علم نفس

حديث عن الشعور بالوحدة

يعدّ هذا الشعور عالميًا، إذ يمكن للأفراد جميعًا الإحساس بهِ، وهو شعورٌ ذو مقياس معقّد ومختلف من شخصٍ لآخر، تبعًا لعدم امتلاكه سببًا واحدًا، ومن هنا تنبثق أهمية إدراك أسباب الشعور بالوحدة.

فالأمر بالتأكيد مختلف بين طفلٍ يواجه صعوبة في اكتساب الأصدقاء، وبين رجلٍ توفّت للتوّ زوجتهُ على سبيل المثال.

وبالرغم من كون العديد من المراجع تعرّف الوحدة بحالةٍ من العزلة وبقاء الشخص لوحده، لكن الخبراء يشرطون التشخيص بها حين يغدو الشعور بالعزلة والانفراد مؤثرًا على الحالة العقلية.

ويصنّف الشخص كمصاب بها حين يشعر بالأمر لأكثر من مرّة في الأسبوع الواحد، كما يحسّ المصاب بأنه فارغٌ وغير مرغوبٍ بهِ، مما يصعب التواصل مع الآخرين.

وتتضمّن أسباب هذا الشعور :

العزلة الصحّية، الانتقال لبيتٍ جديدٍ، حدوث الطلاق أو موت أحد الأقرباء، كلها ظروف مصنّفة ضمن أسباب الشعور بالوحدة، بالإضافة إلى أن هذا الإحساس قد يكون عرضًا للإصابة بالاضطرابات النفسية كالاكتئاب مثلًا.

وقد ينبع هذا الشعور جرّاء عوامل داخليّةٍ، كقلّة الوعي بالذات واحترامها، بحيث إن الأشخاص قليلي الثقة بأنفسهم يتملكهم إيمان بقلّة استحقاقهم للاهتمام والتقدير من الآخرين، وقد يدفع هذا إلى تحويل الشعور ليصبح مزمنًا.

عمل الشخص من البيت فعمل الشخص من البيت يؤدي إلى صعوبة التحدّث عن أحواله وانعدام العلاقات التي تحمل معنى يُغني حياة الفرد، كلّها تدرج تحت أسباب الشعور بالوحدة، فقد يحسّ الشخص بكونه غير مقربٍ من أحد ما.


إدمان المواد الإباحية: فكلما زاد انغماس المرء في متابعة المواد الإباحية، أصبح أكثر وحدة.


كذلك التقدم في المراحل العمرية فإن أصدقاء الطفولة يصبحون أقلّ عددًا وتتلاشى الصلات بينهم، ثمّ يحلّ مكانهم الزملاءُ في العمل أو الدراسة، والذين يساندون بعضهم البعض في سبيل الوصول لأهدافهم، وتعدّ كثرة العلاقات التي تقوم بأدوارٍ وظيفيةٍ فعّالة ضمن البيئة المحيطة بالشخص، أي الفئة التي تحقق أهدافًا عملية أكثر مما تحققه على صعيد الشعور، فئةً لا تدفع المرء لتجنب الأمر، بل تصنف سببًا ضمن أسباب الشعور بالوحدة.

وفي إحدى الدراسات النرويجية، التي أجريت على أشخاص ضمن المرحلة العمرية ما بين 18-79 عامًا، تحدّث المختصّ عن أقل نسبٍ من الإحساس بالوحدة عندما يهنأ الشخص براحة البال والبهجة، أي حينما لا تزال الذكريات المتعلقة بخلو المرء من الهمّ حاضرة في ذهنهِ، كما إن اعتناء الشركاء بأولادهما أو اعتناءهما بوالديهم في حال الإعاقة أو المرض، يعدّ عاملًا مسببًا للاحباط والشعور بالوحدة، بالأخص حين يقارن الشخص التزاماته الحالية المُقَيّدَةَ لهُ مع الحرية التي كان يتمتع بها في وقتهِ أثناء رفقته للأصدقاء.

ويصل الإحساس بالوحدة أقاصيه في الخمسينات من العمر، إذ يبدأ المرء تفكيره بالوفاةِ، ووقوع نتائج غير مرضيةٍ على صعيد العلاقات.

ويبدأ الأمر بالحزنِ، استشعار الفراغ، وغياب أمرٍ مهم من مشهد الحياة اليومية عند قضاء الوقت مع الذات، وهنالك العديد من الأعراض التي تظهر الإصابة وبدء تحوّلها لمزمنة، وفي الآتي ذكرها:

النقص في طاقة الجسد. عدم القدرة على التركيز، والتّشوش. حدوث الأرق، مما يتقاطع مع النوم الصحّي. فقدان الشهية للطعام أو نقصها. شكّ المرء بنفسه، وشعوره بانقطاع الأمل. تصاعد ميل الإنسان للمرضِ. الشعور بالإجهاد وآلام الجسد. الشعور بالقلق والتوتر، بالإضافة لعدم الراحة للمصاب. ازدياد الميل للتسوّق ومشاهدة الأفلام.

ومما يجدى للسيطرة على هذا الشعور

1) التحدث إلى الأصدقاء والعائلة: خلصت دراسة إلى أن الروابط الاجتماعية ولقاء الأصدقاء والعائلة لا يحد من مخاطر الشعور بالوحدة فقط، بل يساعد على التعافي منها.

2) ممارسة الهوايات والاهتمامات المفضلة: عبر الانضمام إلى النوادي التي تنظم النشاطات الاجتماعية وتشكل طريقاً للتعرف على الناس وإنشاء علاقات اجتماعية.

3) العمل التطوعي: قد يكون مفيدا لما يمنحه من شعور بالقيمة والفائدة التي يقدمها، وفقا لدراسة نشرتها غارديان البريطانية تقول إن التطوع ساعتين أسبوعيا يقلل من الشعور بالوحدة.

4) التخفيف من قضاء الوقت على مواقع التواصل الاجتماعي: فقد قامت ميليسا هنت، من جامعة بنسلفانيا، بقياس استخدام وسائل التواصل الاجتماعي على طلاب تتراوح أعمارهم بين 18 و22 عاما، وأكدت أن “الاستخدام الأقل من المعتاد، يؤدي إلى انخفاض كبير في الشعور بالوحدة”.

5) تغيير طريقة التفكير: أثبتت دراسات أيضا أن تغيير طريقة التفكير قد يكون جوهريا في التعامل مع الوحدة بالتوقف عن المبالغة في التفكير السلبي، والتركيز على الأمور الإيجابية.

6) الاستمتاع بالوقت: فالاستمتاع بالوقت لا يقل أهمية عن النشاط الاجتماعي، فاشغل وقتك بهواياتك واهتماماتك وبالمتعة التي توفرها لك هذه الأشياء، ولا تربط سعادتك بالآخرين.

7) وجود حيوان أليف: وجود حيوان أليف في حياتك قد يؤنس وحدتك، ويساعد في الحد من خطر الموت المبكر، وخاصة لدى من يعيشون بمفردهم، لأنهم الأكثر عرضة لخطر الشعور بالوحدة القاتلة.

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى
error: يمنع النسخ من هذا الموقع