفاخرون بغبائهم”.

• ويقول الكاتب المسرحى الكوميدى أريستوفان  “الطيش يتم تجاوزه، الجهل يمكن تعليمه، لكن الغباء يستمر للأبد”.

السؤال :طب هنعمل معاه إيه ؟
الجواب : لم يتوصل العلم الحديث إلى حلول للتعامل مع هذه الكائنات، تماماً كما لم يتوصل إلى حلول مع الكائنات الفضائيةالمزعومة أو دودة الأرض المكتومة !

والله المستعان !

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى
error: يمنع النسخ من هذا الموقع