إلحقوا نفسكوا وإلحقوا اللى حواليكوا
إحنا لو حبينا نسمى الزمن اللى احنا فيه مسمى مناسب ومتفق مع الأحداث وأقرب ما يكون للواقع؛ مش هنلاقى حاجة أكثر تعبيرا عن الوضع من ( زمن الأمراض النفسية ).
العشر سنين اللى فاتوا نسب الإصابة بأمراض نفسية زادت بشكل رهيب وعمره ما حصل فى تاريخ البشر !
لكن احنا لأننا مش بندى المرض النفسى وضعه ولا النفس البشرية عموماً وضعها، فمش بنركز على معدلات الإصابة بالأمراض النفسية أو الاضطرابات النفسية أو الشخصية، إلا لما الموضوع بيزيد أوى ويبقى مأثر على المريض وعلى دراسته وعلى شغله وعلى اللى حواليه ويبقى الحل صعب والمرض تمكن وعلاجه صعب أو مالوش علاج !
ويروح لدكتور نفسى يديله أدوية يقعد أسابيع على ما يتأقلم عليها ويستمر عليها سنين ويوقفها فى شهور وأحيانا ميقدرش يوففها.
وكمان ساعات كتير مبتعملش التأثير المنتظر منها وبيبقى لاااازم ياخد جلسات علاج نفسى مع معالج نفسى والجلسات دى بتبقى تكلفتها عالية جدا فى الغالب ولازم علشان تعمل تأثير تكون بتتكرر لفترات طويلة علشان تقدر تشيل من دماغه الأفكار الغلط اللى عنده وتدخل البديل الصح.
وفى جميع الأحوال المسئولية الكبيرة فى العلاج بتقع على المريض نفسه، تخيل انت روحت لدكتور علشان يعالجك فراح قايلك إنت اللى هتعالج نفسك وهتقول للمرض لاء.
تخيل كدا لو روحت لدكتور علشان رجلك بتوجعك مثلا لدرجة بتخليك متقدرش تخرج من البيت زى أمراض نفسية كتير بتمنع صاحبها من الخروج أو بتصعبه عليه جدا؛ فيروح الدكتور قايلك أنا هاديك دواء هيخليك تخف 50 % وال50% الباقية عليك انت؛ انت بقى تعالى على نفسك وامشى بعصاية أو عكاز واعرج سنة أو سنتين أو حسب ما تتأقلم على الوجع وتبطل العكاز !!!
هو ده اللى بيحصل فى العلاج النفسى.
آه والله ده اللى بيحصل، اللى عنده اكتئاب وحاسس إن فيه جبل فوقه ومش قادر يقوم ولا يشتغل وبيعيط ليل ونهار الدكتور هيقوله ياخد أدوية بس مش هتعمل سحر، وهيقوله متستسلمش للاحساس بالحزن والتقل والعياط وتعالى على نفسك وقوم اشتغل وذاكر وعيش حياتك.
واللى عنده وسواس قهرى ومبيقدرش يكمل حاجة ومبيحسش بالراحة غير لما يعيد الشغل 18 مرة ويعيد الصلاة 10 مرات ويرتب حاجته 100 مرة ويغسل إيده طول الوقت، مبيستريحش غير كدا ولو معملش كدا بيفضل متوتر وقلقان وموده سئ جدا وممكن يعيط لو معادش الحاجة لحد ما يستريح ويشعر بالراحة اللى مبتجيش إلا بالتكرار، ده لما يروح لدكتور يقوله الكلام ده ويتصور إن الدكتور هيديله دواء ويخليه بيعمل كل حاجة مرة واحدة، يلاقى إن الحقيقة إن الدكتور هيديله دواء آه، بس مش هيخف بالدواء لوحده، ومش هيخف غير بمعالج نفسى يديله عشرات الجلسات ويقنعه هو والدكتور إنه لازم ميستسلمش للرغبة فى التكرار ولازم يعمل الحاجة مرة واحدة حتى لو جواه صوت بيلح عليه إنه يكرر أو يحسسه إن الحاجة ماتعملتش!
اللى عنده اضطراب هلع وحاسس طول الوقت بخوف وعنده شعور معظم اليوم انه بيموت وبيحس ان روحه بتتسحب منه، وانه فاقد السيطرة على نفسه تماما، يروح لدكتور بردو ويتصور ان الدكتور هيديله دواء ويخف، يلاقى الدكتور بيديله دواء وبيقوله لازم تصاحب الخوف وتتقبله وتعيش بيه وتحاول تتخلص منه لحد ما الأسباب اللى حوشته جواك تنتهى والكلام ده ممكن يستمر شهور أو سنين أو إنت وشطارتك !
ويبقى لازم يحضر جلسات علاج نفسى كتييير علشان يغير إدراكه لمخاوفه أو يحاول يتقبل الخوف اللى جواه ويعرف أسبابه القديمة اللى من أيام الطفولة.
يعنى فى كل الأحوال هو هيكون أو لا يكون؛ يا أما هيسترجل ويشرب بيريل حتى وهو مضطر ومش قادر يسترجل خالص، يا إما محدش هيقدر يعمل له حاجة !
الكلام ده كله أنا باقوله ليه ؟
باقوله علشان محدش يسيب نفسه ولا يسيب اللى حواليه يدخلوا فى دايرة المرض النفسى حتى لو على عتبة الدايرة، يعنى منسكتش لو لقينا نفسنا أو حد من اللى حوالينا موده بيتغير بطريقة مش مظبوطة أو بيخاف من فاكهة معينة أو أكل معين ( فيه ناس متقدرش تشوف موزة ولا تاكلها وفيه ناس بيجيلها أعراض عضوية صعبة جدا لو شافوا مانجاية بتتقطع قدامهم)، لو لقيتوا حد مش عايز يخرج ومش عايز يكلم حد، حد بيلبس لون معين ومبيغيروش غير نادراً، حد بيتوضأ 3 أو 4 مرات مش لازم نستنى لما نلاقيه بقى بينوضأ 30 مرة علشان نبدأ نمد له إيدينا، حد بينزعج بشكل زيادة من صوت معين فى العادى الناس بتتقبله … وهكذا !
المرض النفسى بيصعب حياة صاحبه جداااا وبيخلى كل حاجة ممكن تعدى سهلة وسريعة تعدى معاه صعبة وشاقة جدااا ومحدش حاسس بيه !
إلحقوا نفسكوا واللى حواليكوا من بدرى؛ كل اللى هيحتاجوه فى المراحل الأولى إننا نحسسهم إنهم مش لوحدهم وإنهم لو احتاجونا هيلاقونا واننا حاسين بمعاناتهم وحاسين إن كل حاجة سهلة فهى صعبة عليهم، ولو كانوا فعلا لسه فى الأول هنلحقهم ونخرجهم من جحيم المرض النفسى، لكن احنا فى الغالب مبنحاولش نلحقهم ولا فى الأول ولا حتى بعد ما يدخلوا فى المرض وبنكتفى بإننا نتفرج عليهم وهما عايشين حياة من كتر صعوبتها بيتمنوا إنها تخلص !