قصص مُعلّمة

قصة عن مكر النساء

يحكى أن رجلا دخل إلى السوق، فوجد غلاماً ينادي عليه للبيع، إشتري  الرجل الغلام وجاء به إلى منزله، وقال لزوجته استوصى به خيراً، قام الغلام مدة من الزمان عند الرجل وزوجته، فلما كان في بعض الأيام قال الرجل لزوجته أخرجي غدا الى البستان، واستمتعي وتنزهي،  فقالت له شكراً لك على كرمك يا زوجي، فلما سمع الغلام ذلك الكلام، فذهب إلى الطعام، وجهز في تلك الليله الشراب والفاكهة، ثم توجه الى البستان وجعل ذلك الطعام تحت شجرة، وجعل الشراب تحت شجره والفواكه تحت شجرة، في طريق زوجة سيده، فلما أصبح الصباح أمر الرجل الغلام، أن يتوجه مع سيدته إلى البستان، وأمر بما يحتاجون إليه من المأكل والمشرب والفواكه، ثم طلعت الجاريه وركبت فرساً والغلام معها، حتى وصلوا إلى ذلك البستان، فلما دخلوا نعق الغراب، فقال له الغلام صدق.
فقالت له سيدته هل أنت عرفت ما يقول الغراب ، فقال لها نعم يا سيدتي، فقالت له ما يقول قال لها،  يقول أن تحت هذه الشجرة طعاماً، فقالت له أراك تعرف لغات الطير، فقال لها نعم فتقدمت الجارية إلى تلك الشجرة، فوجدت طعام  تحت الشجرة، تعجبت منه غاية العجب، واعتقدت أنه يعرف لغات الطير،  فلما أكلوا ذلك الطعام  ذهبوا في البستان، فنعق الغراب من جديد، فقال له الغلام صدقت فقالت له سيدته أي شئ يقول ؟ ، قال لها يقول  يا سيدتى أن تحت الشجرة الفلانية، كوز ماء وخمر معتق،  فذهبت هي وإياه فوجد ذلك حقاً،  فتزايد عجبها وقعدت مع الغلام يشربان فى البستان، فنعق الغراب من جديد، فقال له الغلام صدقت،  فقالت له سيدته أى شيء يقول هذا الغراب ؟  قال يقول أن تحت الشجرة الأخرى فواكه، فذهب إلى تلك الشجرة،  فوجد الفواكه،  ثم مشى فى البستان فنعق الغراب من جديد، أخذ الغلام حجر ، ورماه به،  فقالت مالك تضربه،  وما الذي قال، قال  يا سيدتى إنه يقول كلاماً لا أقدر ان أقوله لك.

 قالت قل ولا تخاف منى أنا ما بيني وبينك شيء، صار يقول لا وهى تقول قل ثم أقسمت عليه، فقال لها أنه يقول لي أقتل سيدك وتزوج سيدتك، فلما سمعت كلامه ضحكت حتى استلقت على  ظهرها، واذا بسيده خلفه ينظر إليه، فناداه وقال له يا غلام مال سيدتك على الأرض تبكى ، قال يا سيدي وقعت من فوق شجرة، وقعت من فوق شجرة، فلما رأت الجارية زوجها فوق رأسها، قامت وهي تتوجع وتقول آه يا ظهري يا جنبى،  ثم أخذ زوجها يركبها الفرس، والغلام يركبها الثاني وهو يقول لها، الله  يعافيك ويشفيك.

عادت الزوجة مع زوجها وكان له إبن من زوجة أخرى، وقالت لزوجها بأن ابنه حاول مراوضتها عن نفسها وبكت فلما رأى الملك بكائها وهى عنده أعز جواريه  أمر بقتل ولده، فدخل الوزير، وقبل الأرض بين يديه وقال أعز الله تعال الملك،  إنى ناصحك  ومشيراً عليك بالتمهل في أمر ولدك، فإن الباطل باطل، ونور الحق يذهب ظلوم الباطل، واعلم أن مكر النساء عظيم وقد قال الله تعالى في كتابه، إن كيدهن عظيم وقد بلغني حديث امراه عملت مع أرباب الدولة، كيد ما سبقها بمثله أحد، قال الملك وكيف كان ذلك، قال الوزير بلغني أيها الملك.

أن امرأة من بنات التجار كان لها زوج كثير الأسفار، و في يوم سافر زوجها إلى بلاد بعيدة،  وأطال الغيبة فزاد عليها الحال، وكان لها غلام من أولاد التجار، وكانت تحبه حباً عظيماً، وفى بعض الأيام تنازع الغلام مع رجل فشكاه الرجل، إلى الوالى فسجنوه فبلغ الخبر زوجة التاجر، فطار عقلها عليه فقامت ولبست أفخر ملابسها، ومضت إلى منزل الوالى،، سلمت عليه ودفعت له ورقة، تذكر فيها أن الذى سجنت، وحبته وهو أخى فلان الذي تنازع معه فلان والجماعة الذين شهدوا عليه، قد شهد بإطلاق سجن وهو مصدوم وليس عنده  من يدخل على، ويقوم بحالي غيره وأسال من فضل مولانا إطلاقه من السجن.

فلما قرأ الوالي الورق نظري لها ولجمالها،  وقال لها ادخلي المنزل حتى أحضره بين يديك ثم أرسل إليك فتأخذه، فقالت له يا مولانا ليس لى أحد، وأنا امرأة غريبة، لا أقدر على دخول منزل أحد فقال لها لا أطلقه لك حتى تدخلي منزلي، فقالت له ان اردت ذلك فلابد ان تحضر عندي في منزلي تقعد وتستريح وتقضي نهارك كله  عندي، فقال لها أين منزلك فقالت له في الموضع الفلانى.

فخرجت من عنده فلما خرجت دخلت على قاضي البلده، وقالت له ياسيدي القاضي قال لها ماذا تريدين، قالت له انظر في أمرى وأجرك على الله، فقال لها من ظلمك  فقالت له يا سيدي أخى، وليس لي غيره وهو الذي كفلنى الخروج اليك، لأن الوالى حبسه وشهد عليه جماعة  بالباطل، إنه الظلم، وإنما أطلب منك أن تشفق عليه، فلما رأى منظرها قال لها ادخلى منزلي،  عند الجواري واستريحي ساعة، و نحن نرسل إلى الوالى أن يطلق سراحه، ولو كنا نعرف الدراهم التي عليه لدفعناها لأنك أعجبتنى من حسن كلامك، فقالت له إذا كنت أنت يا مولانا تفعل ذلك فلماذا تلوم غيرك ؟  فقال لها القاضي ان لم تدخلي منزلنا فلن أخرج إليه،  فقالت له إن أردت ذلك فعليك أن تشرفني في منزلي،  فقال لها القاضى وأين منزلك فقالت له الموقع الفلاني،  ووعدته على اليوم الذي واعدت فيه الولى، ثم خرجت من عند القاضي،  إلى منزل الوزير فرفعت إليه قصتها، وحكت قصة  أخيها وأنها تريد إخراجه من السجن، كلمها الوزير كما كلمها القاضي، وقال لها إن أرادت إخراج أخيها  تدخل بيته، فقالت له  تشرفني في منزلي.

فقال له أين ؟  فقالت له في الموضع الفلاني، ووعدته على ذلك اليوم  وخرجت من عنده الى ملك المدينة، ورفعت إليه القصة وسألت إطلاق سراح أخيها، فقال لها من حبسه قالت له خمسة ولكن لم أسمع الملك، طلب منها  أن تدخل القصر حتى تستريح معه، قالت يأتى الملك إلى منزلى يشرفنى، فوعدته اليوم الذي وعدت فيه غيره، وعرفتهم موضع منزلها ثم بعد ذلك خرجت  زوجة التاجر من عند الملك، فجاءت إلى رجل نجار، وقالت له أريد منك أن تصنع لى خزانة بأربع طبقات بعضها فوق بعض كل طبقه بباب أقفل عليها وأخبرنى بأجرتك، قال ثلاثة دنانير  ذهب، فإن وافقت بدخول منزلى لا  أريد ولا آخذ منك شيء،  فقالت له إن كان لا بد من ذلك  فاوافق ولكن، اصنع لي خزانة 5 طبقات !

 من كتاب الف ليلة وليلة.

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى
error: يمنع النسخ من هذا الموقع